والعاقبةُ للمتقين
زياد الحداء
((إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأرض وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أبناءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْـمُفْسِدِينَ))، عندما نتذكر كلام وزير حرب الكيان الغاصب في بداية الحرب حينما ظهر للعلن متبجحا بنفسه مغتراً بقوته وراكنًا إلى قوة أمريكا ليقول: “لقد وجهت بمنع الغذاء والدواء والماء والكهرباء عن غزة…”، في حالة تدل على مدى الثقة بالنفس والركون إلى ما يملك من إمْكَانيات ومعتمدًا على ضعف إمْكَانيات الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره كذلك يدل على حالة البغي والطغيان التي يعيشها اليهود.
هذا أَيْـضاً يعكس مدى الإجرام الذي تحمله النفسية اليهودية وكراهية الآخر والحقد الشديد عليه، بقدر ما يوضح أَيْـضاً للإنسان صورة عن العالم الذي نعيش فيه والذي ارضعته أمريكا المذلة وربته على عصا طاعتها وعلمته ارتداء اقنعة النفاق والعمالة والمحاباة.
ولكن ليكن ذلك؛ ليكن العالم بكله معهم وليسكت عنهم ويتآمر ويغض الطرف فالعاقبة في الأخير هي بيد الله وحده وهو من لا يترك ولا يخذل من تمسك به، هو من ينصر ويؤيد واليوم ما يحدث يؤكّـد هذا الكلام فبعد ما يقرب من العام على مرور هذا المشهد وتلك الكلمات أصبح ذلك الوزير في حالة الفعل الماضي؛ بسَببِ فشله الواضح أمام العالم بأكمله وأصبح الكيان بأكمله على شفا حفرة من الزوال، وفي فترة بسيطة جِـدًّا تغير الحال من ذلك الكبر والغرور والتباهي بالقوة المطلقة التي لا يجرؤ العالم بكله أمامها. فقد شاهد الجميع الصهاينة منبطحين في الشوارع تعلوهم حالة من الفزع والخوف أمام صاروخ واحد قادم من اليمن.
في تلك الأيّام كان العالم يقف متطلعا لكلام الصهاينة وينتظرون مَا الذي سيقولونه والذي سيقرّرونه بشأن أي حدث أَو طارئ وكأن العالم مصيره مرتبط ببضع كلمات ينطقها أحد أُولئك المجرمين، واليوم يقف العالم بكله منتظرًا لبيان القوات المسلحة اليمنية بعدما حصل، ومع كُـلّ خطاب يأتي من قيادات المحور يقف العالم وقفة بتركيز شديد ويفكر ويحلل كُـلّ كلمة يُنطق بها.
الواقع اليوم بكل ما فيه من مؤشرات يدل على أن نهاية الكيان اقتربت وأن العالم أمام تغيرات كبرى في موازين القوى. وأما الأفضل في كُـلّ هذا أن التغيرات في مجملها العام لصالح أمتنا الإسلامية فهي الآن من يصنع هذا التحول -وإن كان الكثير منها لا يزال في سبات عميق وهذا موضوع آخر- لكن المحور اليوم يقلب موازين القوة في العالم لصالح الأُمَّــة الإسلامية.
والأغرب في كُـلّ هذا بالنسبة للمتفرج هو كمية التسارع في الأحداث بشكل عجيب وملفت جِـدًّا؛ فهذا اليمن في فترة قصيرة يصنع معجزة كبرى وينتج الصواريخ الفرط صوتية في فترة لا تذكر وهو ما يزال في حالة حرب وحصار مفروض على مدى عشرة أعوام في حين أن المعروف هو أن هذه التقنيات تحتاج إلى سنوات طويلة للعمل عليها وسنوات أُخرى للتجارب وقد اخفقت أمريكا ٤ مرات في تجربة إطلاق هذا النوع من الصواريخ في حين أن اليمن يفعِّل تجاربه الأولى على رأس الكيان مباشرة وهو ما يخيفهم ويزعجهم جِـدًّا خَاصَّة أن هناك يوجد تطور في الجانب العسكري ملفت وقد رأينا مؤخّراً أقوى مُسيّرات أمريكا الهجومية تتساقط كالبعوض في سماء اليمن ولا بُـدَّ انهم الآن يفكرون كيف سيكون حال مقاتلاتهم الحربية في المستقبل كونها آخر ورقة يمتلكونها؛ أما الأجمل من هذا كله فهو ما تخبئه قادم الأيّام.
اليوم الكيان غريق فعلًا في بحر قوة الله وبأسه المتمثلة بالمحور المجاهد فبينما ينهمك العدوّ بالتفكير كيف حصلت له صفعة ما وكيف يرد عليها ما يلبث أن يلتفت على أُخرى أكبر وأشد منها ولم يعد يدري مع من يتعامل.
فما بين ٧ أُكتوبر ٢٣ وَ٧ أُكتوبر ٢٤ تغير وجه العالم القبيح والمعهود على مدى عقود. ويبقى كيان العدوّ تحت الانظار فبعد حالة الزهو بالقوة المفرطة والثقة بالاستمرار بالتسلط على أُمَّـة محمد وظلم أبنائها ونهب ثرواتهم وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني المغلوب على امره أصبح الحال متبدل تماماً. فبالأمس كان العالم يناقش مسألة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والنقب واليوم العالم يدرس مسألة إمْكَانية بقاء اليهود المغتصبين ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامان وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)) فما بين الآيات في بداية المقالة ونهايتها كلام لا يفهم الكثير معناه…، والعاقبة للمتقين.