ثورةُ الـ 21 من سبتمبر تكملُ عقدَها الأول فاضحةً أعداءَ الأُمَّــة وأعداءَها
عبدالقوي السباعي
تأتي الذكرى العاشرة لثورة الـ21 من سبتمبر المباركة، متخطيةً لكل المحاولات اليائسة والبائسة لقوى الهيمنة والاستكبار الدولية والإقليمية، وأدواتها المحلية، وسعيها الحثيث للقضاء عليها وتشويه مسارها وطهر أهدافها ونبل مبادئها.
هذه الثورة التي حملت الحرية والاستقلال هدفاً، وقطعت دابر الخيانة والعمالة، ونفضت غبار التبعية والانبطاح عن الأرض اليمنية، وحرّرت القرار الوطني من الاستحواذ الأجنبي وإلى الأبد، وهي تكمل عقدها الأول، ونحتفي في عيدها العاشر ماضيةٌ لتحقيق كامل أهدافها بكل ثقةٍ وعزيمة، وبكل جدارةٍ واقتدار.
هذه الثورة، وعلى الرغم ممّا تواجه من الاستهداف، ومن التحديات، ومن الصعوبات، ومن المؤامرات والدسائس، والتي لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تُؤثر على حيويتها وديمومتها، إن لم تزدها قوةً وصلابةً ومنعة.
والمتأمل المنصف سيلاحظ ومنذُ أن بدأ العدوان على اليمن في مارس 2015م حتى اليوم، ما زالت تلك الأبواق المشروخة والفعاليات المأزومة، تنعق بالبؤس والخراب، تهذي بالترهات والأباطيل العقيمة التي لا يقبلها عاقل ولا تنطلي على واعٍ، وظلت قوى العدوان تراوح بين الحزم والأمل، بين التحرير والمقاومة، بين الوعود الكاذبة والآمال الزائفة، بزعم عناوين دعمها لشرعية حكومة فنادقها، ودعمها للجمهورية والجمهوريين وإنهاء التمرد والانقلاب والملكية والملكيين، والكثير من العناوين والمبرّرات، التي جعلتها شماعةً لنشر غسيلها القذر، على مدى عشر سنواتٍ مضت.
هُنا يجدر بي أن أقول: والتاريخ يقول: وخبرات الحياة تقول:
كيف لأنظمة راديكاليةٍ ملكيةٍ رجعية كالسعوديّة والإمارات، وهي التي لا تمتلك إلّا مفاهيم القمع والتسلط والاستحواذ، أن تدعمَ وأن تقاتلَ باسم الثورة والحرية، باسم الجمهورية والديمقراطية، وهي التي لا تمتلك أدنى مؤشراتٍ لتلك المفاهيم في مجتمعاتها وبلدانها؟!..
كيف لأنظمة تقيّحت غِلاًّ وحقداً على اليمن (الأرض والإنسان) وعبر مراحلَ تاريخيةٍ مختلفة ليست عنكم ببعيد، عن أنظمة تعمل وفق وصية جدهم المؤسّس بشأن اليمن!، أن تعملَ على أمنهِ واستقراره، أن تسعى إلى تحقيق رفعته وتطوره، أن ترجو عزته وكرامته؟!..
كيف لأنظمة إمبرياليةٍ اتّضحت صناعتها وعمالتها وانبطاحها وولائها لقوى الهيمنة والاستكبار العالمية (الصهيوأمريكية)، وتكشفت سوءاتها في خيانتها المتكرّرة وتطبيعاتها المخزية، ومتاجرتها الدائمة بقضايا الأُمَّــة العربية والإسلامية، بل واتّضح تنصلها حتى عن دينها ومقدساتها وثوابت شعوبها، أن تأتي برداء المحرّر المقاوم، وبدعوى رفضها للهيمنة والاحتلال..؟!
كيف لأنظمة وأدوات متخمة بالعمالة والتبعية، متقيحة بالخيانة والخسة والانحطاط أن تقدم شيئاً لشعوبها المحكومة بالحديد والنار، ناهيك عمّا يمكن أن تقدمهُ لليمن وشعبه؟!
