فشلُ العدوّ الإسرائيلي أمرٌ حتميّ
فاطمة عبدالإله الشامي
في الوقت الراهن، نجد أنفسَنا أمام مشهد يعكس بوضوح ضعف العدوّ الإسرائيلي أمام محور المقاومة، وهو مشهد يتجاوز مُجَـرّد الصراع العسكري ليعكس صراعاً عميقاً بين الإرادات والهوية. هذا الصراع، الذي يمتد عبر الزمن، يتناول قضايا الوجود والحق في الحياة، ويعكس كيف يمكن أن تتجاوز الإرادَة الشعبيّة القوة العسكرية والتفوق التكنولوجي.
العدوّ الإسرائيلي، الذي لطالما اعتُبر القوة المسيطرة في الشرق الأوسط، يعاني اليوم من تآكل هذه الهيبة. العمليات العسكرية التي ينفذها محور المقاومة، والذي يشمل إيران وحزب الله والفصائل الفلسطينية، تكشف عن مستوى عالٍ من التنسيق والقدرة على التخطيط. هذا الأمر يزيد من القلق لدى القادة الإسرائيليين، الذين يشعرون بأنهم ليسوا محصنين كما كانوا يعتقدون. إن الهزائم التي تعرضوا لها في صراعات سابقة، مثل حرب 2006، تعكس أن المقاومة ليست مُجَـرّد رد فعل، بل هي استراتيجية متكاملة تسعى إلى تحقيق أهدافها.
في هذه السياق، يبدو أن الدعم الأمريكي لإسرائيل، بما في ذلك تزويدها بمنظومة “ثاد” للدفاع الجوي، يعكس جانباً معقدًا من الصراع. على الرغم من أن هذه المنظومة تمثل خطوة مهمة لتعزيز الدفاعات الإسرائيلية، إلا أنها ليست بالضرورة الحل السحري. الواقع يظهر أن محور المقاومة قد طور قدرات هجومية متقدمة، مما يجعل الأنظمة الدفاعية التقليدية أقل فعالية.
إن الاعتماد على القوة العسكرية وحده لم يعد كافياً، فالتاريخ يعلمنا أن الحروب التي تُخاض بناءً على القوة فقط غالبًا ما تكون لها نتائج غير متوقعة.
اليوم، نشهد تصاعداً في التوترات بين الجانبين، مما يهيئ المناخ لحرب إقليمية قد تكون وشيكة. إن الاستعدادات العسكرية من قبل محور المقاومة تعكس رغبة قوية في مواجهة أي تصعيد محتمل. هذا الصراع ليس مُجَـرّد معركة على الأرض، بل هو معركة إرادَة وتاريخ، حَيثُ يسعى كُـلّ طرف إلى تحقيق هويته ورؤيته للوجود. إن المقاومة ليست فقط سلاحاً، بل هي تعبير عن الأمل والكرامة.
عندما نتحدث عن محور المقاومة، يجب أن ندرك أنه يمثل أكثر من مُجَـرّد مجموعة من الفصائل المسلحة. إنه يمثل فلسفة حياة قائمة على القيم الإنسانية والحق في الوجود. إن الشعوب التي تنضم إلى هذا المحور تعبر عن رغبتها في التحرّر من القيود، وفي سعيها نحو العدالة. المقاومة تعكس أَيْـضاً قدرة المجتمعات على النهوض من جديد، على الرغم من التحديات الكبيرة.
في هذا الإطار، علينا أن نفكر في كيفية تأثير الاحتلال الإسرائيلي على الهوية الفلسطينية. إن الاحتلال ليس مُجَـرّد وجود عسكري، بل هو أَيْـضاً محاولة لتفكيك الهوية الوطنية والثقافية. إن الاستفزازات المتكرّرة في القدس والمسجد الأقصى، على سبيل المثال، تزيد من حدة التوترات وتؤجج مشاعر الغضب لدى الفلسطينيين ومحور المقاومة. وهذه الاستفزازات لا تؤدي فقط إلى تصعيد الموقف، بل تعزز من موقف المقاومة، حَيثُ يجد هؤلاء المقاومون في تلك الأفعال مبرّراً قويًا لمواجهة الاحتلال.
إن المرحلة القادمة قد تحمل معها تغييرات جذرية في موازين القوى في المنطقة. الحرب ليست فقط خياراً، بل هي احتمال قائم يلوح في الأفق، وقد تكون لها تداعيات بعيدة المدى على مستقبل الصراع. إن الأحداث الجارية اليوم قد تكون نقطة تحول تاريخية، حَيثُ تزداد احتمالات خسارة إسرائيل أمام محور المقاومة المتنامي. يبدو أن العدوّ الإسرائيلي قد يجد نفسه في موقف ضعيف، حَيثُ تتزايد قدرة محور المقاومة على التحدي والرد.
عندما ننظر إلى المستقبل، يجب أن نكون واعين للأبعاد الفلسفية لهذا الصراع. إنه ليس مُجَـرّد صراع عسكري، بل هو صراع على الهوية، على الذاكرة، وعلى الحق في الوجود. في هذا السياق، يمكننا أن نتساءل: ماذا يعني أن تكون حراً في ظل الاحتلال؟ إن الإجَابَة على هذا السؤال تتجاوز الأبعاد العسكرية، لتشمل الأبعاد النفسية والثقافية.
إن الأمل في غدٍ أفضل يجب أن يبقى موجوداً، حتى في أحلك الظروف. إن الإرادَة الشعبيّة قادرة على إحداث التغيير، مهما كانت التحديات. عندما ينضوي الناس تحت راية المقاومة، فإنهم لا يقاتلون فقط؛ مِن أجلِ البقاء، بل يسعون لتحقيق حلمهم في التحرّر والعدالة. هذا الحلم هو الذي يجعل المقاومة مُستمرّة، وهو الذي يمنحها القوة في مواجهة التحديات.
في النهاية، إن الصراع الحالي بين العدوّ الإسرائيلي ومحور المقاومة هو أكثر من مُجَـرّد مواجهة عسكرية. إنه صراع فلسفي عميق يتناول قضايا الهوية والوجود. إن الأحداث التي تجري اليوم ليست مُجَـرّد صراعات عسكرية، بل هي معركة إرادَة وتاريخ، حَيثُ يسعى كُـلّ طرف إلى تحقيق أهدافه.
إن الأمل في غدٍ أفضل يجب أن يبقى موجوداً؛ لأن الشعوب التي تسعى نحو الحرية والعدالة لا يمكن أن تُهزم.