الخسائر الاقتصادية للكيان كبيرةٌ وبمليارات الدولارات
المسيرة: عباس القاعدي
عامٌ على عملية (طُـوفَان الأقصى)، ولا يزالُ كيانُ العدوّ الصهيوني يتكبَّــدُ المزيدَ من الخسائر الاقتصادية الباهظة، والآثار المترتبة عن الغرق في الطوفان، الذي لم يكن مُجَـرّد عملية عابرة، بل كان حربًا تحرّرية، وحَدَثًا تاريخيًّا يحمل في طياته العديد من الإنجازات السياسية والعسكرية، خَاصَّة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، حَيثُ كشفت دراسات عن العديد من الخسائر والأضرار التي تعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي، جراء الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية، وتعرض القطاعات الاقتصادية الأَسَاسية لكيان العدوّ شمالي فلسطين المحتلّة لخسائرَ فادحة، جراء عمليات حزب الله.
وعن أبرز الإنجازات الاقتصادية التي حقّقتها قوى محور المقاومة، يقول أُستاذ المالية العامة المساعد بجامعة صنعاء، والباحث في الشأن الاقتصادي الدكتور يحيى علي السقاف: “لمحور المقاومة إنجازاتٌ كثيرة، أهمها الحصار الاقتصادي المُطبِقُ الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية من خلال استهداف السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني في البحار الأحمر والعربي والمتوسط والمحيط الهندي، الذي أَدَّى إلى إطباق الحصار على اقتصاد الكيان الصهيوني، وارتفاع تكاليف أجور الشحن والتأمين بشكل عام”.
ويضيف: “شكلت عمليات محور المقاومة في اليمن ولبنان والعراق، انتكاسة كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي، حَيثُ وفرت مجالًا واسعًا في القدرة على الإضرار باقتصاد الكيان الصهيوني من خلال منع الصادرات والواردات إلى الكيان الصهيوني من الصين والهند ودول الخليج، وَأَيْـضًا في توقف الممر البري من الإمارات والبحرين الذي يعبر السعوديّة والأردن والذي يربطها مع الكيان الصهيوني عبر مضيق هرمز، وَأَيْـضًا كان لهذه العمليات الدور البارز في منع جميع السفن من الوصول لميناء أم الرشراش المحتلّ الذي أعلن الكيان الصهيوني إفلاسه، كما خلفت هذه العمليات أزمات اقتصادية كبيرة على اقتصاد الكيان الصهيوني سيظل يعاني من تداعياتها وآثارها المباشرة وَغير المباشرة على المدى القصير والمتوسط والبعيد”.
ويؤكّـد السقاف أن “العمليات العسكرية لمحور المقاومة أثَّرت على اقتصاد الكيان الصهيوني بشكل مباشر وغير مباشر، من خلال ارتفاع العجز في ميزانية الكيان الغاصب إلى 8،5 % من الناتج المحلي الإجمالي، وَأَيْـضًا انخفاض متوسط نصيب دخل الفرد؛ نتيجةً لانخفاض القوة الشرائية لعملة كيان العدوّ الصهيوني”.
وبحسب تصريحات أحد البنوك في الكيان الصهيوني فَــإنَّ “كلفة الخسائر الأولية التي تكبدها الاقتصاد منذ بدء عملية (طُـوفَان الأقصى) ونتيجةً للحرب والاعتداءات على غزة” وصلت إلى عشرات المليارات من الدولار، وهذه التقديرات لا تشمل الخسائر التي ستطال قطاع الطيران وتوقف الأعمال التجارية والمصانع وفقدان الشركات العالمية الثقة بالعمل داخل الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى هروب الاستثمارات وهجرة رؤوس الأموال إلى الخارج وهي كلفة من الصعب حسابها.
وكذلك تضررت الشركات الإسرائيلية بشكل كبير، حَيثُ أغلقت العديد من الشركات أبوابها، وسجلت التجارة والاستثمار تباطؤًا حادًّا، وأظهرت بياناتٌ شبهُ رسمية أن 800 ألف شركة إسرائيلية أُغلقت منذ بدء الطوفان، وهذا الرقم يعادل نحو 10 % من إجمالي الشركات المسجلة في “إسرائيل”، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 40 %، من 25 مليار دولار في عام 2023 إلى 15 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024، وذلك يعكس تراجُعَ ثقة المستثمرين الأجانب في السوق الإسرائيلية، كما انخفض حجمُ الصادرات بنسبة 15 % في الربع الأول من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، فأثَّر ذلك سلبًا على العائدات”.
