قادتُنا المناضلون شهداءُ على درب الحرية
يمن محمد
تظلّ مسيرة الكفاح حافلة بالأبطال والشهداء الذين قدموا أغلى ما لديهم في سبيل الدين والوطن والحرية. فمنهم من استشهد، ومنهم من لا يزال يمضي على الدرب بجهود عظيمة ومضاعفة لتحقيق الحرية والكرامة لشعوبهم. إنهم قادتنا المناضلون، الذين خاضوا معارك؛ مِن أجلِ التحرير وصد الظلم عن شعوبهم. هؤلاء الأبطال ليسوا مُجَـرّد أسماء في سجلات التاريخ، بل رموز الصمود والمقاومة.
يعتبر الاستشهاد في سبيل الدين والوطن من أسمى صور التضحية والفداء، وفي وقتنا الحاضر، في معركة الأُمَّــة مع الصهاينة المعتدين، برز دور القادة كرموزٍ للتضحية، وفي المقابل، برز دور المنافقين من صهاينة العرب الذين يقومون بهجمات عنيفة ومسيئة على هؤلاء القادة خدمةً للمعتدين.
في معركة اليمن أمام عدوان صهاينة العرب، قدم عدد من القادة المجاهدين أرواحهم دفاعًا وصَدًا لظلم الحاصل لشعبهم وأرض وطنهم، وكان أبرزهم الرئيس الشهيد، حبيب قلوب الشعب صالح الصماد، الذي قام بدور عظيم واستثنائي في لحظات استثنائية وحرجة وخطيرة، حتى ضحى بروحه وسالت دمائه على أرض وطنه وبين شعبه. ومع هذا، فقد واجه هجمات شرسة من المنافقين.
ثم أتى الرئيس المشاط، وها هو اليوم يؤدي دورًا عظيمًا في الحفاظ على أمن واستقرار الوطن وخدمة للمواطن اليمني في ظرف خطر في ظل مؤامرات الأعداء وخططهم وتربصهم به؛ وهو يعلم أنه قد يتعرض للاغتيال في أية لحظة، ومع هذا فهو يقدم خدماته ويقوم بأعماله ولا يخاف أحدًا، وهو كذلك السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، ومع هذا يلاقون الهجمات من عدد من المرتزِقة الذين فقدوا شرفهم، ويريدون لنا أن نكون أمثالهم، اتباعًا لليهود يقودوننا أينما شاءوا، ويجوعوننا متى شاءوا، ويصفعوننا ويقتلوننا متى شاءوا. يريدون أن نكون كما هم وقادتهم عبيدًا بلا أدنى منزلة من الكرامة.
فالملاحظ لكل عاقل أن قادتنا استثنائيون، وقليل هم أمثالهم. فهم في الوقت الذي يعيش فيه أمثالهم من قادة المسلمين على الأريكة المزخرفة بالمجوهرات، يعيش قادتنا في جبهات القتال وبين الدمار، وعلى أصوات الطائرات والصواريخ، يقاومون المعتدين بأيديهم وبأسلحتهم الشخصية. تختلط دماؤهم بدماء شعوبهم. قادتنا المناضلون يحملون أرواحهم وأكفانهم على أكفهم، ويمضون أسودًا شامخين، مدافعين مستبسلين، يهاجمون بشراسة وبقوة إيمانهم الذي يملا قلوبهم، وحبًا وشوقًا في نيل إحدى الحسنين: إما نصر عظيم أَو فوز عظيم.
استشهد قادة المقاومة الفلسطينية واحدًا يليه آخر، وكل عام تزداد شراسة المعارك وقوة المقاومة، ويزداد عدد القادة الأبطال، وكما استشهد القائد هنيه وهو مناضل في معركته السياسية، تبعه السنوار بأقدس المعارك العسكرية شرفًا في الوقت الذي عجز فيه العدوّ وعلى مدى عام من إيجاده وجلب أحدث الأسلحة وأجهزة المخابرات للبحث عنه، استشهد وهو يواجههم. أرعبهم ببندقيته البسيطة وجسده المجروح، واجههم حتى لم يبق لديه إلا عصاه التي رماها على طائرتهم. أرعبهم ببسالته وشجاعته حتى خافوا الاقتراب منه فلجأوا إلى دباباتهم وقذائفهم ليقتلوه، في الوقت الذي كان لا يملك غير يدًا واحدة إلى أن استشهد بالقذائف كأنه بيتٌ شامخ لا يستطيعون قتله برصاص البندقية.
قادتنا العظماء أرعبهم السيد حسن نصر الله بكلماته وخططه العسكرية وهجماته القوية، فلجأوا لاغتياله، ونال مُناه واستشهد، وهكذا هم قادتنا، وسيظلون ويتجددون، وعلى نفس الدرب يمضون.
الملاحظ أَيْـضًا فرحة الصهاينة والمنافقين باستشهاد القادة، ولا يعلمون أنهم قد نالوا ما سعى إليه منذ انطلاقهم في هذا الطريق. يفرحون باستشهاد القادة ولا يعلمون أن خلفهم الآلاف من القادة البواسل والشجعان والخبراء والمفكرين الأعظم والأشد قوة وبسالة. يفرحون ولا يعلمون أن أجيالا كثيرة قادمة تحمل نهجهم وهي في طريقها لمواجهة العدوّ وجهًا لوجه لأخذ الثأر وها هو الشعب اليمني انظروا إليه كُـلّ جمعة في الساحات واعلموا أن أضعافهم ما زالوا لم يظهر للإعلام لعدة أسباب واحسبوا كم خلف هؤلاء من أجيال ستبتلع الصهاينة وتنكس راياتهم وتكسر كبرهم وغطرستهم بفضل الله وقوته.
يعتقد الأعداء والمنافقون أنهم بهؤلاء الشهداء قد انتصروا ولا يعلمون أنهم يدنون أكثر من النهاية وأنهم يقدمون للأجيال القادمة دروسًا عظيمة في الجهاد والاستشهاد، فالجرائم التي يقوم بها العدوّ وقصص قادتنا الأبطال هي تعبئة عامة لشعوب الأُمَّــة أطفالها وشبابها، ويا ويل العدوّ من القادم.
يعتقدون ويتوهمون، وهم فقط يهيمون في سراب وأحلام لن يصحوا منها إلا وهم يرون الدماءَ والأشلاء بينهم كما فعلوا بنا. لن يصحوا من جنونهم هذا إلا في الوقت الضائع الذي يتمنون فيه أن يرحلوا من هذه الأرض بسلام، ولن يحصلوا على ما يتمنون. وسوف ترون، وسيخرس المنافقون، وقريبًا بإذن الله، فانتظروا، إنّا منتظرون.