في ذكرى عبور الطوفان
الشيخ عبدالمنان السنبلي
قليل فقط هي الأحداث في تاريخنا العربي والإسلامي الوسيط والمعاصر التي نستطيعُ أن نقول إنها شكَّلت منعطفاً وحدثاً تاريخيًّا هاماً، لدرجة أنها، في حقيقة الأمر، لا تكاد تُعد بأصابع اليد..
لا شك أن عملية (طوفان الأقصى) في السابع من أُكتوبر 2023 واحدةٌ من هذه الأحداث..
شئتم أم أبيتم، رضيتم أم سخطتم..
فَــإنَّ ذلك لن يغيّر من كون هذه العملية حدثاً استثنائيًّا تاريخيًّا بارزاً ونقطةَ تحول عربيٍّ إسلامي استراتيجي فارقةً.
يكفيها فقط أنه لو لم يكن من ثمارها إلا أنها قد استطاعت أن تعيدَ القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث من جديد بعد أن أُوشِك على غلق مِلفها وتصفيتها إلى الأبد، لكان ذلك كفيلاً بأن ندعوَها معجزة المعجزات..
فكيف بها وقد حطمت -وبسواعد المقاومين والمجاهدين الأبطال- (أُسطورة) ما كان يسمى بالجيش الذي لا يُقهر؟!
كيف بها وقد عملت طوال عامٍ كامل على غربلة وَ(فلترة) ما لم تتمكّن أكثر من ستة وسبعين عاماً من (فلترته) من المواقف والنُّظم العميلة المتواطئة والمتخفية زمناً طويلاً خلف أستار الطهر وأثواب النقاء والعفاف؟!
وهذا، في الحقيقة، ليس إلا أقلُّ القليل مما أحدثه ذلك الطوفان الغامر..
فأين أنتم اليوم؟!
أين أنتم يا من راهنتم بالأمس على انكسار وفشل هذا الطوفان المبارك؟
أين أنتم يا من رأيتم فيه مغامرة وحماقة غير محسوبة العواقب والنتائج والآثار؟!
أَعْطُوني فقط نظاماً عربيًّا واحداً قد تجرَّأ من قبلُ، وأعلن الحرب على العدوّ الصهيوني!
أَعْطُوني جيشاً عربيًّا نظاميًّا رسميًّا واحداً قد استطاع مرةً أن يقفَ أمام هذا العدوّ الإسرائيلي، ويواجهَه لأكثرَ من ثلاثة أسابيع فقط..!
لا شيء طبعاً..
اليوم، ها هي عملية (طوفان الأقصى) المباركة تُكمِلُ عامَها الأولَ صمودًا بالتمام والكمال..
وها هي اليوم أَيْـضاً تتأهب وتستعد بكل عزمٍ وتَحَدٍّ وصمود وإصرار لدخول عامها الثاني مدعومةً بكل جبهات الإسناد من كُـلّ محور المقاومة..
ولن تتوقفَ هذه المسيرة، أَو يخفتَ وهجُها..
ولن ترضى إلا بالنصر المبين..
نعم التحدياتُ كبيرة..
والتضحياتُ جسيمة..
والأثمانُ باهظة جِـدًّا جداً..
لكنها ضريبةُ الصمود.. ضريبة العزة والكرامة..
فهنيئاً لليمن وفلسطين وكل قوى المقاومة وسائر أحرار الأُمَّــة العربية والإسلامية مرورَ عامٍ كاملٍ على اندلاع هذه الانتفاضة المباركة، وهذا الطوفان الفلسطيني المقاوم الغامر.
ولا عزاءَ للخونة والعملاء.