الكاتبُ والمحلل السياسي المصري أشرف ماضي: أقولُ للشعب اليمني حافظوا على السيد عبدالملك فهو قائدٌ شجاع
المسيرة – حاوره أحمد داوود:
أكّـد الكاتبُ والإعلامي المصري الخبير في الشأن اليمني أشرف ماضي، أن “جريمةَ اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله مؤلمةٌ على الجميع، وتمثِّلُ خسارةً عُظمى ليست على لبنانَ فحسب، وإنما على الأُمَّــة العربية والإسلامية”.
وقال ماضي في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: إن “رحيل السيد حسن سيظل رعبًا يسيطر على قلوب العدوّ الصهيوني الذي يعيش اليوم في مأزِقٍ كبير ما بين لبنانَ وغزةَ واليمن وبقية المحور”.
وفيما يتعلق باليمن أكّـد ماضي أن “المشروع القرآني يُمَثِّلُ طَوْقَ النجاة ليس فقط لليمن وإنما للأُمَّـة العربية والإسلامية”، مُشيرًا إلى أنَّ “المصريين يتابعون العمليات اليمنية المساندة لغزة والضربات النوعية للقوات المسلحة اليمنية بكل فخر واعتزاز”.
ودعا اليمنيين للحفاظ على السيد القائد عبدالملك الحوثي فهو قائد شجاع لا يخاف في الله لومة لائم، لافتًا إلى أن إعجاب الشعوب العربية بالسيد القائد عبد الملك الحوثي؛ لأَنَّه رجل قول وفعل ولا يحتفظ بحق الرد كما يفعل الآخرون.
إلى نص الحوار:
– بدايةً.. ما تعليقُكم على عملية اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله؟
أولًا، سلامُ الله على الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، الذي اغتيل في وقتٍ حَسَّاس، وفي ذروةِ المواجهة مع الكيان الصهيوني، وفي معركةٍ ليست فقط انتصارًا لغزة وإسنادًا لها، وإنما هي معركةٌ لاسترداد الكرامة العربية.
والواقِعُ أن جريمةَ الاغتيال للشهيد القائد نصر الله، جاءت في وقت يعاني فيه الكيانُ الصهيوني من هزائمَ متتالية؛ فهو في حالة خريف تتساقط فيه أوراقُ قوته على أرض غزة، وهزائم تلاحِقُه في الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلّة، والتي فرض فيها حزب الله والشهيد نصر الله نزوح المستوطنين منها، وأكّـد أن هذه المعركة لن تتوقف إلا بوقف العدوان على غزة؛ ولهذا رحل -رحمه الله- وهو حُــرٌّ مقاوم، تكلم في وقت صمت فيه جميعُ العرب، وارتمى فيه الحكامُ العرب إلى سكة التطبيع؛ ولذا فرحيلُه خسارةٌ عظمى ليست على لبنانَ فحسب، وإنما على الأُمَّــة العربية والإسلامية.
وهنا أعيد وأكرّر أن جريمةَ اغتيال الشهيد القائد حسن نصر الله هي نتاجُ عمل استخباراتي، واختراق أمني كبير؛ ما يشير إلى أن الجواسيس قد وصلوا إلى أعلى الهرم، وأن من يزوِّدون العدوّ بالإحداثيات ليسوا أفردًا عاديين ضمن الحزب، وهذا فعلًا يمثِّلُ خطرًا كَبيرًا، ويفترض الانتباه لذلك لتفادي ما هو أعظم.
– ما دلالة استخدام قنابلَ أمريكية تزن ألفَي رطل والصمت المطبق للكثير من الأنظمة العربية؟
هذا له دلالةٌ قويةٌ في مدى حجم الشهيد القائد نصر الله في نظر الصهاينة؛ فهو كان يشكل لهم رعبًا، سيما وهو أول من حقّق انتصارًا عليهم في الألفين، كلحظة فارقة في تاريخ العرب، وَلم تتكرّر إلَّا معه في ٢٠٠٦م؛ لذا فَــإنَّ “إسرائيل” تهاب ذلك الإصرار الذي كان يميز نصر الله، والذي دائمًا ما يخرج منه منتصرًا، خَاصَّة الإصرار الذي تحدث به في خطابه الأخير، والتحدي حول عودة مستوطني الشمال، والحزام الأمني الذي تهدّد به “إسرائيل”، ولهذا فقد علق غالانت، وَالمجرم نتنياهو على عملية استهدافه بأنها المنجز الأعظم في تاريخ “إسرائيل”، وكأنهم يعترفون أنه أكبر خطر كان يهدّد وجودهم، وهو فعلًا كان كذلك.
