طوفانٌ حتى التحرير
منتصر الجلي
7 أُكتوبر ليس كغيره من الأرقامِ والحسابات والمناسبات، بل تاريخٌ هَدَمَ أُسطورةَ سبعين عاماً من الغطرسة الإسرائيلية، سبعون عاماً من القتل، والتدمير، والتشريد، سبعون عاماً من التهجير والاستيطان، والتعذيب، سبعون عاماً من الأسرِ والتنكيل، والاغتصابات والسجون، سبعون عاماً من نزيف الدم الفلسطيني.
الفلسطيني أمام كُـلّ ذلك ظهَرَ في يوم واحد متخلياً عن صِفر التراجع والإحباط، والمفاوضات، والمطالبات، والمعاهدات، والنكسة، والنكبة، وغيرها، صباح السابع من أُكتوبر المجيد، يومٌ غيَّر التراجيديا الإسرائيلية، والخرافات التلمودية، والبيع العربي للقضية نحو التطبيع.
القراءة الصحيحة المنطقية لذلك اليوم التاريخي أنه سطَّر مظلومية آلاف المجازر، آلاف الضحايا، آلاف الدماء، جميعها سقطت تحت أقدام المجاهدين من كتاب القسام والفصائل الفلسطينية.
مرعبة بالنسبة للعدو الإسرائيلي هذه الحالة وهذا اليوم العظيم؛ لأَنَّه اكتسح منظومة القرار، وأعاد بلورة القضية جغرافياً وإقليمياً ودوليًّا، يوم خلط أوراق الغرب، وأظهر هشاشة البنت المدللة -للأمريكي إسرائيل- أبان سوءة العجز العربي، والتخاذل القومي العربي تحت يافطة حَـلّ الدولتين، وهوامش السلام المزعوم.
يوم تخلِّده الذاكرة العربية والأمّة، إنه يوم مِفصلي على طريق التحرير والوعد الإلهي الصادق.
مشهدية مختلفة وزاوية تحسم جدل القضية العالقة على أرفِّ طاولة السيادة المنتزعة من أيدي العرب جميعاً، (طُـوفَان الأقصى) عملية مختلفة، قلبت المعيار، وحدّدت مسار القضية إلى حَيثُ يجب أن تكون وهي المقاومة للمحتلّ دون قيد أَو شرط، مع تغير الأجواء المحيطة بالمعركة اليوم، أثبتت صوابية الانطلاقة وجدوائية الموقف.
العملية المباركة حدّدت مسارات اللقاء ونقاط القوة لدى محور المقاومة وأثبتت جدية وحدة الساحات، لتنطلق وحدة قومية عربية خالصة، خارج سرب الأنظمة المغردة بالتطبيع لكيان العدوّ، هي المقاومة، من اليمن، إلى لبنان، إلى العراق إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
انطلقت عملية الطوفان، لتجعل من البحر الأحمر بوابة مغلقة في وجه كيان العدوّ، ليعلن شعبنا على لسان السيد القائد عَمَّا يزيد على 197 سفينة وبارجة مرتبطة بالعدوّ، أُعطبت وأحرقت وأغرقت في البحر، واقع لم يحسب له الإسرائيلي أن يكون أَو يحصل، ناهيك عن 1000 ضربة ما بين مسيّرة وصاروخ باليستي ومجنح.
تطلق العملية المباركة لتلتقي بأحرار حزب الله والمجاهدين في لبنان، لتشتعل مناطق العدوّ ومنشآته الحدودية الشمالية مع لبنان، ينتج عنها معركة من أشد المعارك والجولات التي تلقاها العدوّ على أيدي المجاهدين في حزب الله، رغم التضحيات الجسام، التي قدمها حزب الله في هذه المعركة الأُسطورية من عدد الشهداء، والقادة، وأعظم تضحية وقربان استشهاد سماحة السيد القائد المولى السيد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه) كُـلّ ذلك في سبيل القضية، ووفاءً لله ورسوله وَللأُمَّـة، ودفاعاً عن مقدسات الدين العظيمة.
هكذا هي معركة الطوفان، بهذا المستوى من الصراع في وجه العدوّ الإسرائيلي، ناهيك أيها المواطن العربي في بلدان الصمت والرجعية الخليجية المقيتة، عن آلاف المجازر وآلاف الضحايا، آلاف المنازل والبُنى، آلاف الموتى بالقصف والجوع والحصار، وما أعظمَها من تضحيات.
كُـلّ ذلك مع تمام العام الأول للمعركة المصيرية، التي يرى مراقبون أنها فاتحة الزوال للكيان الإسرائيلي، وملحمة من ملاحم الأخبار التاريخية، التي تؤكّـد جميعها أنه آن الأوان لتجد الأُمَّــة نفسها وترفع سيفها، رغم الخيانة التي تتعرض لها المقاومة من قِبل الزعماء والقادة العرب، الذين وجدوا أنفسهم خلال عام كامل أمام سيل من الفضائح والنقد المُشين أمام شعوبهم وغيرها، لما ثبتت خيانتهم وصارت الحقيقة التي كانت توزع على دهاليز الاجتماعات واللقاءات تحت جنح الظلام، ها هي اليوم تخرج للعلن كاشفة سوءة التطبيع والتعاون مع كيان العدوّ.
حقائقُ تجلت وأصبحت غزةُ اليومَ خلال عامٍ كاملٍ الكاشِفةَ والفاضحة، كما هي سورة التوبة، وهنا نسجد لله حمداً وشكراً أن شعبنا اليمني أوفى بوعده وعهده لغزة وأبناء الشعب الفلسطيني خلال عام من الصبر والتضحية وعنوان وفائه كما قالها سماحة السيد القائد عبد الملك بدر الدين -يحفظه الله-: [لستُم وحدكم ومعكم حتى النصر] وقد اقترب بإذن الله صانع المتغيرات.