تحالُفٌ عالمي لمواجهة القائد الأعلى
محمد عبدالله يحيى شرف الدين
تراهن قوى الطاغوت في حروبها على الحق أن تستهدفَ قياداتِ الحق على مر العصور، حَيثُ تضعُ الخططَ وتُحكِمُها وتتفنَّنُ في أساليب الاستهداف؛ ظانَّةً أنها بذلك ستقضي على المسيرة الإلهية، ولا أدلَّ عليه من النمذجة النبوية؛ إذ قالوا حرّقوا إبراهيم، واقتلوا يوسف، ودعوني أقتل موسى، وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى؛ وليس انتهاء بخاتم الأنبياء محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ، وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [سُورَةُ الأَنفَالِ: ٣٠].
وهذا السيناريو التخطيطي قد تطوَّر مع تقنيات العصر بخطط استراتيجية وإلا هو ذاتُه من الشيطان وحزب الشيطان من الإنس والجن ضد حزب الله في دائرته القرآنية الواسعة والشاملة، وحزب الله بخصوصيته الخَاصَّة بحزب الله في لبنان.
وفي رحاب الروضة الجهادية لحزب الله في سبيل الله ضد عدو الأُمَّــة وعدو البشرية قاطبة (الغدة السرطانية والشيطان الأكبر) ومعهم تحالف عالمي من الشرق والغرب من أهل الكفر وأهل النفاق فقد حقّق حزب الله من الانتصارات التي لم تستطع تحقيقَه جيوشٌ عربية مجتمعة؛ إذ أصبح حزباً تتنامى قدراته، وتتطور أدواته المنكلة بالعدوّ؛ حتى صار حزب الله كابوساً جاثماً على صدر العدوّ يغرس رمحه بين القلب والكبد.
وأمام هذا الكابوس أوحى شياطين الإنس والجن بعضُهم إلى بعض بتلك الخطط الاستراتيجية في استهداف قيادات القائمين من الحق؛ عسى تحقِّقُ لهم ولو في الحد الأدنى الحدَّ من قدرات حزب الله، مع إنها خطط قد باءت بالفشل؛ فعنوانها الجامع ونتائجها المعلنة والمحتومة (الفشل) فنحا العدوّ ذلك المنحى هارباً القهقرى من خطوط التماس الملتهبة بنيران وقودها جنود العدوّ وضباطه.
نعم، غُيِّبَ موسى الصدر واستشهد راغب حرب وعباس الموسوي فخلف من بعدهم مَن تشربوا قضيةَ فلسطين حتى النخاع فكانوا أشد إيلاماً للعدو.
إنه نصرُ الله الحسن المجاهد الكبير والقائد العظيم الذي تقهقرت الهزائم من بين يديه؛ فاقترن نصر الله الإلهي بنصر الحسن، لا يبارحه، على مدى ثلاثين عاماً في طريق التحرير للقدس وفلسطين؛ فكان يطلب الشهادة فتنزوي عنه حيناً وتتزاور عنه ذات اليمين وذات الشمال أحايينَ أُخرى، طيلةَ مواجهته للعدو في لبنان؛ فتقرضه الشهادة في سبيل الله في معركة (طوفان الأقصى)؛ فنال ما تمناه منتصراً حاملاً للواء الإسلام متوسماً اسم شهيد الإسلام في المعاصرة.
لكن، هل ستنحسر الحركة الدينامية الجهادية لحزب الله؟
لقد تناسى العدوّ الأمريكي والإسرائيلي، وغفل عن كون سماحة شهيد الإسلام السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه- ليس هو القائد الأعلى الذي يصنع الرجال ويهيئ الأجواء ويصنع المتغيرات، ويحقّق النصر.
فمن هو القائد الأعلى؟
إنه الله سبحانه وتعالى القائد الأول، من يرجع إليه الأمر كله القائل: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [سُورَةُ آلِ عِمرَانَ: ١٢٦].
ليضع سبحانه سنته الخالدة في عوامل النصر؛ إذ قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: ٧].
وهنا يمكن القول: سلام الله عليك نصر الله؛ حقّق الله على يديك في حياتك معجزاته تعالى، وخُلقت بعد استشهادك أُسطورة الرعب لكل طاغوت، وعلى دربك درب القدس ماضون لا يفت من عضدنا شيءٌ حتى ينجز الله وعده بالحتميات الثلاث؛ فهَـا هو ذا السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يدشّـن معركة: (الفتح الموعود والجهاد المقدَّس) منكلاً بالعدوّ مجفِّفاً البحارَ يَبَسًا أمام العدوّ، وتدك الصواريخ اليمانية ومسيّراته عقر دار العدوّ؛ فشرَّدَ بها مَن خلفهم، ولم ولن يرف له جفن خوف من عدو هو عدو لله، بل لن يهدأ له بال حتى يحقّق الله على يديه الفتح الإلهي الموعود ومعه وبين يديه ورهن إشارته سامعين مطعين شعب وشّحه الله بوشاح الإيمان وقلّده وسامَ الشرف الإلهي: (الإيمان يمان والحكمة يمانية).
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا، وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمرَانَ: ١٤٦].
صدق الله العظيم.