أما صمت الأنظمة العربية، فأنا أؤكّـد لكم أن منهم من باشرت قلبه نفس الفرحة التي داعبت قلب نتنياهو حقدًا على السيد نصر الله، وظنًّا أن فرحتَهم تلك ستكُفُّ يدَ الصهاينة عنهم وترضى عنهم، لكنهم لا يعلمون أنه كلما تمكّن الصهاينة أكثر، كلما زاد خطر القدوم إلى بقية الأرض العربية؛ فأمريكا تريد “إسرائيل” حاكمة ومهيمنة على الإقليم، وطالما العرب بهذا الوضع، فربما قد يكون لها ما أرادت.
وحقيقة ما نراه من صمت عربي تجاه حرب غزة شيء يحز في النفس ويؤلمها ويشكل سلاحًا آخَرَ بيد الحكومة الصهيونية، تقتل به سكان غزةَ بكل قوة؛ لأَنَّها أمنت شَرَّهم منذ وقت مبكر وادَّخرت مواقفَهم لهكذا أوضاع؛ فالجميع يعلم أن حدود “إسرائيل” لن تتوقف عند حدود غزة، أَو شمال فلسطين، أَو شرقها، وإنما سيمتد كُـلّ ما أتيحت لهم الفرصة إلى كُـلّ دولة، وهم الآن قد سيطروا علينا فكريًّا وثقافيًّا ودينيًّا، وما تبقى لن يكون صعبًا طالما رضينا بوجودها بيننا، وأصبحت متحكمة في أغلب قرارات الدول، وأصبح الكثير من العرب يسابقون بعضَهم؛ ليحوزوا على رضا “إسرائيل” ودعمها، بدليل الجسر البري الذي أقامته السعوديّة والإمارات؛ لتعويض الصهاينة ما نقص عليهم من الحصار اليمني، أضف إلى التصدي للصواريخ والمسيَّرات اليمنية.
– ما السيناريوهات المتوقَّعة بعد هذه الجريمة من وجهة نظركم؟
“إسرائيل” اليوم تعيش مرحلة نشوة ما تسمِّيه “نصرًا” وكأنها خلاص انتهت من شيء اسمه “حزب الله” لكنها لا تعلم أن المقاومة لا تموت، طالما وُجد المحتلّ، وإن ذهب قائدٌ، يكون قد ربَّى من يخلفه، وأعده الإعدادَ الأمثلَ، وسيظل رُعْبُ الشهيد القائد نصر الله يسيطر على قلوبهم.
– ما المطلوبُ من الشعوب وأحرار الأُمَّــة في هذه المرحلة؟
المطلوبُ منهم كثيرٌ، وكثيرٌ جِـدًّا، أولًا يجب الضغط على حكامهم للخروج من عباءة التطبيع، والتوجّـه الحقيقي نحو مواجهة الخطر الصهيوني عن المنطقة، ويكونون يدًا واحدة في مجابهته، والمشاركة في معركة التحرّر الكبرى، بدءًا من تحرير قلوبهم من حب “إسرائيل” أَو خشية “إسرائيل” أَو الخوف من أمريكا التي نعلم أن “إسرائيل” ما هي إلَّا ذراع أمريكيَّةٌ تمكّنها من البطش أينما شاءت، وكيفما شاءت؛ ولذلك نتمناها معركة تحرّرية أولًا للعقول والقلوب، ومن ثَم الأرض بدءًا من فلسطين.
