عام مأساوي وصمود أُسطوري
عدنان علي الكبسي
ونحن على وشك اكتمال العام منذ بداية العدوان الإسرائيلي الهمجي الإجرامي، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، نستذكر البعض مما جرى في هذا العام المأساوي بآلامه وجراحه والذي قابله تخاذل عربي، وفيه صمود أُسطوري، وحضور كبير ومساندة قوية.
عام مضى من المجازر الوحشية والإبادات الجماعية.
عام والعدوّ الصهيوني يلقي قنابله المدمّـرة والفتاكة على ذلك التجمع أَو ذاك، وقد مزقت الكثير من أُولئك الأطفال والنساء والناس إلى أشلاء، وتفحَّمت جثامين أكثرهم.
عام وواقع الفلسطينيين في أرضهم كما قال الشاعر:
يجمـع الأب في كيـس.. الرمـاد المفحـم
مِـن بقــايا رفــات أيـدي عيـاله والأقـدام
تبحث الأم عـن فلــذة كبِــدها. وتُصـــدم
حين تــلقاه مِـن ضمن الجثامين الاكــوام
طفـل ” يُحرم حليب الأم مِن قبل يُفطــم
مــــــزقوها وعمره في حدود أربعـه أَيَّـام
طفــــــل مِن قبل ميــلاده بشهرين يُعـدم
مـات قبل الولادة وانتهى قبـل الإتمام
وألـتـوى حبله السـري على العنـق والفــم
وأصبحت ساحة التكوين له ساحة إعدام
يُستبــــــاح المحرم بالســـــــلاح المحرم
والعـــرب مـا حَــدّ اتنطـق بكلمـه ولا قــام
عام من السحل بجثامين الشهداء بواسطة الجرافات، في جريمة بشعة للغاية.
عام ارتكب العدوّ الإسرائيلي فيه ضد الشعب الفلسطيني أكتر من ثلاثة آلاف وستمِئة وخمسة وخمسين مجزرة)، بلغ عدد الشهداء والمفقودين في قطاع غزة، خلال هذه الفترة من التصعيد على مدى اثني عشر شهراً: أكثر من واحدٍ وخمسين ألف وخمسمِئة شهيد ومفقود، والجرحى أكثر من ستة وتسعين ألف وثمان مِئة جريح.
عام فيه معاناة كبيرة جِـدًّا للأسرى والمخطوفين الفلسطينيين في سجون العدوّ الإسرائيلي، الذين يتعامل معهم بالتعذيب، والاضطهاد، والحرمان من الرعاية الطبية، إضافة إلى التجويع لهم، لدرجة أن العدوّ يقتصر على تقديم ثلاث ملاعق من الأرز غير الناضج لكلٍّ منهم.
عام من الحقن للأسرى والمخطوفين بالإكراه بمواد مجهولة، تظهر بعدها آثار ضارة على أجسادهم.
عام من اقتحامات الصهاينة لباحات المسجد الأقصى، والإساءَات إلى رسول الله محمد “صلوات الله عليه وعلى آله.
عام من إقامة الجنود الإسرائيليين حفلة شواء ورقص داخل المساجد، وإحراق المصاحف.
عام من دعم الدول الغربية للعدو الصهيوني، وتقديم شحنات الأسلحة لمجرمي العصر.
عام من التصعيد الصهيوني على أعلى مستوى، بأقصى ما يستطيعه العدوّ الإسرائيلي، ويتمكّن منه.
قابل ذلك عام من صمود وثبات الأخوة المجاهدين في قطاع غزة.
عام من الاستهداف المكثّـف من قبل الإخوة المجاهدين لدبابات العدوّ، وجرافاته، وآلياته، وتفعيل لحقول الألغام، والمفخخات، وتنكيل بالعدوّ من خلالها، واستمرار في الرشقات الصاروخية إلى المغتصبات، كُـلّ هذه الفاعلية مُستمرّة في أداء الإخوة المجاهدين في قطاع غزة.
جاء في هذا العام خسائر كبيرة للعدو الإسرائيلي في قواته على المستوى البشري من قتلى وجرحى، ومن مرضى نفسانيين، ومختلين عقليًّا، وهم بالآلاف المؤلفة، وخسائره تتزايد في وتيرة متصاعدة، وهذا كان مؤثِّر ومقلق للعدو الإسرائيلي، والذي كان يريد أن يحسم المعركة لصالحه.
عام ماتت فيه ضمائر الحكام، وقست قلوب العلماء وغلظت، عام من صمت الشعوب ووهن الأُمَّــة وعجز الجيوش
عام تغربل فيه الناس في مواقفهم وأعمالهم، وفي سلوكياتهم.
عام تاهت فيه أُمَّـة الملياري مسلم وجعلت أصابعها في آذانها حتى لا تسمع صراخات الجوعى وأنين الجرحى ونداءات الأطفال واستغاثات المستغيثين في غزة، فأصرت على العمى فزادها الله عمى.
عام من الروح المتدنية والنفسية الهابطة، والوعي القاصر، والبصيرة المتردية، والفهم المعكوس تجاه الأحداث، في أوساط الأُمَّــة الإسلامية.
عام مات فيه الضمير العربي وتبلد فيه إحساس المسلمين، فلا تظاهرات، ولا مواقف، ولا قرارات، ولا تعاون، ولا أي شكل من أشكال المساندة للشعب الفلسطيني.
عام أخرج الله فيه أضغان علماء ومثقفين وإعلاميين وسياسيين نتيجة المرض الذي في قلوبهم، وكشف الله سوء نياتهم وخبث نفسياتهم وحقد قلوبهم عندما وقفوا مكفرين المجاهدين الذين يواجهون العدوّ الإسرائيلي، ومن لؤمهم أن أصدروا الفتاوى ومنعوا الشعارات المناهضة للعدو الإسرائيلي، وهم يصدون عن سبيل الله.
عام أبى فيه الأحرار والصادقون من أبناء الأُمَّــة الإسلامية أن يسمعوا آهات وعويل نساءنا وأطفالنا في غزة هاشم، لم يصموا آذانهم ولم يغمضوا أعينهم، ولم ولن يأبهوا بكل ما يفعله الأمريكي وأبواقه من التشويش وإثارة البلبلة والفتن، ولم يشغلهم شاغل عن قضيتهم الأَسَاسية القضية الفلسطينية، فكانوا شركاء الفلسطينيين في (طُوفَان الأقصى).
عام من الجهوزية في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس بكل جد لمواجهة العدوّ الصهيوني، وقد تجلى ذلك في التدريبات العسكرية ضمن التعبئة العامة، والخروج في المسيرات والمظاهرات والوقفات.
عام من المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، ودعم حركات المقاومة بالأموال.
عام من التطوير المُستمرّ للقدرات العسكرية، والفاعلية الأكبر لموقف الشعب اليمني، والذي انطلق ليساند الشعب الفلسطيني بإيمان، وصبر، ووفاء، وثبات، ووعي، وبصيرةٍ عالية.
عام من التظاهرات والاعتصامات الطلابية في أمريكا، وبريطانيا، وأُورُوبا… وبعض البلدان والدول، مع استمرار القمع لها، لا سِـيَّـما في أمريكا وبريطانيا.