الصهيونية وديمقراطيتُها.. دجلٌ وخداع
ق. حسين محمد المهدي
مما لا ريبَ فيه أن مَن اعتمد على كفاءة أهل اللؤم والسوء لم يخلُ من رأي فاسد، وظن كاذب، وعدو غالب.
فمن أطاع هواه هلك، وإن عظم سلطانه، وكثر أعوانه.
والهوى مطية المحنة، والدنيا دار الفتنة، فمَن أعرض عن الخنى فهم، ومن نزل عن الهوى سَلِمْ.
ولكن نرى اليوم زعماء الصهيونية اليهودية وقد أدلج بهم الهوى في بحر مريج، وغرتهم السلطة والمال، فاستعبدوا العباد، وركبوا الأهوال، وكأنهم لم يعلموا أن حبال السلطة تنقطع، وعارية الدهر ترتجع، ويبقى عليهم مرتكبوه من الجرم، وما اكتسبوه من الإثم.
فالدنيا كَحِلم النيام، وظل الغمام، كم خدعت بخداع شهواتها أهل الهوى وأذاقتهم الردى، وكتبت عليهم الشقاء، وهذا فرعون حينما استبد بسلطانه، وطغى على البشر بماله وأعوانه، وزعم الألوهية، واغتر بما آتاه الله من الملك والسلطان، وبما كان عنده من القوة وعتاد الحرب فنادى في المصريين بما أخبر الله عنه: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأعلى) (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي).
وإذا نظرت إلى المجتمع الإنساني وجدت أن منبع الشرور والفساد الحقيقي إنما هو زعم بعض البشر صراحة بألوهية الناس، أَو ممارسة بعض البشر الألوهية تحت شعار الديمقراطية أَو غيرها.
فالتاريخ يحكي لنا العِبَر من الممارسات الظالمة والمستعلية على رؤوس ملايين من البشر.
فقد أخضعت الطبقة العليا في أمريكا من رجال الصهيونية الغرب كله لأصحاب الثراء، وأرباب السياسة وأخضعت رقاب الجمهور لمطامعهم الأشعبيّة.
وها هي الصهيونية اليهودية في أمريكا وغيرها ممن لا يتجاوز عددهم عدد الأنامل بضع مرات يستبدون بموارد الثراء في أمريكا وأُورُوبا بأسرها، ويتحكموا في نفوس الملايين من البشر، وفي أموالهم ودمائهم.
وكأن هذه الصهيونية الرأس مالية المستبدة قد اتخذت نفسها إلهًا لقوم آخرين، وتريدُ أن تطبِّق ذلك في بلدان أُخرى؛ فهي تريد أن تسلبَ أرضَ العرب في فلسطين ولبنان وسوريا وتسلِّمُها لليهود المتصهينين.
وها هي تسلب العرب ثرواتهم، وتهين رؤساءَهم وملوكهم وكأنهم قطيعٌ من عبيدها وغلمانها، وتَسُنُّ قوانين بمعاقبة إيران وغيرها، فمن الذي أعطاها الحق في هذه العربدة والاستكبار؟
إن كُـلّ مكان تقوم فيه ألوهية الناس على الناس يتفشى فيه الظلم والجور والاستثمار الممقوت واستعباد البشر، والتكبر في أرض الله بغير الحق.
لقد حُرِمَت الروحُ البشرية حريتَها الفطرية وغلبت العقول البشرية في أمريكا وأُورُوبا وبعض الدول العربية، وفي كُـلّ الدول التي تسيطر عليها الصهيونية اليهودية على أمرها، وغلت طبائعها الفطرية وخصائصها الفكرية بأنواع من الاغلال، وكأن الشخصية الإنسانية في أُورُوبا وأمريكا قد منعت من كمال نشوئها وارتقائها.
ولا سبيل لخلاصهم من هذا الطاغوت إلا بالإيمان بالله وحدَه والدخول في دين الإسلام (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّـهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انفصام لَها).
إن ألوهية الناس على الناس أصل المصائب والدمار، وما يحصل للبشرية اليوم من البؤس والشقاء إنما هو من هذا الداء الذي أفسد أخلاق البشرية وقواهم العلمية والفكرية، وأكل مدنية الناس وحياتهم الاجتماعية وسياستهم ومعائشهم (قُلْ يا أهل الْكِتابِ تَعالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضًا أَرْبابًا مِنْ دُونِ اللَّـهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).
فيا أنصار الله وحزبه ويا أيها الأحرار الأسود المناهضة للصهيونية اليهودية في فلسطين وفي كُـلّ أنحاء العالم أنتم المؤهلون لرفع راية الحق، وتحرير فلسطين وإيجاد دولة إسلامية تحكم العالم كله بالعدل، وترفع مكانة الإنسان إلى أعلى مراتب العز والشرف والصدق والإيمَـان (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.