الذكر شرفٌ للذاكرين وعونٌ وفلاحٌ للمجاهدين
ق. حسين بن محمد المهدي
من أحبَّ أن يمكِّنَه اللهُ في أرضه، ويسعدَه في حياته وبعد مماته، ويرفعَ مكانَه ويصلحَ زمانَه فعليه أن يؤدِّيَ الأمانة، ويخلص الديانة، ويجمل السيرة، ويحسن السريرة، ويجعل الخيرَ دأبَه المعهود، والأجرَ غرضَه المقصود، وليكثر من ذكر الله في كُـلّ أوقاته.
فالذكرُ أصلُ موالاة الله تعالى، كما أن الغفلة رأسُ معاداته، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وفي الحديث “لكل شيء جلاء وجلاء القلوب ذكر الله”.
فإذا صدى القلب عمي عن الحق؛ فيرى الباطل في صورة الحق، “مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ”.
(كَلَّا بَلْ رَانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ) (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
وأصلُ كُـلِّ ذلك الغفلة عن ذكر الله، واتِّباع الهوى في سخط الله؛ فَــإنَّهما يطمسان نور البصيرة (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً).
إن إعلاءَ كلمة الله والسعيَ للجهاد في سبيله، ومناصرة الشعب الفلسطيني المظلوم يحتاجُ إلى رجال يتقون الله، ويذكرونه في السر والعلن، ممن لا يلهيهم عن العمل بشريعة الله والاستمساك بعروتها شيءٌ من مطامع الدنيا، ولا تصرفهم عن ذلك العقباتُ والشدائد، يأبون الظلم ويسعون لإزالته.
فالظلم يزل القدم، ويزيل النعم، ويُهلك الأمم، ويجلب النقم.
إن الأُمَّــة اليوم بحاجة إلى أن تعتصم بالله، وأن يستلهم أهل العزيمة والإيمان الذين يريدون إعلاء كلمة الله، والجهاد في سبيله لتحرير فلسطين.
فمن ذكر الله ذكره، ومن استعان به أعانه ونصره، وفي الذكر الحكيم، (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ).
فمن نسي الله نسيه وأنساه ما ينفعه؛ ولهذا يقول العزيز الحكيم: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أنفسهُمْ أُولئك هُمُ الْفاسِقُونَ).
فإذا نسي الإنسان نفسه أعرض عن مصالحها، وأعرض عن الجهاد، وصار أمرُه فُرُطاً، وأحاطت به أسباب الخيبة والحرمان، والهلاك في معاشه ومعاده، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً).
إن الذاكرين لله يتسامى بهم شرف الذكر، والطاعة لله، والجهاد في سبيله الله، (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالقرآن وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شيئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شيئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
إن جهاد الصهيونية اليهودية شرفٌ يظفر به المجاهدون، ويفوز بالنجاح فيه الذاكرون اللهَ كَثيراً؛ فهو عون لهم، يبعث فيهم الروحَ المعنوية التي تجعلهم يدركون الظفرَ والفوزَ والنجاح، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّـهِ).
العزةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، الخزيُ والهزيمة للكافرين والمنافقين، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).