رهاناتُ العدوّ الإسرائيلي لرفع سقف أهداف الحرب
عبدالحكيم عامر
في خضم الأحداث المتسارعة في المنطقة، يعمل العدوّ الإسرائيلي في محاولة تحقيق أهداف استراتيجية معقدة، فالتركيز في هذه المرحلة المفصلية، ينصب على كسر الروح المعنوية لدى أحرار الأُمَّــة، وتصدير نصر زائف إلى الداخل الصهيوني.
فكسر الروح المعنوية لدى الشعوب العربية والإسلامية أحد الأهداف الأَسَاسية للعدو؛ إذ يسعى إلى إضعاف عزيمة الشعوب العربية والإسلامية التي تتصدى له وتقاومه، مما يساعد على تعزيز سيطرة النظام الإسرائيلي، من خلال استخدام القوة العسكرية، والترويج لخطاب إعلامي يهدف إلى نشر الخوف والقلق، يسعى العدوّ إلى تقويض الثقة في القدرة على المقاومة.
وأما على الصعيد الداخلي، يسعى العدوّ إلى تصدير “نصر” زائف يهدف إلى إقناع المجتمع الإسرائيلي بأن الحكومة قادرة على حماية أمنهم ووجودهم، فمنذ عملية “طوفان الأقصى” في أُكتوبر الماضي، يشعر الإسرائيليون بتهديد حقيقي لم يعد بالإمْكَان تجاهله، لذا، يعمل نتنياهو على استخدام الأحداث الحالية كوسيلة لتعزيز موقفه، وتوجيه الانتباه عن الأزمات الداخلية والضغوط السياسية التي يواجهها.
وفي سياق التصعيد المُستمرّ من قِبل العدوّ في هذه المرحلة المفصلية، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي المجرم نتنياهو قد رفع سقف أهداف حربه على غزة ولبنان، لم يعد الأمر مقتصرًا على استعادة المحتجزين لدى حماس أَو معالجة أزمة النازحين من مستوطنات الشمال، بل إن الأحداث الراهنة تكشف عن استراتيجية أوسع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ضمن مخطّط شامل لقلب الشرق الأوسط.
تتجاوز أهداف العدوّ الإسرائيلي الحالية مُجَـرّد التعامل مع حماس أَو حزب الله؛ فهي تشير إلى طموحات صهيونية تمتد من النهر إلى البحر، يتجلى هذا في توسيع وتغذية الصراعات في الشرق الأوسط؛ لأَنَّها تدور حول مشروع دولة “إسرائيل” الكبرى بالأَسَاس، و”إسرائيل” تريد التخلص من الدول التي تعرقل تنفيذ هذا المشروع الذي يمرر بطريقة تدريجية، وَلقد ظهرت مؤخّراً بوادر من مشروع دولة “إسرائيل” الكبرى.
تسير هذه الأهداف في إطار استراتيجية أكبر تهدف إلى استتباع المنطقة واستعبادها، حَيثُ يرتبط هذا بمسارات التطبيع الإبراهيمية التي تسعى إلى تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وبعض الدول العربية، حَيثُ يُعتبر “محور المقاومة”، الذي يضم إيران واليمن وسوريا ولبنان وفلسطين، هدفًا رئيسيًا للتصفية، بينما يتم تعزيز “محور التطبيع” الذي يضم الدول المتطابقة مع المصالح الإسرائيلية.
وإن الأهداف التي يسعى إليها نتنياهو تعكس رؤية عميقة لتغيير معالم الشرق الأوسط؛ مما ينذر بتحولات كبيرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفي العلاقات الإقليمية، إن المراقبة الدقيقة لهذه التطورات تصبح ضرورية لفهم طبيعة الصراعات القادمة وتأثيراتها على المنطقة برمتها.