١٤ أُكتوبر وَإشعالُ الشعلة في الجنوب؟
بشرى المؤيد
يأتي الذكرى الحادية والستون من ثورة ١٤ أُكتوبر وطرد الاستعمار البريطاني من الجنوب وتخلصهم من ذلك الاحتلال البغيض الذي أذاقهم المُر ولم يجلب لهم أي خير فلم يعيّشهم إلا في ضيق، وذل، وقهر، وهوان وإهانة، وكسر للمعنويات؛ لم يأتي لهم برغد العيش الهني الذي يجعلهم ينعمون بما تجود ثروات بلادهم.
يا هل ترى كيف سيحتفلون بهذه الذكرى وهم قابعون تحت احتلال جديد أغراهم بأنهم سيكونون مثل بلدانهم بالضبط في “تطور البنيان وامتلاء الجيوب بالدراهم والذهبان” لكنهم صحوا على واقع مُر وأليم على “فقر مدقع وذل مفجع”. لا عزة، ولا كرامة، ولا حرية يعبرون بها عما أصابهم من إهانات وانكسارات، وانبطاحات. لا يستطيعون أن يقيموا أية احتفالات تعبر عن الابتهاجات وَالسعادات في أهم المناسبات الدينية والوطنية؛ فماذا هم فاعلون وصانعون في أهم ذكرى تمر عليهم؟ وتقول لهم: كيف ستحتفلون وأنتم مكبلون بالقيود؟ لا تستطيعون حتى التعبير عنها حتى ولو بالقليل من الكلمات.
هل تستطيعون إشعال الشعلة بمناسبة تحرّركم من سطو الاستعمار؟ هل تستطيعون إشعالها بكل فخر وعنفوان، وأنتم رافعون رؤوسكم إلى العنان؟
بالطبع لا تستطيعون؛ فأنتم ما زلتم تحت تحكم وحكم الطغيان، من بيده السوط والسيطرة على كُـلّ المناطق والقيعان، يا للخسارة ويا لفداحة ما صنعته أيديكم ولم تكونوا تستمعون لنصائح السيد القائد التي هي لآلئ ومرجان، كنتم في غرور وبطش وهيجان، خدعوكم بقولهم: هذا الحوثي يريد الحكم والذهبان، يريد الإمامة ليجعلكم عبيدًا وخدامًا؛ فصدقتموهم فجعلوكم في خذلان، استمعتم إليهم وجعلتم آذانكم من طين وعجين لا تسمعون نصائح المخلصين الشجعان، أنانيتكم جعلتكم تفكرون بأنفسكم وأن ثرواتكم لكم وستكونون كبلدان البعران، لكن الآن هل وجدتم ما وعدوه لكم من ثراء ونماء؟ يحز فينا أن نراكم بهكذا عبودية وانكسار وذل وخضوع وهذا لا يكون إلا للرحمن!
فها هي نتائج الاحتلال ترونها بأعينكم وتلمسونها بأيديكم لا يوجد خير في عدو لا يريد لكم الخير وإنما يريد لكم الانهيار المعنوي من الذل والهوان والانكسار والفقر والتخلف وَأَيْـضًا الانهيار في كُـلّ مجالات حياتكم العلمية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والصحية. يجب أن تفيقوا وتحملوا أسلحتكم لتحرّروا بلدكم من هذا الظلام الذي تعيشون فيه، انظروا إلى شمالكم كيف يعيشون في عز وكرامة وحرية واستقلال. يعيشون في عنفوان وشموخ وكبرياء ليس له نظير. حتى من ينزحون من مناطقكم ويأتون إلينا لا يلاقون إلا كُـلّ محبة وإخاء وترحيب؛ فصنعاء الصمود وَالشموخ لا تفرّق بين أبنائها فهم كلهم في عينها سواء..
إن من يريد الحرية يجب أن يقاوم وينبذ الاستعمار من قلبه؛ فالحرية والاستقلال والكرامة لا تأتي على “طبق من ذهب” لا تكون -كما قال الدنبوع-: “إذَا وصل الخوف إلى الصدر فَــإنَّه سيصل إلى الأرجل” برغم أن ما قاله يدعو للتندر لكن مقولته صحيحة؛ فالأرجل تحتاج ثبات الشجعان، ثبات المؤمنين، ثبات الأبطال، ثبات الصادقين؛ حتى تقدم على التحرّر من كُـلّ عبودية واحتلال.
نصيحتنا لكم بكل محبة وأخوة: انهضوا واستيقظوا من سباتكم قبل أن تجدوا أنفسكم وَبلادكم بلا دين وَلا هُــوِيَّة. استيقظوا قبل فوات الأوان وتجدوا أنفسكم بلا عزة وَلا كرامة. انفضوا الغبار من رؤوسكم واكسروا القيود من أياديكم وانزعوا الخوف من صدوركم وتمسكوا بالحي الذي لا يموت وتوكلوا عليه في كُـلّ أموركم. حافظوا على ثرواتكم من أيادي الفاسدين فأنتم أولو القوة والبأس الشديد، وكونوا كما قال رسولنا الكريم: “الإيمان يمان والحكمة يمانية”. كونوا يدًا واحدة فالعِصِيَّ المجتمعة لا يستطيعون كسرها أَو ثنيها. أنتم الإيمان وأنتم الأحرار الذين يقولون لكل طاغٍ متكبِّر: “بَرَّعْ بَرَّعْ يا استعمار”.