– برأيكم.. إلى أين تتجه الأحداث في لبنان وغزة؟
ما يحدث في لبنان اليوم هو امتدادٌ لما يحدث في غزةَ، وما أتى به نتنياهو على غزة هو نفسه الذي يأتي على لبنان في حرب يريد طول أمدها خوفًا من مصير ينتظره، يكون عاقبته إنهاء منصبه في رئاسة الحكومة الصهيونية؛ فهي حرب غرق فيها هو وجيشه، وعظيم الدعم الذي أمده به الغرب وأمريكا؛ فبدت غزة أمامهم كنفق كبير تاهوا فيه هم والميركافا، وكلما زادوا فشلًا كلما زادوا إجرامًا، ودائمًا ما تتغير سردياتهم بين القضاء على حماس، واستعادة الرهائن، وتارة يتنصلون عن الرهائن، وعن القضاء على حماس، إلى القضاء على قدراتها مع تصريحات تقر بأن القضاء عليها ضربٌ من الخيال، حَيثُ أن الواقع يكذب ما يقولون، فلا تمكّنوا من القضاء على حماس وقدراتها، ولا استعادوا الرهائن، وفي الوقت نفسه ما يحدث في لبنان هو يدحض سردياتهم القائلة بتدمير البنية التحتية لحزب الله الذي رأيناه جاءهم بما هو أشد وأقوى، ووصلت صواريخه إلى ما بعد “تل أبيب” وجعل أمر العودة للمستوطنين للشمال مستحيلًا، بل وزاد من أعداد التهجير والنزوح، وهذا كله يدل على أن العدوّ الصهيوني اليوم في مأزق كبير بين لبنان وغزة، وبينهما تأتي اليمن التي أرى أن لها الدور الأكثر مساندة لغزة بتدمير اقتصاد الصهاينة، وتدمير سُمعة أمريكا التي كانت كَبُرَتْ في قلوب الخانعين، وصغَّرها اليمن إلى قشة.
أما إلى أين تتجه الأمور؛ فواقعُ ما نراه في غزة من دبابات محروقة، ومناطقَ يتكرّرُ اقتحامُها والخروج منها دلالةٌ قويةٌ على النصر الذي صنعته المقاومة رغم بساطة أسلحتها أمام تسليح الغرب العظيم لـ “إسرائيل”، ورغم عظيم المأساة، والمعاناة التي دعمها العدوُّ بالحصار، لكن إرادَة صاحبِ الأرض كانت أقوى، واستطاعت نقل المعركة لتصبح رأيًا عامًّا بعد أن كانت منسية، وتوسعت من غزة إلى الضفة والضاحية الجنوبية والبحار وفلسطين المحتلّة التي كانت محصنة بوهم الجيش الذي لا يُقهر، والمنطقة التي لا يتجرأ أحد على المساس بها، فاشتعلت فيها الحرائق، وفتحت الملاجئ، وفرضت حالة طوارئ، واستطاعت أن تجر “إسرائيل” إلى محكمة العدل، وعادت فلسطين للواجهة كقضية عالمية وليس فقط عربية.
– ما علاقة أمريكا برأيكم مع كُـلّ هذا التصعيد في غزة ولبنان؟
أمريكا و”إسرائيل” وجهان لعملة واحدة؛ إذ قامت أمريكا على جماجم الهنود الحمر وتريد “إسرائيل” القيام على جماجم الفلسطينيين بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.
والحقيقة أنه لولا أمريكا لما كانت الحرب إلى اليوم مُستمرّة؛ فهي التي هرعت منذ اللحظة الأولى لتكون إلى جنب “إسرائيل” التي يقول حكامها: “لو لم تكن هناك “إسرائيل” لاخترعناها”، وينسبون أنفسهم بفخر للصهيونية، وبالتالي فالحرب هي شراكة مع أمريكا، وكل دم يسقط يكون بسلاح أمريكي، وكل قرار بوقف الحرب يسقطه الفيتو الأمريكي، وَالتصعيد بضوءٍ أخضرَ أمريكيٍّ، ويصرحون علانية بدعمها والوقوف إلى جانبها، وحتى أنها أصبحت معيار الفوز بكرسي الرئاسة الأمريكي بحجم من سيدعمها أكثر وترديدهم سردية حق الدفاع عن النفس، وتسخير كُـلّ القوانين الإنسانية لصالحها، وفرشوا كُـلَّ فرش الدلال والرفاهية لترتكبَ تلك المجازر التي سالت دماؤها إلى طاولات مجلس الأمن ولم تجد من يوقف نزيفها.
