ما وراءَ التصعيد الصهيوني الإجرامي في جنوب لبنان؟
المسيرة- محمد الكامل:
تجاوز العدوّ الإسرائيلي كُـلّ الخطوط الحمراء في عدوانه الغاشم على لبنان، مستهدفاً في المقام الأول المدنيين.
وبحسب وزارة الصحة اللبنانية، فقد بلغ عدد الشهداء حتى كتابة التقرير 274 شهيداً، وأكثر من ألف جريح، في حصيلة غير نهائية، حَيثُ من المتوقع أن يرتفع العدد.
ويأتي هذا العدوانُ الغاشم على جنوب لبنان بعد أَيَّـام من جرائمَ مماثلة، استهدفت المدنيين في حادثة ما يسمى بواقعة “البيجر” الثلاثاء الماضي، والاتصالات اللاسلكية، ثم العدوان على الضاحية الجنوبية في بيروت يوم الجمعة، وأسفر جميعها عن مئات الشهداء والجرحى.
ويعد هذا التصعيد الصهيوني تجاه لبنان هو الأكبر منذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من أُكتوبر تشرين الأول الماضي، حَيثُ كانت المواجهة تقتصر على الجانب العسكري؛ فمجاهدو حزب الله ومنذ دخولهم جبهة الإسناد مع غزة في الثامن من أُكتوبر تشرين الأول الماضي كانوا ولا يزالون يختارون المواقع العسكرية الصهيونية، في حين كان جيش الاحتلال يتحاشى استهداف المدنيين، لكن غارات اليوم على جنوب لبنان تشير إلى أن العدوّ الإسرائيلي يمضي في سيناريو ومخطّط جديد، يتجاوز كُـلّ القواعد، والخطوط الحمراء.
وكان جيش الاحتلال قد أعلن الأسبوع الماضي انتقال الثقل العسكري من جنوب فلسطين المحتلّة إلى الشمال؛ بغية تحقيق هدفه الأَسَاسي من هذا وهو إعادة النازحين الذين تم تهجيرهم من شمال فلسطين المحتلّة ويقدرون بالآلاف؛ بفعل ضربات حزب الله النوعية المساندة لفلسطين.
ويُفهم من خلال هذا التصعيد أن العدوّ يريد رسم معادلة النازحين بالنازحين؛ فالإيغال في قتل المدنيين في لبنان، قد يجبرهم كما يتصور العدوّ إلى الفرار من مناطقهم والنزوح؛ ليشكلوا بذلك ورقة ضغط على حزب الله، تجبره على التراجع وعدم مساندة غزة.
لكن حزب الله -وعبر خطاب لأمينه العام سماحة السيد حسن نصر الله- كان قد تحدى نتنياهو بإعادة النازحين الصهاينة إلى مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلّة، مؤكّـداً أن الحل في هذا يتمثل في وقف العدوان ورفع الحصار على قطاع غزة.
تحول كبير:
في السياق يؤكّـد نائب رئيس الوزراء في حكومة التغيير والبناء، العلامة محمد مفتاح، أن الشعب اليمني بروحه ودمه وسلاحه، وبكل ما يملك، مع الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، مُشيراً إلى أننا “لا نتحدث عن شجب، أَو بينان إدانة، أَو استنكار، بل نتحدث عن موقف عملي، ورد سيسمعه العالم ويراه في ميدان المواجهة”.
ويؤكّـد أن ما يجرى من تصعيد في جنوب لبنان، وفي لبنان بشكل عام، هو في الأَسَاس حرب شاملة، وأن الموقف يجب أن يكون قويًّا عن طريق التصعيد الكبير جِـدًّا.
ويلفت إلى أن العدوّ يتجه إلى التصعيد، وَإذَا لم يجد رداً حاسماً وموجعاً، فَــإنَّه سيرتكب جرائمَ أكثرَ، وحماقاتٍ كبيرةً جِـدًّا، مطالباً المقاومة أمام هذا التصعيد، بعدم التردّد، أَو مراعاة أية حسابات في عملية الرد، منوِّهًا إلى أنه لا يمكن التعويل على موقف الشعوب والأنظمة العربية، إلا إذَا قاموا بواجبهم في الضغط على حكوماتهم لاتِّخاذ مواقفَ حقيقية تجاه كُـلّ ما يحدث.
