من ثمار عملية طوفان الأقصى
أم المختار مهدي
كنا نسمع عن الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، والقوة التي ليس لها مثيل حتى أصبحت هذه العبارات قناعة مرسخة عند الكثير من الشعوب لدرجة أنه كان الكثير منهم يقول: أنه لا طاقة لأي قوة لمواجهة إسرائيل عوضًا عن الدعم الغربي لها المُستمرّ والكبير جِـدًّا، ولكن هذه المفاهيم تلاشت والزيف والخداع زهق وظهرت الحقيقة على رؤوس الأشهاد في السابع من شهر أُكتوبر؛ عندما نفذ مجاهدون فلسطينيون عملية “طوفان الأقصى” ضد الكيان الغاصب الذي ظهر بصورته الحقيقية من الضعف والوهن والجبن صدق الله، حَيثُ يقول: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرض مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أدنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْـمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)، وهذه هي البداية لزوال الكيان المؤقت من الأرض بإذن الله تعالى.
منذ ذلك اليوم وإلى اليوم ما زالت العمليات مُستمرّة ضد الكيان الصهيوني ليس فقط من الجبهة الفلسطينية بل من جبهات محور المقاومة وهذا من أهم وأعظم ثمار طوفان الأقصى: أن زاد المحور توحدًا وتماسكًا؛ ليتحقّق على أيديهم وعد الآخرة المُنتظر تنفيذًا لوعد الله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أول مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا)، خلال عام ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى والمحور لا يألو جهدًا في استهداف كيان العدوّ الإسرائيلي لا سِـيَّـما القوات المسلحة اليمنية التي وقفت بكل ما تملك مع الشعب الفلسطيني بل وتم استخدام صواريخ وطائرات لم يتم الكشف عنها من قبل مثل صاروخ طوفان الأقصى ومسيرة يافا، وما زالت في تطور مُستمرّ.
الشعب اليمني وقف حكومة وقوة وشعبًا إلى جانب المظلومين في غزة رغم استهداف العدوّ الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني لمحافظات مختلفة في اليمن، بل ما زالت تفرض حصارها على السفن الإسرائيلية في الملاحة العربية حتى أنهكت العدوّ وحطمت اقتصاده، وما زالت مُستمرّة في ضرب عمق الكيان بالصواريخ والطائرات ولن تتراجع عن هذا الموقف كيفما كانت التضحيات.
ومن جبهات الإسناد أَيْـضاً جبهة لبنان التي ازداد التصعيد فيها في مواجهة مباشرة في الأسابيع الأخيرة أكثر من أي وقت مضى، والتضحيات فيها جسيمة جِـدًّا لدرجة التضحية بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه على طريق القدس وما تراجعت أَو لانت بل ازدادت قوة وتصميمًا وثباتًا على موقفها.
وكذلك جبهة الإسناد في العراق التي اشتركت في عدة عمليات مع القوات المسلحة اليمنية لضرب السفن المعادية في البحر الأحمر أَو ضرب الكيان الإسرائيلي.
وكذلك إيران التي أمطرت مئات الصواريخ على عمق الكيان في عمليتين بعدما ضحت بسبعة شهداء من أبنائها في القنصلية الإيرانية في سوريا.
وهكذا وحَّد الدمُ المحورَ حتى أصبح التراجع عن موقفه ضربًا من المُحَال.
لا ننسى الالتفات إلى عملية المقاطعة التي شارك فيها كُـلّ الأحرار من الوطن الإسلامي وغيره؛ بعدما ظهرت مظلومية غزه كأبشع مظلومية ارتكب فيها العدوّ الإسرائيلي مئات الجرائم راح ضحيتها عشرات الاف الشهداء.
كما أن عملية طوفان الأقصى عرت المنافقين من أنظمة وحكومات وشعوب مدجنة من خلال مواقفهم المساندة للعدو الإسرائيلي أَو الساكتة عن جرائمه، وكذلك أثبتت الحر في حريته والمؤمن في إيمانه، واليوم كُـلّ إنسان مخير: إما أن يسكت ويكون شريكًا للعدو بكل جرائمه أَو أن يقف موقف الحق في مساندة المظلومين والتضامن معهم، وهذان خياران لا ثالث لهما، ولا شك أن كُـلّ إنسان سيُسأل عن موقفه الذي اختاره يوم القيامة ويحدّد مصيره: إما الجنة أَو جهنم.