احتلالُ العرب لفرنسا.. وذروة الشرف الفطري!!
د. محمد عبدالله شرف الدين
فرنسا دولة معالمها الحدودية مرسمة، ولشعبها مقوماته الثقافية المشتركة، ومقوماته المادية الكافية، ويزيد، وموقعه الاستراتيجي المميز، قطنها أهلها جيلاً قبل جيل من غابر الأزمان، لم، ولن ينازعهم في أرضهم أحد، فكانت تلك المقومات عوامل استقرار لهم، من جهة، ومن جهة أُخرى هي عوامل مانعة للتطلعات الغازية التي قد تختال بعض الدول، وهي عوامل لتطلعات غزوية مشبوهة طامعة في خيرات فرنسا، من جهة ثالثة.
لم يكن في الحسبان ما يحيكه اللوبي العربي من خطط استراتيجية غازية لفرنسا، -وفعلاً-، وفي مقابل الإمْكَانات المتواضعة لفرنسا تحَرّك العرب بكل إمْكَاناتهم الهائلة، واحتلوا فرنسا.
لقد قتل العرب الفرنسيين؛ الكبار والصغار، الرجال والنساء، دون استثناء، وهجروهم من قراهم، ومدنهم، وأسكنوها قطعان العرب الذين جمعوا من قرى ومدن عربية، فسام الفرنسيين ألوان التشرد في بقاع الأرض.
وأمام هذا المشهد الرهيب الذي يندى له جبين الإنسانية، يتبادر أكثر من سؤال يُبَئِّـــرُ للقضية:
ما موقف الداخل الفرنسي؟ وما الدور الإقليمي لمحيط فرنسا؟ وما موقف منظماتهم الأممية؟
لقد كان احتلال العرب لفرنسا عامل وحدة بعد تشتت، وقضية مركزية تسامت عن قضايا فرعية، فنهض الفرنسيون تحت قيادة موحدة، ورتبوا صفوفهم، واستعانوا بإمْكَانياتهم المتواضعة، وقاوموا العدوّ المحتلّ، ولم يستطع المحتلّ اختراق الجبهة الداخلية، واستنفر المحيط الإقليمي لفرنسا، ودعم وساند إخوته الفرنسيين، وأعلنت منظمتهم الأممية قرار مركزية القضية الفرنسية العادلة، قرار القول والفعل.
ومن المفارقات العجيبة، مع موضعيتها الفطرية نهضت جامعة الدول العربية، كخصم لدود للوبي العربي المحتلّ، ولم تعترف بالكيان الغاصب، بل أعلنت موقفها المؤيد للشعب الفرنسي، وقضيته العادلة، وهذا ذاته كان موقف الدول العربية.
لقد ضج الشرق والغرب، الشعوب والأنظمة، مما أقدم عليه المحتلّ الذي سرعان ما تقزم، وانحسر، وتلاشى، فعبر ذلك عن ذروة الشرف الفطري، وجسد الضمير الإنساني الحي، مما جعل البشرية تتطلع بآمال عريضة إلى مستقبل عالمي مشرق، يحفظ للإنسانية حرمتها، وكرامتها، وأرضها، وثرواتها غير منقوصة في أية بقعة من بقاع الأرض، فالدم الإنساني واحد، وسقوط حرمة دم إنساني هتك لدم البشرية أجمع.