الدول المطبّعة واستشهاد القادة
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
خلال معركة (طُـوفَان الأقصى) لم نرَ مواقفَ إيجابيةً للدول المطبِّعة مع الكيان الصهيوني، بالرغم من أن المبرّر الذي قدمته تلك الدول للتطبيع هو التسريع في إيجاد حَـلّ للقضية الفلسطينية من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ولكن ما حدث أن هذه الدول فقدت قدرتها على التحَرّك والتدخل لوقف إطلاق النار؛ بسَببِ انها لم تعد مقبولة من قبل الجانب الفلسطيني وفقدان الثقة بها من كافة الأطراف المعنية، وقد وصل الأمر بهذه الدول إلى محاولة إخفاء الإجراءات التطبيعية مع الكيان الصهيوني، وقد حاولت الدول المطبعة البحث عن دور في ما يجري يعيدها إلى الواجهة ولم تجد سوى تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة ولبنان، ولكن حتى تلك المساعدات أصبحت موضع شك من قبل الأهالي، وكانت تلك الدول قد حاولت اتِّخاذ مواقفَ سياسية إيجابية في إطار المنظمات الإقليمية والدولية، ولكن لم يكن لها أي تأثير على مجريات الأحداث؛ بسَببِ الضغط الأمريكي الذي يمارَسُ عليها؛ لمنعها من الالتحام مع شعوب المنطقة.
وعندما استشهد قادة المقاومة المجاهد إسماعيل هنية والسيد المجاهد حسن نصرالله ومؤخّرًا المجاهد الكبير يحيى السنوار انكشف الموقف الحقيقي للدول المطبعة وعلى رأسها الإمارات والسعوديّة، حَيثُ ارتفعت نبرة التشفي وعلامات السعادة لديها، وظهر ذلك من خلال وسائلها الإعلامية وذبابها الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي التي تمولها، وهذه المواقف تتطابق مع المواقف الصهيونية من خلال اعتبار أُولئك القادة إرهابيين وأن المصلحة في التخلص منهم؛ لأَنَّهم السبب في الدمار الذي حدث في غزة وفي المناطق اللبنانية، كما كشفت مواقف الدول المطبِّعة من استشهاد القادة مدى انفصال أنظمة تلك الدول عن الواقع ومدى اختلافها مع مواقف معظم أفراد شعوبها وشعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية التي شعرت بحزن كبير لاستشهاد أُولئك القادة العظام بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا في سبيل مقارعة الاحتلال الصهيوني.
إن مواقف الدول المطبِّعة مما يجري في غزة ولبنان يؤكّـد أنها أصبحت مسلوبة القرار، ولم تعد لديها القدرة على التأثير أَو اتِّخاذ مواقف مستقلة في مختلف قضايا الأُمَّــة، وأن الأنظمة التي تدير تلك الدول أصبحت عبئًا على شعوبها وعلى المنطقة، وهذا لا يصب في مصلحة الأُمَّــة وقد يتسبب في ظهور حركات مقاومة تعمل على تصحيح مسار قرار تلك الدول من الداخل.