لن ينتهيَ المشوار يا ثورةَ الأحرار
رويدا البعداني
منذُ الأزل واليمنُ تتعرض للغزو الخارجي الذي اعتاد أن يأتي مستعرًا كشواظ من نار ويعود إلى وكره مطأطئًا رأسه وضيعًا مهانًا، ونظرًا لما تحتله اليمن من موقع استراتيجي بالغ في الأهميّة فقد كانت ولاتزال هدفا وغاية للأطماع الخارجية التي تعودُ اليوم بزي آخر وبشاكلة جديدة.
في القرن السابع عشر أقدم المستعمر البريطاني على احتلال مدينة عدن ابتداءً بجزيرة سقطرى التي تمثل مركزًا مهمًّا في اليمن، وفي حينها نشب صراع بين فرنسا وبريطانيا لاحتلال جنوب اليمن والاستيطان فيه؛ ونظرًا لما تمتلكه بريطانيا من نفوذ واسع وترسانة قوية احتلت جنوب اليمن في التاسع عشر من يناير عام ١٨٣٢م ومن هنا استل سيف المقاومة من غمد بقاعها ورقاعها، وانطلقت مسيرة حاشدة من جبل ردفان وَعمت ثورة عارمة في المدن وَالقرى وانتفضت القبائل ضد المستعمر البريطاني الذي أراد تقسيم جنوب اليمن إلى مستعمرات خاضعة له وجعلها دولة مستقلة عن الشمال، وسرعان ما ثارت حمية الشعب، وجاشت في نفسه جاهزية الدفاع عن أرض آبائهم وأجدادهم، وصد كُـلّ من سولت له نفسه المساس بحرية الوطن وَاستقلاله.
إن ثورة الرابع عشر من أُكتوبر قد خلَّدت في أكُف التاريخ عظمةَ أشاوس قارعوا الظلم والوصاية ورفضوا الاستبداد الذي خيّم على جزء من اليمن منذ عقود، وتعد أنموذجًا ساميًا للكفاح الوطني والتلاحم الشعبي الذي سيخلد في أنصع صفحات التاريخ، ولن تذهب تضحياتُ شعبنا الجسام سُدى وستظل حصنًا منيعًا يحمي حريتَنا المنشودة.
تلك الثورة الماجدة هي شعلة أمل تضيء دروب الأمس والحاضر وَتطرد اليأسَ من قلوب الكثيرين حتى الذين لم يهبوا لنجدة الأرض، كما أنها ستبقى نارًا مستعرة تحرقُ صفحات الألم والظلم.