رداً على العدوان الصهيوني على جنوب لبنان.. حزبُ الله يوسِّعُ مدى القصف إلى 120 كم
المسيرة | خاص
تشدّد الرقابةُ العسكرية الإسرائيلية على كافة المعلومات المتعلقة بالمعسكرات والمباني والمواقع العسكرية لسلطات الاحتلال التي طالها استهدافُ صواريخ حزب الله، وتفرض حصاراً على كافة قنوات التواصل والاتصال ووسائل الإعلام المختلفة العاملة داخل الأراضي المحتلّة.
ودائماً ما تتحدث بيانات جيش الاحتلال الإسرائيلي عن سقوط صواريخ في “مناطقَ مفتوحة” دون تحديد أماكنها بدقة، في إطار الرقابة العسكرية المفروضة على المعلومات المتعلقة بالمنشآت والأهداف الخَاصَّة بالجيش، التي تم استهدافها من قبل حزب الله، غير أن حجم وكثافة النيران وتوزيع مناطق الاستهداف بعثرت كُـلّ الترتيبات المعتمدة منذ بدء معركة الطوفان.
المقاومة تتفوَّقُ وصواريخُها تحقّقُ أهدافَها:
في السياق؛ وفي تفوقٍ جديدٍ على كُـلّ الترتيبات الصهيونية بدءً بالأجهزة الاستخبارية والمنظومات الدفاعية الجوية وانتهاء بتشديد الرقابة على كُـلّ ما ينشر أَو يبث من داخل الكيان، أمطرت المقاومة بالصواريخ مختلفة العيارات ثلث المساحة المأهولة في شمال وشمالي شرق فلسطين المحتلّة وُصُـولاً إلى عمق أكثر من 120 كم، شرقي “تل أبيب”.
وقصفت المقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله”، المقرّ الاحتياطي للفيلق الشمالي، وقاعدة تمركز احتياط فرقة “الجليل” ومخازنها اللوجستية في قاعدة “عميعاد”، ومُجمّعات الصناعات العسكرية لشركة “رفائيل” في منطقة ”زوفولون” شمال مدينة “حيفا” المحتلّة بعشرات الصواريخ.
وأعلنت المقاومة في بيانها، أن الاستهدافَ يأتي دعماً للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته، ورداً على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي التي طالت مناطق في الجنوب والبقاع في لبنان.
المتحدّث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أعلن عن سقوط صواريخ في منطقة “عميعاد” جنوبي “صفد” المحتلّة، ورصد عدة صواريخ سقطت في منطقة “الجليل الأسفل”.
وفيما قالت وسائل إعلام عبرية: إن “منازل أُصيبت بشكلٍ مباشر بصاروخ في مستوطنة “غفعات أفني” غربي بحيرة طبريا المحتلّة”، أشَارَت إلى أنباء أولية عن سقوط صاروخ على مصنع بشكلٍ مباشر غربي طبريا المحتلّة واندلاع النيران فيه، فيما أكّـدت سقوط صواريخ في منطقة “كاحال” قرب طبريا المحتلّة.
وأشَارَت إلى سقوط إصابات عند مفترق “غولاني” في الجليل الأسفل عقب سقوط صواريخ فيها، وأكّـدت شرطة الاحتلال الإسرائيلي سماع صفارات الإنذار في العديد من مستوطنات المنطقة الشمالية خلال الساعة الماضية.
ولفتت إلى أن صفارات الإنذار دوت في أكثر من 40 مغتصبة صهيونية، توزعت على “الجليل الغربي، الجليل الأعلى والأسفل، وجنبات بحيرة طبريا، وحيفا، وعكا، حتى شرقي تل أبيب”، وقالت لقناة 12 العبرية: إن “حزب الله يوسّع دائرة القصف، وصافرات إنذار تدوي لأول مرة في مستوطنات ومناطق جديدة”.
وأكّـد إعلام العدوّ، “سقوط صواريخ في منطقة “كريات طبعون” قرب “حيفا” وفي “الكرمل” وانفجارات عنيفة في “طبريا”، والمنطقة الصناعية في يكنعام”.
من جانبها؛ قالت بيات المقاومة: “قام مجاهدو المقاومة الإسلامية بقصف المخازن الرئيسية التابعة للمنطقة الشمالية في قاعدة نيمرا بعشرات الصواريخ ردًا على اعتداءات العدوّ الإسرائيلي التي طالت مناطق الجنوب والبقاع”.
