نصر الله.. حتى الاستشهاد
علي عبد الرحمن الموشكي
لقد أطل الحسن نصر الله كالحسين بن علي (عليهما السلام)، في خطابة الأخير، شامخاً قويًّا صابراً محتسباً، لم تتغير نبرات صوته ولا حدة كلامه ولا يوجد أي ضغوطات تحد من تلك الحمية الإسلامية الحسينة المحمدية الإلهية، يسرد الواقع وتفاصيل ومجريات الأحداث في الداخل والخارج والتي تحمل مسؤوليات إيقاظ الهمم وتجسيد القول بالفعل، لم يكن مرتبكاً ولا متخوفاً ولا متسرعاً، لكنه وقف كالحسين عليه السلام، يقول (ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين إما السلة أَو الذلة فهيهات منا الذلة)، العبرة فيما ترون وليس فيما تسمعون، كلمات المنتصر الذي فاز بإحدى الحسنيين، لقد انتصر وأسس مدرسة بل أكاديمية عليا يتخرج منها مئات الآلاف بل الملايين من السائرين على هذا النهج العظيم، الذي جسد أخلاق الإسلام المحمدي الأصيل في مقارعة اليهود والمنافقين أعداء الأنبياء والصالحين من عباد الله.
نصر الله، كان يستميت؛ مِن أجلِ رفع راية الإسلام والمسلمين، وكان يعلي كلمة الله وفق سنن إلهية عظيمة، ولقد قارع الطغاة والمستكبرين طول حياته لأكثر من أربعين عاماً، وهو يسعى في تكوين قاعدة إيمانية ينطلق من خلالها من يواجهون الصهيونية العالمية، في المنطقة العربية وأولها لبنان، حَيثُ حرّروا لبنان من الصهاينة ووجهوا العديد من الضربات القاسية والدروس المؤلمة للكيان الصهيوني التي خلدها التاريخ في جبين كُـلّ عربي حر.
الشهيد القائد حسن نصر الله، لم يسعَ وراء مكاسبَ دنيوية أَو علو منزلة ومنصب أَو جني الأموال خلال مسيرته الجهادية أبداً، لقد صدر لنا هذا النموذج العظيم، الذي قارع اليهود والمستكبرين.
إن من يشمت اليوم من استشهاد الشهيد القائد / حسن نصر الله -رضوان الله عليه- هو يشمت من الإسلام ومن رسول الله (ص)، وعلى الشامتين أن يفحصوا أحماضهم (DNA)، وعليهم أن يتأكّـدوا من توافق جيناتهم مع جينات آبائهم؛ لأَنَّ المنطق يقول هل من العروبة أن شخصاً يدافع عنك وعن عرضك وشرفك وكرامتك ويضحي بنفسه وأهله وحياته؛ مِن أجلِ حمايتك وحماية شرفك، وإنما السيد نصر الله هو ولي من أولياء الله، الذين اختارهم الله كما اختار الأنبياء والصالحين من عباد الله، وعندما نرى من يشمتون بالسيد / حسن نصر الله، ويرون أن هزيمته هي هزيمة الحق، فهم واهمون بذلك التفكير وتلك الفرحة وسيجنون وبال همزهم ولمزهم خيبة ظن.
ونقول لهم لقد ضحى السيد نصر الله، بنفسه؛ لأَنَّه كان درعاً حامياً للأُمَّـة العربية والإسلامية، ولولا الله ثم حزب الله بقيادتهم العظيمة لكان العدوّ الإسرائيلي يعيث في البلاد العربية فساداً، ولكانت الأُمَّــة العربية والإسلامية بشعوبها تحت أقدام العدوّ الصهيوني، وبدلاً عن أن تقف الأُمَّــة العربية والإسلامية مع حزب الله وقيادته القرآنية داعماً وحامياً ورادعاً إلى جنب قيادة حزب الله.
طول 30 سنة من الجهاد في وجه العدوّ الصهيوني أسس السيد/ حسن نصر الله، منهجية عظيمة من عظمة استقائه من التوجيهات العملية التي مصدرها الخالق سبحانه وتعالى، الذي أوجد هذا العالم بكله، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، الذي بيده وحده الغلبة والنصر والعزة والذلة والرفعة، والتي سيتأهل أجيال وفق هذه المنهجية العظيمة.