دورُ الإعلام والرواياتُ الإسرائيلية في الحرب السياسة والعسكرية
عبدالحكيم عامر
لطالما كان العدوّ الإسرائيلي تعتبر وسائل الإعلام والدعاية لاعبًا رئيسيًا لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية، لقد نجحت في بناء ماكينة إعلامية معقدة تهدف إلى السيطرة على المعلومات الموجهة للجمهور المحلي والدولي، وتعتبر الدعاية الإسرائيلية واحدة من أكثر الحملات الإعلامية تأثيرا ونجاحًا على الصعيد العالمي، حَيثُ استطاعت تنفيذ عمليات تلاعب بالعقول بشكل واسع.
وتعود قوة الدعاية الإسرائيلية إلى مواردها الاقتصادية والمالية الهائلة، بالإضافة إلى فهمها العميق لكيفية مخاطبة العقل العربي والغربي، من خلال جذورها العربية والغربية، استطاع العدوّ الإسرائيلي تحقيق مستويات عالية من الإقناع وتزييف الحقائق، مما يخدم مشروعها الرامي إلى تهويد فلسطين وتغيير ملامحها الديمغرافية والثقافية.
وفي ظل الصراع المتواصل بين الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة من جهة والعدوّ الصهيوني من جهة أُخرى، فإن أخطر الأساليب التي يستخدمها العدوّ هي سياسات الخداع والتلاعب التي تستهدف السيطرة على عقولنا وتوجيه تفكيرنا.
هذه السياسات الشيطانية لا تقتصر فقط على الجانب العسكري، بل تمتد إلى الجوانب السياسية والإعلامية والاجتماعية؛ بهَدفِ كسر إرادَة الشعب الفلسطيني وشعوب محور المقاومة وإحباط مقاومتهم لها.
فعندما يريد العدوّ إعطاء أهميّة لقضية معينة، يقوم بتهويلها بشكل كبير، ركيزتها الرئيسية هي جعل الأمور تبدو أكثر خطورة مما هي عليه، مما يؤدي إلى خلق حالة من الخضوع الإعلامي والذعر في صفوف الشعوب.
وعندما يتعمد العدوّ ضخ أخبار كاذبة بكميات هائلة وإثارة الانتباه بأحداث مشوقة لتشتيت انتباهنا، فإنه يسعى إلى تشويش عقولنا وتوجيه تفكيرنا بعيدًا عن القضايا المركزية للأُمَّـة، فيجب على شعوب محور المقاومة والشعوب العربية أن تكون واعية وتعمل على تفكيك هذه الأخبار الملتوية والبحث عن الحقائق الحقيقية.
وخلال حربه على غزة ولبنان، استخدم إعلام العدوّ الإسرائيلي استراتيجيات لتصوير جميع الأهداف على أنها عسكرية، رغم وجود تزوير كبير للحقائق، لكنه استمر في تقديم تبريرات لقصف المساجد والكنائس والمشافي والمنازل ومخيمات النازحين على أنها أهداف عسكرية.
ويقوم الإعلام الإسرائيلي بتلبيس الحق بالباطل، حَيثُ يصور الضحية كجلاد، والقتيل كقاتل، لتضليل الرأي العام، في هذا الإطار، يصوَّر العدوّ الصهيوني دائماً نفسه كـ “ضحية للعنف الفلسطيني”، مما يعزز من الرواية الإسرائيلية ويعطي لنفسه شرعية للاعتداءات الممنهجة.
وفي الأخير، إن الدعاية الإسرائيلية ليست مُجَـرّد أدَاة إعلامية، بل هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية أكبر تسعى لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية، من خلال استغلال الإعلام، حَيثُ يواصل العدوّ الإسرائيلي تشكيل الرأي العام وتوجيهه بما يتوافق مع مصالحه الإجرامية، مما يبرز أهميّة وضرورة التوعية بالحقائق وتفكيك الروايات المضللة.
ويجب علينا أن نكون واعين وحذرين من سياسات العدوّ الخبيثة والمخادعة، وأن نحافظ على وعينا وروحنا الجهادية لنتمكّن من التصدي لهذه الأساليب بكل قوة وصلابة، علينا أن نكون يقظين ومدركين لهذه السياسة لنواجهها بالوعي ونشجع التثقيف وننشر الحقيقة بكل صدق، ويجب أن يكون هناك توحد في نشر الوعي ومقاومة تخدير الشعوب لنحقّق الحرية والكرامة لشعوبنا.
فالحرب الإعلامية ليست أقل أهميّة من الحرب العسكرية، وعلينا أن نكون مدركين لذلك ونتعامل معها بحذر وتأنٍّ.