وقالت في بيان آخر: “قام مجاهدو المقاومة الإسلامية بقصف مقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة “يوآف” بعشرات الصواريخ ردًا على اعتداءات العدوّ الإسرائيلي التي طالت مناطق الجنوب والبقاع”.
من جهتها قالت “نجمة داوود الحمراء” الصهيونية: إن “فرقنا خرجت للبحث في الأماكن التي تلقت فيها تقارير عن سقوط صواريخ شمال حيفا”، وأشَارَت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن رشقة صاروخية بعيدة المدى من لبنان تجاه الوسط، وأن “صفارات الإنذار في المستوطنات الواقعة شرق تل أبيب”.
إذاعة الجيش الإسرائيلي أكّـدت بدورها، سقوط صاروخ بشكلٍ مباشر على سيارة في “عكا”، وأن صفارات الإنذار دوت في عدة مستوطنات إسرائيلية و”رأس العين” شمال غربي الضفة الغربية المحتلّة.
وبينت أنهُ تم تفعيل صفارات الإنذار في مناطق قريبة من مطار “بن غوريون”، وفي منطقة “هشارون” في “تل أبيب الكبرى”، مؤكّـدةً بالقول: إن “حزب الله يوسع مدى القصف إلى 120 كم”، عقب دوي صفارات الإنذار في مغتصبات الضفة الغربية الواقعة شرق “تل أبيب”.
تصعيد إسرائيلي بضوءٍ أخضرَ أمريكي:
في هذا الإطار؛ كشفت تقارير إسرائيلية، الاثنين، أن “الجيش سيبدأ هجوماً واسعاً وقويًّا في كُـلّ أنحاء لبنان خلال ساعات”، ونقلت القناة 12 العبرية عن مصدر سياسي إسرائيلي القول: إن “هدفنا تغيير ميزان القوى بالشمال وإجبار حزب الله على الانسحاب من الحدود”.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية نقلاً عن مصدر أمني القول: إن “سلاح الجو سيبدأ هجمات واسعة وقوية في كُـلّ أنحاء لبنان خلال ساعات الظهيرة الباكرة”، مشيرةً إلى أن “رد حزب الله قد يشمل توسيع نطاق دائرة استهدافاته في إسرائيل”.
من جانبه قال وزير الحرب الصهيوني “يوآف غالانت” لقناة 12 الإسرائيلية: إن “هذه مرحلة جديدة في القتال وعلينا إظهار رباطة جأش بالأيّام المقبلة”.
وصباح الاثنين، جدد جيش الاحتلال الإسرائيلي، هجماته على مناطق جنوبي لبنان، وقالت تقارير صحفية: إن “الطيران الإسرائيلي شن غارات على مناطق متعددة في جنوب لبنان، شملت جبل الريحان، وأطراف البرج الشمالي، وزبقين، وأطراف القاسمية، وزبقين، وأطراف كفر رمان، ومناطق في البقاع الشمالي”.
وأعلن جيش الاحتلال، قصف 300 هدف لحزب الله اللبناني، وحذر سكان الجنوب والبقاع من البقاء، جاء ذلك في مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش “دانيال هاغاري”، أشار فيه إلى بدء موجة ثالثة من القصف على مقرات لحزب الله في جنوب لبنان.
من جانبها؛ أكّـدت وسائل إعلام لبنانية، ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى 325 والجرحى إلى نحو 1200، منذ صباح الاثنين.
وعلى وقع تسارع هذه الأحداث أكّـدت وزارة الحرب الأمريكية “البنتاغون”، أنها “نواصل التشاور مع إسرائيل وآخرين في المنطقة لتلافي اندلاع نزاع إقليمي أوسع، واندلاع صراع إقليمي أوسع محتمل في ضوء التوترات والتصعيد بين إسرائيل وحزب الله”، مشيرةً إلى أنهُ “نقوم بإرسال عدد قليل من القوات إلى الشرق الأوسط في ضوء التوترات الحالية”.
واعترفت “البنتاغون” بأن “الإسرائيليين بعثوا لنا إشارات عن عزمهم شن عمليات في لبنان ولكن بدون توفير تفاصيل”، مؤكّـدةً أن واشنطن، “تواصل توفير مساعدات أمنية لإسرائيل لتتمكّن من الدفاع عن نفسها”، لافتةً، إلى أنه “ينبغي استخدام الدبلوماسية للتعامل مع التوترات وإعادة السكان لجانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية”.