– كيف تتابعون في مصر العمليات اليمنية المساندة لغزة والضربات النوعية للقوات المسلحة في البحر الأحمر وخطابات السيد عبد الملك الحوثي في هذا الشأن؟
نحن في مصر نتابع العمليات اليمنية المساندة لغزة والضربات النوعية للقوات المسلحة في البحر الأحمر والعربي وباب المندب بكل فخر واعتزاز؛ لأَنَّ مصر كما يقول عنها المؤرخون إنها “اليمن الثانية” من حَيثُ انتشار القبائل العربية ذات الأصول اليمينة العدنانية والقحطانية لا سِـيَّـما الصعيد الذين يرجع 65 % منهم إلى أصول يمانية قبل وبعد الإسلام.
فليس صدفة أن تكون العادات والتقاليد والأعراف مشتركة لهذا الحد؛ فعلى سبيل المثال في موضوع الثأر الذي انتهى من جميع الدول العربية إلا في اليمن والصعيد، أضف إلى ذلك الكرامة والشهامة والتمسك بالقيم والمبادئ ونصرة المظلوم والوقوف مع الحق.
ونعلم أن اليمن على مر التاريخ هي مقبرة الغزاة؛ فمن يدخل اليمن محاربًا لن يعود، وكذلك الصعيد المصري مقبرة الغزاة، ولم يستطع أي مستعمر دخول الصعيد، ويشهد التاريخ أن فرنسا التي احتلت الشمال الإفريقي، وأغلب دول إفريقيا لم تُهزم إلا في الصعيد، ومقابرُ الفرنسين موجودة إلى الآن في الصعيد، وقبلهم المماليك وغيرهم.
لذلك، فنحن نرى بكل ما تفعله اليمن ونبارك سيطرة القوات المسلحة اليمانية على البحار وضرب البوارج والسفن خَاصَّة الأمريكية والصهيونية في وقت لم يستطع أحد في العالم الوقوف أمامها، وخَاصَّة الحكام العرب الذين يسبّحون ويسجدون لها، وهو فخر ليس لليمن فقط، بل لكل الوطن العربي الكبير.
أما خطابات السيد القائد العلم عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- فهي تثلج صدرونا؛ فهو من أسرة نبوية كريمة، ويحمل مشروعًا قرآنيًّا عظيمًا، أعاد للأُمَّـة مجدها وتاريخها العريق، وهذا المشروع الذي انطلق من جبال مران، وانتشر وتوسع هو طوق النجاة للأُمَّـة العربية والإسلامية، وليس فقط اليمن، وعودة إلى الوسطية والاعتدال، وجفّف منابِعَ التكفير والإرهاب.
لقد تابعنا خلال شهر رمضان المحاضرات والدروس للسيد، وكأننا في زمان سيدنا رسول اللّه -صلى اللّه عليه وآله وسلم- وزمن الصحابة المنتجبين.
وإعجاب الشعوب بخطابات السيد عبد الملك؛ لأَنَّه رَجُلُ أفعال وليس أقولًا فقط، وقد أصبح الجميع ينتظر خطاباته، ووعوده بالتصعيد نراها واقعًا خلال ساعات، ولا يحتفظ بحق الرد كما يفعل الآخرون، بل يرد في الحال.
لذلك أقول: إن المسيرة القرآنية إذَا حاربتها تشتد وَإذَا تركتها تمتد.
