ثورةُ الحرية والاستقلال
عبدالسلام عبدالله الطالبي
ثورة الـ (21) من سبتمبر المجيدة والخالدة في ذاكرة الشعب اليمني هي بالفعل الثورة الناجحة والمتحرّرة من كُـلّ تبعات الوصاية التي ترافق كُـلّ الثورات.
ثورة شعبيّة بحتة استطاعت أن تخط بدماء شهدائها العظماء خطوط الحرية والاستقلال وتفتح أمام شعبها وصانعيها دروبًا من المجد وتصنع مواقفَ خالدة توجت بطرد الوصاية الأمريكية وتطهير يمن الإيمان والحكمة من كُـلّ براثن البغي والفجور.
ففي ظلها حَـلّ الأمن والأمان وعرف الشعب طريقَه وخلفَ مَن يتوجّـه، بل صار يترجم مسؤولياته إلى واقع معاش؛ فهو اليوم أكثر تعافياً من وضعه السابق رغم الحرب ورغم الحصار ورغم قطع المرتبات.
وبات أكثر اعتمادًا على نفسه من ذي قبل، بل بدأ متوجّـهًا نحو بناء نفسه وتطوير قدراته العسكرية والأمنية كأولوية قصوى؛ ليتمكّن من الدفاع عن نفسه، متوجّـهًا نحو البناء والتعليم والرقي في كُـلّ مجالاته، وكله ثقة بالله والقيادة الحكيمة أنه يتجه في الاتّجاه الصحيح، يدلل على ذلك ما بات يمتلكه من عناصر القوة التي أهَّلته للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم ومواجهته المباشرة مع طواغيت الأرض ليحرز نصرًا موفقًا أعاد له هيبته وشموخه.
كلّ ذلك كان بفضل الله وفضل نجاح الثورة الشعبيّة التي نعيش خيرها اليوم ونحتفي بحلول ذكراها العاشرة.
ثورة شعبيّة خرج للاحتفاء بذكراها أكثر من 60 ألف شخص من أفراد التعبئة العامة والحشد في ميدان السبعين وقدموا عرضًا مهيبًا نيابة عن القوة العسكرية والأمنية التي لا يجهل العدوّ والصديق ما قد وصلت إليه من القوة والبناء والتطوير.
ثورة شعبيّة جعلت من اليمنيين شعبًا مجاهدًا يعشق المواجهة والتصدي لقوى الاستكبار في الداخل والخارج، شعبًا يتسابق إلى ميادين الجهاد يعتز ويفخر بمن سبقوه من أبنائه الشهداء العظماء، شعباً يعتز بالدفاع عن دينه ووطنه وعزته وكرامته.
ثورة خلقت تحولًا ملحوظًا بما يحمله الشعب من التسليم والاستجابة لنداءات وخطابات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله ورعاه- الذي بدا حريصًا كُـلّ الحرص على بناء هذا الشعب بناءً إيمانيًّا متجذرًا في وعيه وصُلبًا في عوده ومُلِمًّا بمسؤولياته وواجباته من الكبير إلى الصغير والذكر والأنثى.
ثورة جعلت من الشعب اليمني شعبًا منتجًا وقادرًا على تطوير قدراته وصناعاته، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يقبل بالذل أو الارتهان يهتف بشعار البراءة من أئمة الكفر في كُـلّ محفل ومقيل ومدرسة وجامعة.
ثورة شعبيّة تبني ولا تهدم، تنتج ولا تستورد، تقاطع ولا تطبّع، تتحدى الصعاب وتجتاز كُـلّ العقبات والعراقيل رغم صعوبة الوضع الاقتصادي واستمرار الحصار.
ثورة تلوح بالنصر الأكبر الذي تتجلى معالمه من يوم إلى آخر، بل تحمل في طياتها بشائرَ فتح قادم على مستوى المنطقة مع ما يبدو من تخاذل وتنصل من قبل الكثير من الحكومات والزعامات العربية والإسلامية.
وما النصر إلا من عند الله، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.