وفي وقتٍ سابق، قرّر جيش الاحتلال في الـ18 من سبتمبر الجاري، نقل “الفرقة 98” إلى شمالي فلسطين المحتلّة، لتكون في صلب القوات التي تواجه المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله.
وعلق المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية “عاموس هرئيل” حول القرار بالقول: “طالما لم يعلن عن تجنيد فوري وواسع لقوات الاحتياط، يبدو هذا الإجراء تعزيزًا للدفاعات وربما رسالة للسيد نصر الله أكثر مما يبدو استعدادًا لإطلاق اجتياح بري في لبنان”.
في السياق أفادت تقارير ميدانية بأن حزب الله بدأ استعداداته للحرب مع “إسرائيل”، على خلفية التصعيد الإسرائيلي الأخير، وقام بإعادة انتشار قواته نحو الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلّة منذ وقتٍ مبكر.
ورأى مراقبون أن الحرب الجديدة ستختلف عن سابقاتها، فالمواقف التي يتخذها حزب الله في جزء الجولان الخاضع لسيطرة الحكومة السورية ستتيح له فتح جبهة ثانية ضد الكيان، ناهيك عن جبهات الإسناد من اليمن والعراق وإيران، والتي لن تلتزم عند اندلاع شرارة المعركة بأية خطوطٍ حمراء.
معادلاتُ الردع وتثبيت قواعد الاشتباك:
في هذا السياق، أشَارَت وسائل إعلام عبرية إلى رصد نحو 300 صاروخ منذ صباح الاثنين، تم إطلاقها من لبنان على مواقع متفرقة داخل الأراضي المحتلّة.
وعلى الرغم من الكثافة النارية لرد المقاومة اللبنانية، يشير كثير من المحللين والخبراء العسكريين إلى أن حزب الله لا يزال يحتفظ بمعادلة الردع المعلنة بقصف “تل أبيب” مقابل استهداف “ضاحية بيروت” اللبنانية؛ بسَببِ حساباته الخَاصَّة، كما أنه لم يضرب “معامل الأمونيا في حيفا” للأسباب ذاتها.
وبحسب الخبراء، فَــإنَّ المقاومة تحتفظ بمعادلتها المعلنة في ظل ضعف ومراوغة الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس “جو بايدن”، ورغبة رئيس وزراء الكيان “نتنياهو” في خلط الأوراق وإشعال الإقليم؛ هروباً منه إلى الأمام للتنصل عن الكثير من التبعات والالتزامات أمام الشارع الإسرائيلي، تيمناً منه عودة “ترامب” إلى رأس هرم السلطة في واشنطن.
في السياق، حذرت وسائل إعلام أمريكية من تجاوز قواعد الاشتباك، وقالت: إن “مسؤولين أمريكيين حذروا إسرائيل من أن سقوط عدد كبير من المدنيين سيدفع حزب الله لزيادة هجماته”، وأن “مساعدي بايدن يرون أن التصعيد بلبنان خطير وحقيقي ويتواصلون مع مسؤولين إسرائيليين”.
بدوره جدد “اليونيفيل” التحذير من اندلاع حربٍ كبرى، وقال في بيان: “يجب إعادة الالتزام الكامل بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701″، كما كرّر، “الدعوة للتوصل إلى حَـلّ دبلوماسي”، “ونحث كُـلّ الأطراف على إعطاء الأولوية لحياة المدنيين”.
في السياق، اعتبر مراقبون أن قصف قاعدة مطار “رامات ديفيد” شمالي حيفا، والتي هدّد وزير الحرب “يوآف غالانت” حزب الله منها، حمل رسالة رمزية، مفادها أن حزب الله لا يرغب بتصعيدٍ يفضي لحربٍ برية موسَّعة لكنه يريد إبقاء معادلة توازن الردع، ويلزم حكومة الكيان عدم تخطي قواعد الاشتباك المرسومة من قبله، وعدم الالتزام سيفضي إلى انفجار عارم.
لافتين إلى أن فيديوهات “الهدهد”؛ والتي بثها حزب الله كانت قد حدّدت بنكَ الأهداف وانقسمت إلى “أهداف استراتيجية تتضمن مراكز ثقل”، وأُخرى “حاسمة تمتلك قيمة تعبوية”، وبعثت رسائلَ مفادُها “نستطيع الوصول إلى كافة القواعد والمنشآت التي صورناها سابقا”، وهي أهداف ترقى لمرتبة أعلى من تلك الأهداف الحاسمة مثل “معامل الأمونيا في حيفا”، حَيثُ تخطتها صواريخ حزب الله ولم تستهدفها.