– المفاجآت بعد (طوفان الأقصى) كثيرة.. ما تعليقكم حول المفاجآت اليمنية من حَيثُ الحصار البحري للكيان، وقصف يافا المحتلّة بصاروخ فرط صوتي، وطائرة يافا المسيَّرة؟
هنا يطولُ الحديثُ ويضيعُ الكلام!! المفاجآتُ اليمنية، وَما أعظمَها والتي أنا بشكل خاص توقعَّتها منذ وقت مبكر، ومنذ ظهور المشروع القرآني العظيم، وشعار البراءة من حينها، وأنا توقَّعت المستقبلَ العظيمَ لليمن؛ لأَنَّه مشروع وعي ونهضة وتحرّر، وخروج من العباءة الأمريكية والغربية، وتحرير للعقول دينيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا من دائرة أمريكا والصهيونية، ويرتقي للوصول لحضارةٍ عظيمة قائمةٍ على القرآن، وتعاليمه العظيمة، وما زادني تأكيدًا هو الموقفُ الذي اتخذه القائدُ العظيمُ والشعبُ اليمني منذ اللحظات الأولى للعدوان على اليمن بالتصدي لهم، وفي أصعبِ الظروف، وأقل الإمْكَانات والخِذلان الذي واجهته اليمن.. كُـلُّ هذا كان مؤشرًا عن يمن جديد، سيبني نفسَه، ويحرّر نفسه بنفسه، وبالفعل فقد كان ما توقعت، واستطاعت اليمن أن تجعل الحربَ عليها حربًا على التبعية للغرب، والاعتماد عليهم، وكسرت الحصار، وبنت لنفسها قوةً عظيمة ليس فقط في المجال العسكري، وَما حمله من جيش قوي، ولاؤه لأرضه وشعبه، وأسلحة عسكرية صناعة يمنية خالصة، وصلت حَــدَّ الفرط الصوتي الذي لا تمتلكه إلَّا بضعُ دولٍ اليمنُ خامسُها، واستطاعت أن تكسرَ شوكَةَ أمريكا أولًا في حربها عليها، وشوكة أياديها في المنطقة الذين موَّلوا، ونفَّذوا الحربَ الأمريكية، وبهذه القوة استطاع اليمن أن يكسرَ عنجهية البترودولار، وكل من وقع تحت تأثير رائحته المخدرة للضمائر والعقول، ورأيناهم يأتون صنعاء وهم صاغرون يستجدون رضاها ورفع ضررها، وَأَيْـضًا أصبحت اليمن اليوم واقفة هذه الوقفة العظيمة مع فلسطين التي حملها اليمنيون هدفًا ضمن أهداف ثورتهم السبتمبرية منذ لحظاتها الأولى، وحملوها في مظاهراتهم، وتحت طائرات العدوان يردّدون اسمها، وإلى أن جاء وقت الفعل، رأينا اليمن تقف وقفة عز مع غزة، وأغلقت باب المندب في وجه الاقتصاد الإسرائيلي، وهو أمر لم تُقْدِمْ عليه لفك حصارها، لكنها لأجل غزة اتخذته، وكان تأثيره كَبيراً على الصهاينة، استطاع أن يغلق ميناءً بحجم “إيلات” ويدمّـر سُمعة أمريكا وحاملات طائراتها، التي كان مُجَـرّد اسمها يفزع القلوب الضعيفة، وأفزعها اليوم البأس الشديد اليمني، والذي ذِكْرُه في القرآن لم يأتِ من فراغ، إنما دليلٌ على دور كبير سيكون، وقد كان، ورأيناه بمسيَّرة “يافا” التي عَبَرَتِ الحدود، وتخطَّت كُـلّ ما تحصَّنت به “تل أبيب” ووصلت لهدفها، وكذلك رأيناه بصاروخ فلسطين ٢ الذي أَيْـضًا أصاب العالَمَ بحيرة عن عظمة اليمن؛ ولذلك نراهم دائمًا يحاولون التقليلَ من قدرة اليمن، ونسب انتصاراتها لإيران، والقول بأنه انفجر بنفسه في الجو ليس فقط للتقليل من شأن الصاروخ بقدر ما هو دفاعٌ عن أنظمة دفاعاتهم، فألف تحية لليمن العظيم، يمن الأنصار يمن السيد حسين والسيد عبدالملك، والشعب الذي استظل بظل القرآن، وتعاليم نبيه، وانتصر للكرامة العربية والإسلامية على حَــدٍّ سواء.