كيف لأنظمة كاذبة ظالمة، لا يثق بها حتى أقربُ المقربين لها، فيما تحاول عبثاً جعل شعبنا يصدق مبرّراتها، ويثق بإجراءاتها الغادرة وبرامجها المشبوهة، ودعمها الشخوص والفعاليات اللصيقة بها ممّن يلتصقون باليمنية زوراً وبهتاناً، بمختلف شرائحهم وتكويناتهم المنبوذة خارج إطار التاريخ اليمني الناصع، ليس على خلفية خيانتهم للأرض والأمَّة اليمنية فحسب؛ بل كونهم مُجَـرّد مخلفات نتنة من نفايات السياسات المتراكمة السابقة، والمتجذرة فساداً وإفساداً، والمنحدرة إلى مستنقع الارتزاق والانبطاح للخارج تبعيةً وارتهاناً..؟!
كيف لأنظمة ملكيةٍ رجعيةٍ سلاليةٍ عائليةٍ أصلاً، أن تأتي بدعوى دفاعها عن نظامٍ جمهوري، وأن تقف ضد ثورةٍ تدعي أنها ملكيةٍ سلالية؟، وكيف لأذنابها من الخونة والمنافقين أن يستمروا بالنباح والعويل وذرف دموع التماسيح على جمهوريتهم المزعومة..؟!، رغم يقينهم بأن هذه الممالك هي من حاربت ثورة وجمهورية الـ26 من سبتمبر والـ14 من أُكتوبر منذ العام 1962م، وهي من استهدفت الثوار قتلاً وسحلاً، هي من حاولت إجهاضها في مهدها، وبترت أهدافها وأفرغت مبادئها من مضامينها الثورية، هي من استحوذت عليها، ودفعت مرتبات تابعيها عبر اللجنة السعوديّة الخَاصَّة، على مدى عصرٍ من الزمن.
كيف لأنظمة راديكاليةٍ رجعية، بكل أدواتها وأذنابها، وهي تقف ضد كُـلّ ثورةٍ وإنجاز وكُلّ تحولٍ وطني إيجابي، تدرك تماماً أن كُـلّ يمني حر، بات يعرف اليوم حقيقة من يرفع رايةَ وشعارَ الثورة والجمهورية خفاقاً، ومن يدوسها ويحرقها ويستبدلها برايات وشعارات السعوديّة والإمارات وتركيا وأمريكا وداعش وبلاك ووتر..؟!
الآن وقد أصبح الجميع يُدرك حقيقة من يصدر قراراته السيادية الحرة من القصر الجمهوري في صنعاء، ومن يتلقاها مطبوعة من قصر اليمامة بالرياض أَو قصر الوطن بأبو ظبي.
حقيقة من يحافظ على وحدة الأرض والإنسان، ومن يسعى إلى التشطير والأقلمة والتشظي وزرع بذور الحقد والكراهية، وخلخلة النسيج الاجتماعي للشعب اليمني الواحد الموحد.
حقيقة من يقاوم المحتلّ ويصدُّ الغزاةَ المعتدين ويحافظ على السيادة والكرامة، ومن يستجلب الغزاةَ والمحتلّين متنازلاً عن أرضهِ ومتاجراً بكرامتهِ وكرامة شعبه.
حقيقة من يقاتل في سبيل مشروعٍ ديني ووطني وقومي وأخلاقي، ومن يقاتل؛ مِن أجلِ مشاريع وأطماع قوى العدوان ومن ورائهم قوى الهيمنة والاستغلال والاستكبار العالمي المتمثل بالصهيونية الأمريكية.
حقيقةَ من يصون الثورة اليمنية ويصوّب مساراتها نحو عزة وكرامة الشعب اليمني، من يحمي الجمهورية ويرسي دعائمها نحو تلمس آفاق المستقبل بحرية واستقلال، وحقيقة من ينقلب عليها ويخون تضحيات ودماء أبطالها وشهدائها، من يسعى إلى طمس مبادئها وأهدافها ومسخ هُــوِيَّتها اليمنية الإيمانية الجامعة.
لقد أصبح الجميع يدرك تماماً أن من يقف ضد ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة منذُ العام 2014م؛ ضد أبطالها وأحرارها وثوارها وقادتها، هو نفسه من يقف اليوم ضد الوطن والشعب اليمني شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، هو نفسه من يقف في خندق الأعداء مستهدفاً أبناء أمته في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا، فهل آن لهم أن يستفيقوا من غفلتهم هذه، وآن لكل من يسمع لهم أن يستوعب فداحة ما هم عليه من ضلال.