وبعد مرور عام على بدء (طُـوفَان الأقصى)، يؤكّـد السقاف، أن “الموقف اليمني بمنع الملاحة الصهيونية في البحرَين الأحمر والعربي والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي كانت لها آثار كارثية على اقتصاد الكيان الصهيوني، من خلال ارتفاع نسبة التضخم على السلع والخدمات في داخل الكيان الصهيوني وفي الخارج على مستوى أمريكا وبريطانيا ودول أُورُوبا؛ نتيجة ارتفاع أجور الشحن والتأمين، وتسبب أَيْـضًا في انخفاض نمو الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط والبعيد، وما لهذه العمليات أَيْـضًا من آثار على ارتفاع أسعار النفط والذي سوف يثير مخاوفَ بشأن صدمات محتملة في منطقة الشرق الأوسط التي تعتمد على تصدير النفط للخارج”.
ويبين السقاف أن “منع الملاحة البحرية للسفن الواصلة إلى الكيان الصهيوني منذ بدء عملية (طُـوفَان الأقصى)، من قبل اليمن، خلقَ تأثيرًا سلبيًّا مباشرًا على اقتصاد الكيان الصهيوني بشكل كبير ومُستمرّ على قطاع النقل الجوي والبحري وعلى قطاع السياحة والتجارة وعلى قطاع الغاز للكيان الصهيوني، وفي هذا الصدد يعترف أحد الخبراء في وزارة مالية الكيان الصهيوني أن عملية (طُـوفَان الأقصى) كان لها أثر كبير في انخفاض الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير جِـدًّا.
كما أن استمرار عملية (طُـوفَان الأقصى) والعدوان على غزة واستمرار قرار القوات المسلحة اليمنية بمنع الملاحة الصهيونية ترتب عليه تراجع كبير في سوق المال للكيان الصهيوني، وأن الضرر الرئيسي الذي لحق باقتصاد الكيان الصهيوني بالتحديد هو بسَببِ توقف مئات الآلاف للشركات في المنطقة الوسطى الذي عمل على انخفاض دورة الأعمال بنسبة كبيرة، وهذه النسبة تعتبر أكبر من فترة كورونا، كما قد تضطر تلك الشركات في هذه المرحلة إلى البحث عن عمال؛ لعدم وجود فترة محدّدة لانتهاء عملية (طُـوفَان الأقصى)”.
وبحسب الدكتور السقاف فَــإنَّ “للعمليات العسكرية التي ينفِّذُها محور المقاومة، تأثيراتٍ اقتصاديةً مباشرة وطويلة على الكيان الصهيوني بشكل عام وجنوبها بشكل خاص، حَيثُ كان الضررُ الاقتصادي واضحًا، ومع تطور الأحداث ستتعطل المصالحُ الاقتصادية الإسرائيلية بالكامل في جنوب فلسطين المحتلّة، وسيطال ذلك أَيْـضًا تل أبيب، “يافا”؛ بسَببِ تأثير الضربات الصاروخية لدول محور المقاومة وَستشكل ضربة اقتصادية للكيان الصهيوني ربما يظهر حجم وقيمة فاتورتها مع مرور الوقت وتطورات الحرب؛ ولهذا وبما لا يدع مجالًا للشك فَــإنَّ ضربات محور المقاومة بشكل عام والموقف اليمني بشكل خاص من منع الملاحة الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي فرض معادلة جديدة على مستوى العالم وهي أن الانهيار الاقتصادي للكيان الصهيوني؛ -باعتبَاره يعتمد على بقائه وقوته وغطرسته على الترسانة الاقتصادية، كما يعتمد على المساندة الدولية له من أمريكا ودول أُورُوبا؛ بناءً على مصالحه الاقتصادية معهم- سيكون بدايةَ النهاية والزوال لهذا الكيان الصهيوني المحتلّ، وسوف يكون النصرُ قريبًا بإذن الله”.