السيد حسن نصر الله شهيد على طريق القدس.. وارتفع تاج الرأس إلى جنان الخلد
سهام وجيه الدين
منذ تلقينا خبر ارتقائه والعين لم تكف من دمعها، فهذا خبرٌ لا يمكن لعقلي أن يعيه، لمن انعاه بل كيف أنعى هذا العبد الصالح فلا يمكن للإنسان أن ينعى روحه، فالكلمات لا تكفي للتعبير عن مدى حزننا ولوعتنا على فراقك يا سيد المقاومة، هنيئًا لك وهنيئًا لنا بك من سيدٍ مقاومٍ قد دافع عن عقيدته حتى النهاية، فمثلك لا يختم حياته إلَّا بالشهادة فهنيئًا لك هذا الوسام العظيم يا سيد المقاومين، لن أرثيك ولن أحزن على استشهادك؛ لأَنَّك الآن بدأت الحياة السعيدة وختمت حياتك بأجمل خاتمة بالتحاقك بركب جدك سيد الشهداء فهنيئًا لك الجنة ومجاورة سيد الشهداء عليه السلام، الذي علمك كيف تكون حراً وكيف ترفض الظلم وكيف تقاوم وتصبر وتحليت بأخلاقه فسيستقبلك بأحسن استقبال يليق بك أيها البطل العظيم.
السيد حسن نصر الله وإن ارتقى شهيداً إلا أنه باق متجذر فينا، حيّ في أعيننا وفي أرواحنا قبل أن يكون حيًّا عند الله بعد ارتقائه، الحزن يجعل قلوبنا مكلومة، ولكن ما أن نسمع كلماته حتى نزداد حماسًا، وشعلة النصر تُشعل جذوتها؛ فلا بدّ أن يأتي النصر الذي وعدنا به.
فعندما يستشهد قائد يكون النصر على حجم هذا القائد، وباستشهاد السيد حسن سيكون نصر وعزة فلسطين، ويتحقّق الوعد من صادق الوعد، وكما قال: “نحن لا نُهزَمْ” فالمقاومة لا تستمد ببقائها إلى أشخاص بحيث لو سقط لنا شهيد سقطت مقاومتنا.. لا ليس كذلك… بل هي قائمة بالفكر والوعي الإلهي، نحن على طول التاريخ نستمد قوتنا من وحي عاشوراء، اذهبوا لتقرأوا عن عاشوراء فعندما استشهد الإمام الحسين -عليه السلام- ولدت ثورته من رحم المعاناة.
استشهاد السيد حسن نصر الله هو انتصار بحد ذاته كما قال في إحدى كلماته “عندما ننتصر ننتصر وعندما نستشهد ننتصر” فباستشهاده خلّد أيقونة النصر، ولن ننسى دمائه الطاهرة، وتذكروا هذا اليوم جيِّدًا وتذكروا هذه المحنة التي أبانت الصديق من العدوّ، وأظهرت أحقاداً بدريةً وحُنينيةً كانت مكبوتة، وأظهرت المنافقين والشامتين والمستهزئين، فنحن نقول لهم كما قال سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام: “أبالموت تهدّدني يا ابن الطلقاء” وأقول لهم لا نبالي إن وقعنا على الموت أَو وقع الموت علينا، وأنتم اشمتوا كما شئتم واضحكوا كما بدا لكم فمن يضحك كَثيراً يبكي كَثيراً، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) المطففين (٢٩)، فالسيدة زينب -عليها السلام- عندما شمت بها يزيد بن معاوية وقفت في وجهه وزلزلت عرشه بتلك الكلمات رغم كُـلّ ما تحملته من مصائب إلا أن اليأس والشك لم يدخل نفسها حين قالت ليزيد: الحمد للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله على رسوله وآله أجمعين، صدق الله كذلك يقول: “ثُمّ كانَ عاقبةَ الذينَ أساؤوا السُّوأى أنْ كَذَّبوا بآياتِ اللهِ وكانُوا بها يَستهزِئُون” أظنَنْتَ يا يزيد، حَيثُ أخذتَ علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الأُسارى، أنّ بنا على الله هَواناً وبك عليه كرامة؟! ألا فالعَجَب كُـلّ العجب.. لقتلِ حزبِ الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء!…. ولئن اتّخَذْتَنا مَغْنَماً، لَتجِدَنّا وشيكاً مَغْرماً، حين لا تجدُ إلّا ما قدَّمْتَ وما ربُّكَ بظَلاّمٍ للعبيد، فإلى الله المشتكى وعليه المعوَّل، فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها (أي لا تغسله)، وهل رأيُك إلا فَنَد، وأيّامك إلاّ عَدَد، وجمعك إلّا بَدَد!! يوم ينادي المنادي: ألاَ لَعنةُ اللهِ علَى الظالمين! فالحمد لله الذي ختم لأوّلنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يُكملَ لهم الثواب، ويُوجِبَ لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة، إنّه رحيمٌ ودود، وحسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيل.