السيد القائد عبد الملك الحوثي في خطاب له بمناسبة استشهاد يحيى السنوار: حركةُ حماس قدّمت الكثيرَ من الشهداء ولم تضعْ رايةَ الجهاد ولم ترفعْ راية الاستسلام
المسيرة – خاص:
تقدَّمَ السيدُ القائدُ عبدُالملك بدر الدين الحوثي -يحفظُهُ الله- بأحر التعازي والمواساة في استشهاد المجاهد الكبير يحيى السنوار، رئيسِ المكتب السياسي لحركة حماس.
وعبَّرَ السيدُ القائدُ في خطابٍ متلفز، مساء الجمعة، عن تعازيه الحارة لأسرة الشهيد الكريمة ولإخوتنا المجاهدين في حركة المقاومة الإسلامية حماس وكتائب القسام، ولكل المجاهدين في فلسطين وللشعب الفلسطيني ولأمتنا الإسلامية، مؤكّـدًا أن “تضحيات الشعب الفلسطيني المظلوم ومجاهديه الأعزاء لن تضيع أبدًا، وأن الله -سبحانَه- هو نصيرُ عباده المظلومين والمستضعفين في سبيله”.
وَأَضَـافَ أن “العدوّ الإسرائيلي إذَا تصور أن استشهادَ القائد السنوار سيؤدّي إلى انهيار جبهة الجهاد الكبرى في قطاع غزة، أَو كسر الروح المعنوية للمجاهدين فهو واهم”، مُشيرًا إلى أن “حركة حماس كانت دائمًا معطاءةً ومتماسكة، وقدّمت الشهداء القادة منذ يومها الأول، ولم تتأثر باستشهاد مؤسّسها أَو قادة آخرين”.
وأكّـد أن “تقديم العدوّ “الإسرائيلي” لجرائمه في قتل القادة المجاهدين كإنجازٍ هو تصوُّرٌ خيالي وتجاهل للحقائق الماثلة في الواقع”.
كما شدّد على أن “الإرث العظيم الذي يخلِّفُه القادةُ المجاهدون هو الوفاءُ لتضحياتهم وأهدافهم المقدسة ومواصلة المشوار، وهي مسؤولية الأُمَّــة جميعًا وعهد المجاهدين الصادقين”.
وأوضح السيد القائد أنه “مهما كانت مكائدُ الأعداء وعملياتُ القصف والعدوان الأمريكي على بلدنا فلن نتخلّى أبدًا عن نصرة الشعب الفلسطيني، ونقول كما قلنا منذ البداية لإخوتنا المجاهدين في فلسطين: لستم وحدكم”.
وأكّـد السيدُ القائد على استمرار الشعب اليمني وقواته المسلحة في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس” في البحار والقصف الصاروخي والطائرات المسيَّرة؛ إسنادًا للشعب الفلسطيني ومقاومته الصامدة والشجاعة.
وفيما يلي نَصُّ الخطاب:
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
قال الله تعالى في القرآن الكريم: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 169-171]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم.
ببالِغِ الحزن والأسى تلقينا نبأ استشهاد الأخ المجاهد الكبير، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، القائد الشهيد/ يحيى السنوار “رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاهُ”، حيث قضى نحبَه شهيدًا في سبيل الله، في ميدان المواجهة والبطولة والشرف، ثابتًا صابرًا، مجاهدًا محتسبًا، حرًا عزيزًا، مقدمًا نموذجًا راقيًا وملهمًا، في الاستبسال والتفاني في سبيل الله، والثبات على الموقف الحق، فهنيئًا له الشهادة المشرِّفة، والخاتمة الحسنة، لمسيرة جهاده وعطائه، التي كانت حافلةً بالجهد، والأداء المميز والمتألق، والذي سيبقى في سجله درسًا للأجيال، وحافزًا كبيرًا لرفاق دربه المجاهدين، وقربةً عظيمةً إلى الله تعالى.
وفي هذا المقام، نتقدَّمُ بأحرِّ التعازي وخالص المواساة لأسرته الكريمة، ولإخوتنا المجاهدين: حركة المقاومة الإسلامية حماس، وكتائب القسام، ولكل المجاهدين في فلسطين، وللشعب الفلسطيني، ولأمَّتنا الإسلامية، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، عظَّم الله أجر الجميع، وأجر كل المجاهدين، في هذا المُصابِ، الذي أحزن قلوبَ كُلَّ المؤمنين، وعند الله تعالى نحتسبه شهيدًا في سبيل الله تعالى، صابرًا مجاهدًا، حاملًا لراية الحق، في مواجهة أعداء الله الصهاينة، المجرمين الظلاميين، المفسدين في الأرض، والمرتكبين لأبشع جرائم الإبادة الجماعية، والمنتهكين للحرمات والمقدَّسات.
إن تضحياتِ الشعب الفلسطيني المظلوم، ومجاهديه الأعزاء، لن تضيع أبدًا، وإن الله سُبْحَانَهُ هو نصير عباده المظلومين والمستضعفين، الذين يتحركون في سبيله، ويؤدون مسؤولياتهم وواجباتهم المقدَّسة، في مواجهة الطغاة المجرمين المستكبرين، ويتوكلون على الله تعالى، ويثقون به، ومهما كانت المعاناة؛ فالوعدُ الإلهي بزوال الكيان المجرم متحققٌ، وآتٍ حتمًا لا ريبَ في ذلك.
لقد خاض الشهيد القائد/ (أبو إبراهيم) يحيى السنوار “رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاهُ” أشرس المواجهة، برفقة الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، في التصدي للعدوان الهمجي الإسرائيلي، في ظروفٍ صعبةٍ جدًا، من الحصار، والمعاناة الكبيرة، والتدمير الشامل، والخذلان المؤلم من المحيط العربي والإسلامي، ومع كل ذلك كانوا ولا يزالون صابرين ثابتين، وإذا تصوَّرَ العدوُّ الإسرائيلي أن استشهادَ القائد المجاهد الكبير/ يحيى السنوار “رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاهُ” سيؤدي إلى انهيار جبهة الجهاد الكبرى، في قطاع غزة العزة، وكسر الروح المعنوية للمجاهدين، فهو واهم، وهي آمالٌ سرابيَّة، فحركة المقاومة الإسلامية حماس هي حركةٌ معطاءةٌ ومتماسكةٌ، وقدمت الشهداء القادة من يومها الأول، باستشهاد مؤسِّسها، وقادةٍ من أبرز قاداتها، ولكنها لم تضع راية الجهاد، ولم تترك الميدان، ولم ترفع راية الاستسلام، بل واصلت مشوارها التصاعدي، في الجهاد، والبناء، وتطوير القدرات، والاستمرار في العمل في مختلف المجالات، وتصدرت الساحة الفلسطينية، وهي تدافع عن شعبها، وعن المقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف، وعن أرض فلسطين المباركة.
إن تقديمَ العدوّ الإسرائيلي لجرائمه في قتل القادة المجاهدين، كإنجازٍ يطمعُ أن يتحقِّقَ له به أهدافَه، هو تصوُّرٌ خيالي، وتجاهلٌ للحقائق الماثلة في الواقع، فحركة المقاومة الإسلامية حماس لم يسبق لها أن تراجعت لذلك، وكذلك حركة الجهاد الإسلامي، بعد استشهاد القائد الشهيد الكبير/ فتحي الشقاقي “رَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاهُ”، واصلت مشوارها بكل عنفوانٍ وثبات، وها هو حزب الله في لبنان يعلن عن مرحلةٍ جديدةٍ من التصعيد ضد العدو الإسرائيلي، ويقاتل بثباتٍ واستبسال، ويُمَرِّغ أنوف جنود العدو الإسرائيلي وضباطه في التراب.
إن الإرث العظيم، الذي يُخَلِّفه القادة المجاهدون، هو الوفاء لتضحياتهم، وأهدافهم المقدسة، ومواصلة المشوار، وهي مسؤولية الأمة جميعًا، وعهد المجاهدين الصادقين، وإن شهادة الشهداء وتضحياتهم، مع عطاء المجاهدين وصبرهم، هي قربةٌ إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يكتب بها النصر لعباده المستضعفين، والخيبة لأعدائه المجرمين.
إننا في جبهة الإسناد لغزة العزة، والشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، من يمن الإيمان والحكمة والجهاد، في معركة (الفتح الموعود والجهاد المقدس)، لنؤكد مواصلة مسارنا التصعيدي، في العمليات العسكرية الجهادية في البحار، وكذلك بالقصف بالصواريخ والمسيَّرات، إلى عمق فلسطين المحتلة، ضد العدو الصهيوني، في إطار المرحلة الخامسة من التصعيد، إلى غير ذلك من أنشطة الإسناد، في كل المجالات، بكل ما نستطيع، ومهما كانت مكائدُ الأعداء، وعمليات القصف والعدوان الأمريكي على بلدنا، فلن نتخلَّى أبدًا عن نصرة الشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأعزاء، ونقول -كما قلنا منذ البداية- لإخوتنا المجاهدين في فلسطين: لستم وحدكم، ومعكم حتى النصر، وَاللهُ مَعَكُم، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}[النساء: 45]، وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا، فأنتم أهل الرباط، وأهل الجهاد، وأنتم الصابرون الثابتون، وأنتم تمتلكون القضية العادلة، والموقف الحق، في مواجهة شر الخلائق: الصهاينة اليهود المجرمين، المعتدين، والله تَعَالَى يقول في القرآن الكريم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران:146].
وقد نطقت الكلمات والبيانات، المعبِّرة عن حركة المقاومة الإسلامية حماس، وعن كتائب القسّام، من موقع الفعل وموقف الميدان، بالتأكيد على الثبات على الموقف، والتمسك بالحق، وكذلك بيانات الفصائل الفلسطينية، الثابتة المجاهدة، والواقفة جنبًا إلى جنب مع حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيم، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} [النساء: 45].
وَالسَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.