السابعُ من أُكتوبر علامةٌ فارقةٌ بين أهل الإيمان والكفر
ق. حسين محمد المهدي
ما من شك أن الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية، وأن من صح إيمانه شرفت ذاته، وكثرت حسناته، وقويت إرادته، وامتازت شجاعته، وعمت خيراته، وانتشرت بركاته.
فهو في مجتمعه مرفوع الهامة، موحد للصفوف، عظيم العطاء، أهدافه وآرائه وتوجيهاته نابعة من تعاليم شريعة الله، يحب لإخوانه المؤمنين ما يحبه لنفسه، حريص على جلب الخير إليهم، ودفع الضر عنهم، تتحقّق فيه صفة الأخوة للمؤمنين، كما أخبر بذلك رب العالمين: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) كما بين ذلك خاتم النبيين “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا” همه ابتغاء مرضاة الله، والجهاد في سبيله، كما كان السابقين الأولين من أصحاب سيد المرسلين، الذي نزل في حق أحدهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّـهِ)، والآية وإن كان سبب نزولها في الإمام علي -عليه السلام- حينما نام على فراش رسول الله مفتديًا له منفذًا لأمره، فَــإنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ومما يدل على ذلك ويزيده بياناً قول الحق سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ…) “الآية”.
إن السابع من أُكتوبر قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك قوة إرادَة هؤلاء المجاهدين الأبطال من أبناء غزة في فلسطين وصحة إيمانهم وقوة شكيمتهم بإعلانهم للجهاد وانتفاضتهم في وجه الصهيونية اليهودية المستكبرة، التي احتلت أرضهم، وسفكت دماءهم، فشكل هذا اليوم بعمل هؤلاء المؤمنين الأبطال علامة فارقة بين أهل الإيمان وأهل الكفر، وبين أهل الإيمان وأهل النفاق.
فمن أحب هؤلاء الأبطال المؤمنين وناضل معهم بأي نوع من أنواع الجهاد بالمال، أَو بالنفس، أَو بالعتاد، أَو بالكلمة فهم من أهل الإيمان.
إن جهاد هؤلاء المؤمنين طاعة لله، ودفعاً لهمجية عدوان الصهيونية اليهودية صمام أمان للأُمَّـة الإسلامية بأسرها، في مواجهة العدوان الصهيوني اليهودي.
فلا يمكن للمجتمع الإسلامي أن يكون موحد الصف متلاحم الأنسجة، قوي الإرادَة، عظيم العطاء، مرفوع الهامة ما لم تكن توجّـهاته الجهادية نابعة من المصلحة العليا للأُمَّـة، حريصة على رفع الظلم عن أبنائها.
أما من تماهى مع المشروع الصهيوني فقد نكص على عقبه، والله سبحانه وتعالى يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ)، ويقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ)، ويقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أولياء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “يحشر المرء مع من أحب”، وهذا ابن مسعود يقول: “لو عبد الله بين الركن والمقام سبعين عاماً لم يحشره الله إلا مع من أحب” فمن كانت عواطفه مع اليهود الكافرين والمنافقين يميل إليهم ويحب انتصاراتهم فهو منهم.
إن الصلف الصهيوني والخطر اليهودي الذي داهم المجتمع الإسلامي في فلسطين لا يشكل خطراً على المجتمع الإسلامي فحسب، وإنما يشكل خطراً على المجتمع الإنساني كله؛ فنتن ياهو قد أشقى قومه وأهلكهم، وسيوردهم النار، لقد اشترى الضلال بالهدى، والعذاب بالمغفرة (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أنفسهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
لقد اتخذ نتن ياهو وحكومته سبيل الإسراف في القتل، فهو يستبيح الدماء اعتباطاً، فهو يقتل النساء والأطفال الرضع، ويهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أصحاب النَّارِ) فهذه الصهيونية اليهودية تجاوزت كُـلّ الحدود حتى في الكذب على الله وعلى عباده.
لقد تجاوز إسرافهم إسراف أسلافهم الذي حكاه الله عن يوسف -عليه السلام- فيهم (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً).
لقد كان نتنياهو شؤماً حتى على الصهيونية، التي جرها إلى هوة سحيقة، من الإسراف في سفك الدماء، وسيكون سبباً في زوالها، ليس من أرض فلسطين فحسب، بل من أمريكا وأُورُوبا والعالم كله.
إن جهل نتنياهو بخالقه وبارئه وغفلته عنه جعلت منه عبداً لأهوائه ومطامعه، ينتهك الحرمات، ويسفك الدماء، ويعيث في الأرض فساداً.
إن السابع من أُكتوبر شكل فارقاً بين أهل الإيمان والكفر، وفارقاً بين العبيد والأحرار.
فأحرار العالم لا يرضون بما يفعله عبيد الأهواء في الصهيونية اليهودية، ولا يرضون بفعل هؤلاء الأشقياء، فقد أذن الله للذي ظلموا بالقتال (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين اليهود والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء (وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).