بعضُ العرب وتبدُّل المفاهيم
غيث العبيدي
يمكن تفسير سلوكيات بعض العرب، ومواقفهم ومشاعرهم وأفكارهم وأنماطهم، والترتيبات التي وضعوا أنفسهم فيها، أَو صنعها غيرهم لهم، فيما يخص الصراع بين محور المقاومة والصهاينة، وكلّ الأحداث المماثلة لهذا الصراع، أَو بنفس صوته، سواء تلك التي حصلت أَو ستحصل لاحقاً، والاصطفاف مع كُـلّ التحشيدات الغربية الداعمة والساندة والمؤيدة للكيان الصهيوني، كتفًا بكتف وكعبًا بكعب.
وتكرارُ نفس الانتظام في التفاصيل الصغيرة والكبيرة التي رافقت الأحداثَ في غزة ولبنان، منذ انطلاقة “الطوفان” ولهذه اللحظة، هو وقوعُهم تحت التأثير المباشر “للفلسفة المادية التجريدية” التي استطاعت كَيَّ وعيهم، وتحريفَ أفكارهم، بحيث أصبح لا يوجد هدفٌ مركزي لهم في الحياة سوى إلغاء كُـلّ ما يخشاه الصهاينة (الجهاد الإسلامي) وتنشيط سياسة النأي بالنفس، وتعظيم الرفاهية الاجتماعية، التي أعطتهم الأسبقية في التفكير المادي، على حساب الدين والشرائع والعقائد؛ فما كان لهم إلا أن يصنعوا من “إسرائيل” “هُبَلًا عظيمًا” بيد تحملُ شعلة نار “إشارة رفض” يشير بها لمحور المقاومة، ويد من ذهب “إشارة قبول” يشير بها إلى نفسه؛ فمن يقبل المقاومة يحرق بالنار ومن يرفضها يعيش في “الوصيد” الفناء الخلفي لـ “إسرائيل”، ككلب صيد أَو كلب حراسة.
الفلسفة المادية التجريدية، التي تأثر بها بعضُ العرب بطرق مختلفة، بالغت كَثيرًا في جعل فئات المثقفين، والعاملين بقوانينها، أَو قوانين تتشابه معها، وما دونهم، بالغت في جعل العالم العربي “عالَمًا أملس” حديثَ السلوك، مُجَـرَّدًا من ثنائية القيم والأخلاق “يبجّل الشر ويمحق الخير” وتجاهل خصائص الأُصُول العربية، وكسرها، وقَلَّلَ من شأنها، وبسط الحياة، وربطها مباشرةً بالتطور من جانب وبقيمتها المادية من جانب آخر “رفاهية، سعادة، حب، ملذات، تقليد.. وهكذا” وفتح قنوات تربط التفكير الغربي المحدث بالسذج من العرب؛ لترك كُـلّ التفاصيل القيمية المعمول بها سابقًا، وأوهمتهم بأنها غيرُ مرتبطة بالأفكار المعاصرة وسقطت بالتقادم.
حتى بات اليومَ بعضُ العرب يعاني من أزمة شرف.