الاستقامة عزٌّ وتمكين ونصرٌ وفتحٌ مبين

ق. حسين بن محمد المهدي

إن الله سبحانه وتعالى يرضى عن عباده بأداء حقه، ولزوم شرعه، والنصح لخلقه، والاستقامة في أمره، (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ)، (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

إن الاستقامة تعني لزوم شرع الله، والمحافظة على الطاعة، والمضي في تنفيذ أوامر الله، واجتناب نواهيه، والجهاد في سبيله؛ لأَنَّه يورث الهداية والاستقامة، دل على ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).

والهداية تورث التقوى، والعزيمة على الرشد، قال تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ).

فخفض الجناح للمؤمنين، ونصرتهم، والعزة على الكافرين دأب المؤمنين، كما أخبر بذلك العزيز الحكيم: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ)، (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ).

إن اعتداءَ الصهيونية على المسلمين في فلسطين، ولبنان، وإيران على سبيل البغي في الأرض، والإفساد فيها جعل الجمهورية الإسلامية ترد على الباغي، ومن انتصر لظلمه، ورد البغي وظلمه، نصره الله، (ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ).

وهذه “إسرائيل” تتجرأ بعد معاقبتها على اعتدائها على إيران، وقتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في عقر دار الجمهورية الإسلامية في إيران، واغتيالها لأسد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله ورفاقه تعود وتعتدي على المسلمين فتقتل الشهيد الأبي يحيى السنوار، ثم تقوم بالاعتداء على الجمهورية الإسلامية في إيران بكل وقاحة وصلف.

وهو أمرٌ يدعو إلى رد هذا العدوان في أسرع وقت وأقربه؛ لأَنَّ الله يقول: (وَالَّذِينَ إذَا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ).

فالاستقامة على الحق توجب رَدَّ البغي، (ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ) (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ).

فإذا لم يقم المسلمون بذلك صابرين محتسبين، فَــإنَّ ذلك سيشجّع عدوهم، مع أن كيد العدوّ ضعيف، وإنما هو الابتلاء، والاختبار، (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ)، (وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ).

فَــإنَّ أعظمَ الناس وأكثر الناس علماً أبصرهم بالحق وأصدقهم في الاستقامة عليه، (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).

إن الذين صدقوا في إيمَـانهم، هم الذين يستقيمون في طاعة ربهم، والجهاد في سبيله، (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ).

فلا يلتفت المسلم أبدًا إلى من يريد أن يفني عمرَه في الملاهي، ويصرف ماله في المعاصي؛ فَــإنَّه سيخرج من دنياه بلا عمل صالح، ولن يبلغ له أمل.

من أحسن القول فليحسن الفعل، ليجتمع له مزية اللسان، وثمرة الإحسان، وصدق القول والوعيد.

فالعاقل لا يقول ما لا يفعل؛ لأَنَّه إذَا وقع في ذلك لم يخل من ذَمٍّ يكتسبه أَو عجز يلتزمه، «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ».

والجمهورية الإسلامية في إيران قد حازت قصبَ السبق في إعلانها للجهاد في سبيل الله، ونصرة المستضعفين في فلسطين ولبنان، وهي بذلك تكون قد حظيت بقيادةِ الأُمَّــة الإسلامية إلى بر الأمان.

إذن على شعوب الأُمَّــة الإسلامية أن تلتف حول من رفع راية الإسلام ووقف في وجه الصهيونية اليهودية جهادًا في سبيل الله وابتغاء لمرضاته.

(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرض أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّـهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ).

العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com