– برأيكم لماذا فشلت حاملة الطائرات الأمريكية وبوارجها في إيقاف العمليات اليمنية؟
فشل حاملة الطائرات الأمريكية وبوارجها في إيقاف العمليات اليمنية أولًا؛ لأَنَّ اليمنيين تخلَّصوا من شيء اسمُه أمريكا العظمى، فصَغُرَت في قلوبهم هيبتُها ورِهابُها الذي أخافت به العالم؛ ولذلك فاليمنيون حملوا بقلوبهم إرادَة مقاوم نفس إرادَة مقاوم غزة، سيما أن فلسطين وقضيتها وتحريرها حملها اليمنيون في قلوبهم؛ ولذلك فإرادَة المقاوم في غزة التي بقذيفة الياسين فجّر الميركافا هي نفس الإرادَة التي حملها اليمني وبالمسيّرات، التي لطالما سخروا منها أنها ألعاب أطفال، والصواريخ التي طالما قللوا من شأنها أسقطوا هيبة أمريكا وأخافوا حاملات طائراتهم، ومَن عليها من الجيش الأمريكي، بالإضافة إلى التقنية العظيمة التي وصلت إليها اليمن إلى الحد الذي تفوقت على تكنولوجيا أمريكا والغرب بفضل ثورة الوعي والنهضة والتحرّر ثورة ٢١ سبتمبر التي كانت أعظمَ منها، بدأت هيبة أمريكا تتهاوى وعليها علَّق نتنياهو من تخوفه من قدرة اليمنيين عام ٢٠١٤، وبالفعل ما كان يخشاه قد أصبح اليوم واقعًا يرعبهم، ويُدْخِلُهم إلى الملاجئ، فسلامُ الله على اليمن، وقائدها وشعبها الحر العظيم.
– ما رسالتكم لكل المتخاذلين في نصرة لبنان وغزة؟
المتخاذلون عن نصرة لبنان وغزة، كنت أقول دائمًا إنهم أبناءٌ غير شرعيين للكيان الصهيوني اللقيط لا يحملون من العروبة إلا اسمَها، ولا من الإسلام إلا لقبَ مسلم في جواز السفر، سواءٌ أكانوا حكامًا، أَو مسؤولين، أَو شعوبًا، وكما قالت جولد مائير، رئيسة وزراء الكيان الصهيوني في كتابها: “سيفاجأ العرب ذات يوم أننا أوصلنا أبناءَ “إسرائيل” إلى حُكم بلدانهم”.
وعليك أن تعلَمَ أن جميع الدول العربية التي تأسست بعد 1922 أغلب حكامها جاء بهم الاستعمار البريطاني لحماية الكيان اللقيط يحملون أجندة صهيونية تنفذ على مراحلَ تهدف إلى تدمير جيوش الدول العربية، وضرب الدين من الداخل بعمل دِين مفصَّل تفصيلًا نتج عنه التكفيرُ والإرهاب والتطرف الديني.
ناهيك عن زرع قواعدَ عسكرية أمريكية في هذه الدول لحماية الكيان الإسرائيلي اللقيط وحماية هؤلاء الحكام، فتجدهم يركعون لأمريكا، ويسجدون لـ “إسرائيل”، ويسبِّحون باسم بريطانيا، ويحاربون أي مشروع ديني وسطي حقيقي بكل قوة، ناهيك كذلك عن نهب ثروات البلاد لدعمِ أسيادِهم.
– كلمة أخيرة؟
أقول للشعب اليمني: حافظوا على أُسودكم قبل أن تأكلكم كلابُ أعدائكم؛ فَــإنَّ الله رزقكم بالمسيرة القرآنية، وقائد شجاع لا يخشى في الحق لومة لائم، وهو السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي ومعه من المخلصين الأوفياء لليمن نخبة قيادية نادرًا ما تتكرّر يستطيعون الوصولَ باليمن إلى مصافِّ الدول المتقدمة في كُـلّ شيء، وكما أكرّر دائمًا بأن اليمن نموذج والآن نجد اليمن اسمًا مختلفًا على مستوى العالم، وهو رُمَّانَةُ الميزان في الجزيرة العربيةِ؛ فمن يعرفْ تاريخَ وحضارةَ اليمن، يعرفْ أن اليمنَ يمرض ويترهَّلُ لكن لا يموت، بل يعودُ أقوى وأكثرَ حصانة.