أمينُ حزب الله يلحقُ بركاب الشهداء
أم المختار مهدي
قال تعالى: (مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)، اليوم الأُمَّــة العربية والإسلامية تنعي أحد قادة الجهاد والمقاومة شهيدًا على طريق القدس، بعد جهادٍ قضى فيه من عمره أكثر من ثلاثين عاماً، السيد حسن نصر الله، بعدما بنى كادرًا صارع الكيان الإسرائيلي وأثخن فيه الجراح.
قاد أحد أطراف دول محور المقاومة، كما كان له دور بارز وكبير في الوحدة الإسلامية والتلاحم في سبيل الله وفي مواجهة الصهاينة ومن أجل تحرير المقدسات الإسلامية.
لا يخفى على أحد مواقفه المشرفة وبصماته العظيمة الخالدة في تاريخ المقاومة الإسلامية وجهاده المقدس والعظيم منذ شبابه حتى آخر يوم من حياته، بل العدوّ يعرفه قبل الصديق، ويعرف من هو رعب الكيان الإسرائيلي والقوة المزلزلة له والكابوس المخيف الذي أرَّق عيشه لأكثر من ثلاثين عاماً.
السيد حسن نصر الله، نال ما تمناه وما يليق بعظيم جهاده ومكانته عند الله تعالى، وفاز بالشهادة، وسام الله العظيم لأوليائه عزيزًا، كريمًا، مجاهدًا، مستبسلًا، مضحيًا، لم يخف في الله لومة لائم، ولا جيش العدوّ وإمْكَاناته الضخمة، بل كان يكرّر كلامه في الثبات على موقفه مقتديًا بجده الحسين عليه السلام، صدع بالحق في زمن السكوت، وجاهد في زمن الاستسلام، وبنى مقاومة عظيمة قوية في زمن اليأس من المقاومة، وبعد هذه الأعمال العظيمة، التي عزَّت على دول وأنظمة وملوك ورؤساء وأمراء، فرأى العدوّ أنه من صالحه قتله فقام بجريمة اغتياله؛ ظنًّا منه بتخلصه من أحد الشخصيات الأشد عداوة له، ولكن هيهات هيهات لهم ذلك، بل هو شهيد حي فينا بأخلاقه ومبادئه وقيمه وجهاده وإيمانه وثباته، نحن أُمَّـة تعشق الشهادة وقادتنا في مقدمتنا يسطرون لنا دروسًا في الصدق والوفاء بالعهد، إن سقط منا شهيد أكمل دربه ألف مجاهد، لا تتوقف ولا تنهزم، ولا تُحبط كيفما كانت تضحياتها، والعدوّ بجريمته هذه فتح عليه أبواب جهنم الدنيا، سيذوق وبال أمره، وستكون عاقبة أمره خسرًا في الدنيا وفي الآخرة.
المصاب جلل والفاجعة عظيمة، نعم، ولكنَّ حزننا لن يقف حجر عثرة في طريق جهادنا لا، بل نزداد صمودًا وثباتًا وتصبرًا، فنحن أحفاد الإمام الحسين -عليه السلام- ومن مدرسته تخرجنا، لا نهاب القتل، ولا نجزع من التضحيات، بل نصبر ونثبت مستمدين العون من الله تعالى.
السيد نصر الله، قد شرفه الله بما هو شرف لكل الأولياء: (الشهادة في سبيل الله) ونحن على دربه ماضون، ولمنهجه مكملون، بنياننا لن يتزلزل ولن يهتز، وصمودنا لن يضعف، وقوتنا لن تلين، بل سنستمر رجالًا ونساءً صغارًا وكبارًا في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس حتى يحقّق الله على أيدينا وعد الآخرة ويتحرّر المسجد الأقصى ويزول كيان الشر والإجرام، الرحمة والخلود لقائد الشهداء، والذل والخزي والهزيمة لكيان الشر الإسرائيلي.