الحتميَــاتُ الثَّـــــلاث
مرام عبدالغني
من السُّنن الإلهية التي سنَّها الله تعالى، أن جعل هنالك حق وباطل يتصارعان منذ بداية خلق الإنسان بدايةً بابنَّي آدم نبي الله “قابيل وهَّـابيل” إلى قيام الساعة، وفي ذلك أن جعل أَيْـضًا أولياء للحق وأولياء للباطل.
أولياء الحق هم من حكى الله عنهم في كتابه الكريم بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾، أما أولياء الباطل فقد وصفهم الله تعالى بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ﴾، ويتجسد أهل الكتاب في زمننا هذا في أمريكا الغدة السرطانية و”إسرائيل” الشيطانية، وفي كُـلّ الطواغيت والمُجرمين المتجبرين الذين يسعون في الأرض الفساد.
من أولى الحتميات الثلاث التي ذُكرت في كتاب الله تعالى، وأنَّ لا بُـدَّ أن تتحقّق هي هزيمة الباطل، من اليهود والنصارى والمستكبرين المتأمركين الإسرائيليين، وتتضح في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ﴾، هذه هي النتيجة الحتمية والمقتضى الإلهي الذي سيصلها العدوّ في آخر المطاف، فالله سبحانه وتعالى ليس بغافلٍ عما يعملون، هو المطلع على كُـلّ شيء، وهو الذي يعلم السر وما يخفى، فعلى العدوّ أن يفهم هذه الحتمية المُطلقة ويدرسها حرفًا حرفًا.
ومن ثاني الحتميات الثلاث هي:
ندمُ وخسارة الموالون للعدو، ويتضح ذلك أكثر في هاتين الآيتين العظيمتين في قوله تعالى: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَو أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أنفسهِمْ نَادِمِينَ﴾، ويقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ إيمَـانهِمْ إِنَّهُمْ لَـمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأصبحوا خَاسِرِينَ﴾، خسارة مؤلمة جِـدًّا سيلاقيها الموالون من صف الباطل، وممن هم اليوم من أُولئك الذين طبعوا مع كيان العدوّ وساعدوه ومولوه وسكتوا عما يرتكبه من جرائم ومجازر وطُغيان بحق المظلومين في كُـلّ أقطار العالم، ومنهم ممن انضموا إلى صف الباطل، كالمرتزِقة والعملاء البائعين دينهم وذممهم، حتمًا ستكون آخرتهم نكراء بالخسارة -خسارة في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إذَا لَخَاسِرُونَ﴾.
ومن آخر الحتميات التي منَّ الله بها على عباده المجاهدين الصابرين المُدافعين عن دين الله ومقدساته هي: “الغلبة”، الغلبة للمؤمنين، الغلبة للصادقين، الغلبة للباذلين المضحين المعطائِين، عباد الله وخُدَّامه، الذين اتكلوا على الله، ووثقوا به، وساروا على نهج كتابه وسيرةِ نبيه، تلك الثلة القليلة المؤمنة التي لم تخف في الله لومةَ لائم، من جاهدَت وَسارعت لرفع كلمة الله ونُصرةِ دينهِ والمستضعفين في أرضه، وهم من قال الله عنهم وبشرهم بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾.
﴿أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أكثرهُمْ لَا يَعْلَـمُونَ﴾.