أُعجـوبة الدهـر
أمان أحمد صالح
من ركام الدمار ولهيب النار، وصبر دام لقرون، وصمود الثـوار، من حدائـق الزيتـون المسـقى بدماء الأطفال الصغار، ومن تحت ركام منازل الشهداء الأبرار، ومن صبر الجرحى الأحرار، خرج من رحيق الزيتون، وهواء مسجد الأقصى قوم مؤمنون، خرج من مخمل الضوضاء مُقاومة خرجت لصراع دام قرون، أصله الإرادَة ورفض احتلال القتل والإبادة.
في يوم 7 أُكتوبر خرج النور لكسر ظلام الحصار، ودفن الخوف في أسوار عمرها إجرام صهيوني على مدينة غزه العزة، أتت المدينة المضطهـدة المحاصـرة لشعـبها ثائرة، ولمظلـوميتها ناصرة، أتت لدق آخر مسمار في نعش الاحتلال وحكومته النازية.
بعد أن خاضت غزة العزة حرب الحجارة، وصـمدت في وجه النار، ومن وحي مقاومة أزلية أنجبت زوال “إسرائيل” على يد عين الإعصار، وفوهة البركان، صانع الطوفان أبناء الإسلام من حملوا راية الشـهادة على كتفهم، إنهم حماس وما أدراك ما حماس، هم أعجوبة الدهر، سر الله في خلقه، ولعنة “إسرائيل” وتميمة الموت عزرائيل، للاحتلال نكال، وللكيان زوال، هذا وعدهم وعهدهم.
حماس يا أعجوبة الزمان ومعضلة الدهر في وجه الصهاينة، قبل أُكتوبر كنا بدون عيد ولم يمر يوم سعيد كيوم طوفانكم في سبعة أُكتوبر، كتبتم التاريخ بدماء الصهاينة، وكتبتم النصر بصمودكم.
عام أمام آلة القتل التي عليها أمريكا مراهنة، هدمتم مدنهم المزينة بالقمع والقتل، المعمرة على جثث أصحابها الأصليين، وباشرتم جنودهم القتلة بالأسر وهم صاغرون، اقتحمتم معاقلهم بعد فرارهم للملاجئ صاغرين، واليوم تفتحون بعد عام من قتل المدنيين معرضًا لمحرقة دبابات ومدرعات المحتومين بإسناد جوي وبري وبحري، لم يسلم جنود عدوكم من بطش سواعدكم.
في يوم 7 أُكتوبر حقّقتم قول الله تعالى: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ) فقد أتاهم جنود الله، تركوا المستوطنات والمعسكرات وهربوا كالكلاب، وفشل العدوّ ودفاعه الجوي، وانهار جيشه الذي لا يُقهر.
فعاد الصهيوني المجرم لقتل الأبرياء بطائرات الموت الخبيثة ليحقّق جرائم الإبادة بعد خذلانه من مواجهة المقاومة، ولكن عليه أن يفهم ليس هناك حرب بدون دماء، وليس هناك خسائر دون انتصار، فلا هيمنة أمريكا ستحقّق حلمه، ولا قتل الأطفال سيؤخر زواله.
في سبعة أُكتوبر كانت المستوطنات خاوية على عروشها، هرب من هرب وقتل من مكث واحتل واغتصب الأرض، ومن يوم7 أُكتوبر ما زال المقاوم كما كان قبل عام، فلا “إسرائيل” عادت إلى مستوطناتها بغلاف غزة، ولا قضي على حماس، ولا انفرد بقتل غزة ولم يسلم من يد البأس اليماني واللبناني والعراقي والإيراني، أراد قتل غزة وحيدة فأتاه البأس اليماني، رد الحصار بحصار شامل، وأعلن العدوّ إفلاس وإغلاق ميناء إيلات نهائيًّا.
ولم يستطع اليمن أن يكتفي بحصار العدوّ بغزة، فقد قام بتطوير صواريخه والبحث عن طريقة لدك الصهاينة، فطور سلاحه وأصبح الفرط الصوتي لا يصدر صوتًا إلا في يافا المحتلّة، وأما حزب الله فقد ضحى بسيد المقاومة قربان على طريق القدس، وأصبحت بيروت كغزة، اختلط الدم بالدم، والهدف بالهدف.
والعراق ضرب فأوجع وصعَّد عملياته ولم يتفرج، أما إيران فقد صنعت المستحيل، وجعلت النهار يصدع في غسق الليل بصواريخ الوعد الصادق الذي دك كُـلّ شبر من أرضنا الحبيبة فلسطين المحتلّة من منطلق الطوفان ووعد الشهداء إسماعيل هنية وسيد المقاومة حسن نصر الله.
نحن سنساند الطوفان إلى أن تتحرّر فلسطين، فسلام على حماس رجالها ومقاومتها، وغزة ولبنان المضحية بدمائها في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس التي لن تُهزم ما دام الله وعد عباده بالنصر والتمكين.