(طوفان الأقصى) يدخل عامه الثاني بقوة وثبات وعزيمة لا تلين
محمد علي الحريشي
مر عامٌ منذ انبثاق فجر (طوفان الأقصى) الذي اكتسح معسكرات ومستعمرات العدوّ الصهيوني بمحيط قطاع غزة، لم تذق العصابات الصهيونية مرارة يوم من الأيّام منذ احتلالها أرض فلسطين كيوم السابع من شهر أُكتوبر /تشرين الأول عام 2023، في صبيحة ذلك اليوم أفاق جنودُ الاحتلال وجحافل المستوطنين في محيط قطاع غزة على وقع أقدام مجاهدي المقاومة الإسلامية الفلسطينية وهي تدوس وجوههم وأفواه البنادق مصوبة نحو نحورهم، إنه الطوفان الذي اكتسح تحصيناتهم المنيعة التي هانت أمام إرادَة الرجال المجاهدين الأبطال، فلم تنفع أحدث وسائل الحماية الإلكترونية والتحصينات وكلّ وسائل الحماية حول معسكرات ومغتصبات العدوّ في محيط قطاع غزة، كُـلّ ذلك لم يمنع الطوفان من الوصول إلى أهدافه.
لم يكتسح (طوفان الأقصى) فلسطين المحتلّة فحسب، بل اكتسح العالم كله خَاصَّة عالم الغرب الاستعماري الإمبريالي الذي ساهم في صناعة كيان الاحتلال بأرض فلسطين ودعم بقاءه طيلة العقود الماضية، فرغم الدمار الكبير الذي حَـلّ بقطاع غزة، ورغم فظاعة الإجرام التي يحل بالشعب الفلسطيني، وما خلفه العدوان الصهيو-أمريكي من قتلى وجرحى في صفوف الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، لكن العدوّ مهزوم ولم يحقّق أهدافه، فإن هدموا مدن ومخيمات قطاع غزة، فقد هدمت قبلها مدن مثل سان بطرس بورج «لينين جراد» في روسيا وبرلين في ألمانيا وهيروشيما في اليابان وغيرهن من المدن أثناء الحرب العالمية الثانية، لكن تلك المدن أعيد بناؤها من جديد بسواعد أبنائها، كذلك غزة سوف يعاد بناؤها بسواعد أبنائها، وإن استشهد زهاء خمسين ألفاً من أبناء الشعب الفلسطيني وجرح أضعافهم في السنة الأولى من (طوفان الأقصى)، فقد قتل عشرين مليوناً من الروس في الحرب العالمية الثانية على يد الجيش الألماني، لكن روسيا لم تنتهِ وعادت قوة عظمى، وقد قتل واستشهد أكثر من مليون جزائري على يد جنود الاستعمار الفرنسي، لكن الشعب الجزائري لم ينته وقد حرّر بلاده من دنس الاستعمار الفرنسي، وهكذا الشعب الفلسطيني الذي أرادت عصابات شذاذ الآفاق القضاء عليه بالقتل والتدمير والحصار والتهجير على مدى ثمانين عاماً، لكنهم فشلوا وخسروا، فالشعب الفلسطيني في الداخل المحتلّ وفي الشتات يتجاوز سكانه أضعاف أضعاف ما كان عليه قبل ثمانين عاماً واليوم يتجاوز الشعب الفلسطيني أكثر من عشرة ملايين نسمة، فهم لم ينسوا تراب بلادهم وهُــوِيَّتهم الفلسطينية والعربية ولن يتنازلوا عن حقهم في العودة إلى بلادهم فلسطين وإقامة دولتهم المستقلة الذي قام الطوفان؛ مِن أجلِ استرجاعها وانتزاعها من يد اليهود الغاصبين.
لقد عرى (طوفان الأقصى) الأنظمة العربية العميلة المطبعة مع كيان العدوّ وكشف حقيقة تلك الأنظمة ومواقفها المتآمرة فهم من دعم حكومات العدوّ المحتلّ منذ من عام 1948 ومدهم بطول البقاء في أرض فلسطين بنفطهم وأموالهم من مليارات الدولارات المودعة في البنوك الأمريكية وهم من شجع الحكومات الصهيونية المتعاقبة والحكومات الأمريكية في شن الحروب على فلسطين ولبنان وعدد من البلدان العربية حتى تعيش العصابات الصهيونية في أمان وتبقى ممالك البترول والرمال في بحبوحة ورفاهية.
يدخل (طوفان الأقصى) عامه الثاني وهو أشد عوداً وأقوى عزيمة وإيماناً، ولن تحول دون بلوغ أهدافه كُـلّ ممارسات الإجرام الأمريكي والصهيوني ولا الاغتيالات التي تطال قادة المقاومة ورموزها، فالعدوّ يقتل ثائراً والأرض تنبت ألف ثائر.
يدخل (طوفان الأقصى) عامه الثاني وقوى محور المقاومة تزداد قوة وتماسكاً واستبسالاً وتصميماً في تحرير أرض فلسطين وطرد اليهود الصهاينة المحتلّين مهما بلغت التضحيات، فـ (طوفان الأقصى) لا يعرف التراجع ولن يدخل الإحباط في نفوس المجاهدين؛ لأَنَّ نفوسهم قد تحصنت بالإيمان والثقة بالله بوعده الصادق بالنصر والتمكين، فكلما ولغ العدوّ في الدماء وأمعن في الإجرام فذلك طريق يقوده إلى النهاية والزوال.
يدخل (طوفان الأقصى) عامه الثاني ونفوس المجاهدين في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وكلّ أحرار الأُمَّــة العربية والإسلامية يملؤها اليقين بحتمية زوال النبات السرطاني الخبيث المسمى «إسرائيل»، وسوف يستمر الطوفان في مسيره المبارك يزلزل الأرض المقدسة فلسطين من تحت عصابات الغاصبين على أيدي المجاهدين حتى تحرير فلسطين والمسجد الأقصى بعون الله ونصره وتأييده.