من جانبه يصف الخبير في الشؤون الاستراتيجية اللبناني، العميد عمر معربوني، استهداف لبنان بـ “التصعيد الدراماتيكي الخطير، وتحول كبير جِـدًّا وتاريخي”، مُعتبراً ذلك تطوراً ملفتاً في طبيعة العمليات، وأن الإسرائيلي بحماقاته يحاول أن يثبت أنه لا يزال قويًّا، في حين أنه يجر حزب الله إلى حرب ومواجهة كبيرة وواسعة.
ويعتقد أن الأمور تتجه إلى مستوى مختلف تماماً عن السابق، في ظل الانتهاكات والأعمال الإرهابية التي يصر عليها العدوّ الصهيوني، مؤكّـداً أن “إصرار العدوّ وتنفيذ هذه العملية بعد عملية تفجير الأجهزة اللاسلكية الإرهابية، يلزم المقاومة بالرد المماثل والمناسب”.
ويضيف أن العدوّ الإسرائيلي يسعى إلى توسيع المعركة من خلال هذه الأعمال الإرهابية، ويدفع المقاومة إلى بداية هذا الاتساع الكبير، وأنه يجب الاتصاف بالحكمة في التعامل مع هذه الاستفزازات، إلا أن الرد قادم لا محالة، وأن المسألة تبقى ضمن إطار الرد والاستهداف.
ويزيد: “الأيّام القادمة هي من ستكشف لنا المستوى الذي وصلت إليه المعركة بين المقاومة والعدوّ الإسرائيلي، مُضيفاً أن “الصبر قارب على النفاد، وأن المقاومة ستعمل على كُـلّ ما يلزم للرد على هذا العدوان”.
قرارٌ أمريكي يكسرُ قواعدَ الاشتباك:
بدوره يؤكّـد الخبير في الشؤون الاستراتيجية الدكتور، علي حمية، أن العدوَّ الإسرائيلي سيواصلُ العملَ على انتهاك القوانين، وقتل العدد الأكبر من المدنيين في لبنان، مُضيفاً أننا “ذاهبون إلى أبعد مما يتصور البعض؛ كون العدوّ الإسرائيلي لا يريد التهدئة، ولا فك الحصار عن غزة، ناهيك عن تماديه في عدوانه على لبنان”.
ويؤكّـد أن “المواجهة وقواعد الاشتباك انتهت، وأن العدوّ الإسرائيلي قام بأقصى ما لديه، من حَيثُ الغارات على لبنان ومن هجمات أمنية بمحاولة اغتيال 5 آلاف لبناني مدني وغير مدني، وهي الأخطر، ومن ثم معاودته العدوان عبر العمليات والطائرات الحربية”.
ويرى أن “الحربَ التي بدأت في التوسع، هي بقرار أمريكي، وتم إعداد العدة حتى قبل الـ7 من أُكتوبر، وأن تركيز العدوّ على الجبهة اللبنانية، وتدخله مع أية دولة من دول المقاومة، كله بأوامر أمريكية”، مؤكّـداً أن “الموضوع كله ممنهج ومدروس، وأن العدوّ في حالة جاهزية أكبر مما تم الإعلان عنه”.
ويؤكّـد أن “التحاق العدوّ إلى الحرب العسكرية، بعد الحرب الأمنية والإلكترونية هي الضربة القاضية النهاية الحتمية له”، مُشيراً إلى أن “العملاء والصهاينة العرب ممن يدعمون “إسرائيل” وبأوامرَ أمريكية لا يستطيعون مخالفتها، وأن نهايتهم قريبة كذلك، رغم كُـلّ الطعنات الغادرة بمساهمتهم في العدوان على غزة وعلى اليمن وعلى لبنان”.
ويجدِّدُ التأكيدَ على أن المعركة حامية، وأن الجبهاتِ ستشتعل، وأن لا خطوطَ حمراءَ في لبنان بعد اليوم، ولا أسقف وضوابط بعد هذا الاعتداء الغاشم.