حقائق حول ثورة 26 سبتمبر لعام 1962م
عبدالإله حجر
بحكم معاصرتي لثورة ٢٦ سبتمبر ومعايشتي لها ولقاءاتي مع بعض من رموزها، وعلى سبيل المثال المشير عبد الله السلال واللواء حمود الجايفي واللواء عبد الله الضبي، وبعض من رموز من كان يعد من الملكيين، أعتقد أن الثورة حازت في بدايتها على تأييد واسع على المستوى النخبوي والشعبي -على مقياس ذلك الزمن- وتغير ذلك التأييد والتعاطف بشكل كبير بعد الممارسات اللاإنسانية وَاللاأخلاقية من بعض من حسب من رجالات الثورة المتمثل في سوء السلوك والقتل والتعذيب لأبرياء بدون محاكمات أَو بمحاكمات هزلية، ثم ما تبعها من تدخل مصري سافر بحجّـة علنية وهي الدفاع عن الثورة وغرض خفي هو استهداف النظام الملكي في السعوديّة، والذي سرعان ما تحَرّك لاجتذاب اليمنيين الناقمين من أخطاء بعض الثوار وتسليحهم وتمويلهم لحرب دامت مع القوات الجمهورية قرابة السبع سنوات راح ضحيتها قتلاً وجرحاً عشرات الآلاف من اليمنيين من الجانبين ومن القوات المصرية، وخلال ذلك النفوذ المصري سُلبت اليمن السيادة بالقوة إلى حَــدّ احتجاز حكومة الأُستاذ أحمد النعمان كاملة وآخرين ومنهم إبراهيم الحمدي في عام 1966 لأكثر من تسعة أشهر قضوا بعضها في زنزانات السجن الحربي في مصر، وعندما انسحبت القوات المصرية من اليمن وشهدت اليمن مصالحة وطنية كانت بداية لنفوذ سعوديّ متغلغل في جميع أجهزة الدولة بفعل إنشاء صندوق في مكتب شؤون اليمن في وزارة الدفاع السعوديّة لقائمة كبيرة من المشايخ والمسؤولين والضباط يمنحون مبالغ مالية شهرية كبيرة -يبدو أنها لا تزال حتى الآن- وبموجب هذه السياسة انتزعت السيادة من اليمن واتُبعت سياسة الهيمنة والنفوذ وعدم السماح بنهضة تنموية أَدَّت إلى أن تصبح اليمن من الدول الأكثر فقراً في العالم ومن الدول الأقل نمواً رغم امتلاكها أكبر مورد في الجزيرة العربية وهو المورد البشري فضلاً عن الموارد الزراعية والسمكية والنفطية والغازية والمعدنية، كانت للثورة ستة أهداف وطنية إلا أن تاريخ التدخلات الأجنبية والتبعية حال دون تحقيقها.
هذا ومن دواعي الـسخرية أن يأتي اليوم من يدَّعي زوراً وبهتاناً أنه المتصدر على حماية ثورة ٢٦ سبتمبر ومن يذود عنها ومُستمرّ في رفع علمها الجمهوري من مكان إقامته الحالية منذ أكثر من تسع سنوات في فنادق عاصمة المملكة التي حاربت الجمهورية وأغرقت شعبها في حروب واعتداءات وتدخلات حتى يومنا هذا، فارضة في علاقتها مع بلادنا حالة اللاحرب واللا سلم..!!