مناورة “ليسوءوا وجوهكم”.. التفوُّقُ النوعي للقوات المسلحة
المسيرة: محمد الكامل:
تثبِتُ القواتُ المسلحةُ اليمنية يومًا بعد آخر مدى التطور الذي وصلت إليه في مختلف المجالات، ومنها التصنيع العسكري وامتلاك أسلحة جديدة.
وأثبتت مناورة “ليسوءوا وجوهكم” النوعية القدرات القتالية العالية للجيش اليمني، وقدرته على مواجهة كافة التحديات والتهديدات التي تواجه اليمن، لا سِـيَّـما وهو يخوض أقدس معركة في مساندة لبنان وغزة في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”.
وخلال مشاهد متنوعة بثها الإعلام الحربي لأكثر من 20 دقيقة، أظهرت القوات المسلحة تفوقًا نوعيًّا في التكتيكات القتالية، على مستويات متعددة في البر والبحر والجو، لتظهر أنها في جهوزية عالية لصد أي هجوم للعدو من 4 اتّجاهات أَو مسارات، ومثلما أظهرت المناورة تفوقًا في الأداء القتالي برًّا، فقد كانت الرسالة أكثر وضوحًا وقوة في البحر من خلال الكشف عن أسلحة جديدة ومنها “الغواصات” المسيرة، والتي حملت اسم “القارعة”.
ميزة عجيبة وفريدة:
وفي السياق يقول الخبير العسكري العميد عمر معربوني: إن “المناورة النوعية مثّلت مشهدًا متكاملًا يدل على مدى الاستعداد، والجهوزية العالية للقوات المسلحة اليمنية، في كيفية التعامل مع الأهداف المعادية برًّا وبحرًّا، وبما يتناسب مع القوات المعادية”، مؤكّـدًا أننا “أمام تكامل فريد من نوعه، عبر الاستخدام الجيد للأسلحة، واختيار النوع المناسب منها حسب نوعية الهدف، إلى جانب المهارات القتالية العالية التي أصبحت واضحة للجميع”.
ويضيف معربوني أن القوات المسلحة اليمنية باتت اليوم “تمتلك قدراتٍ عسكريةً وقتالية في مختلف ميادين القتال، سواء في البيئات الصحراوية والبرية الحرارية والجبلية، أَو البحرية والجوية والصاروخية”، مُشيرًا إلى أنها تمتلك ميزة وصفها بـ “العجيبة” و”الفريدة” وهي قدرة القوات المسلحة اليمنية على تطويع الأسلحة حسب نوعية الهدف، وهي ميزة قلَّ وجودها على مستوى أية قوات مسلحة في العالم.
وإذا ما نظرنا إلى الطبيعة الجغرافية اليمنية، المتعددة من الساحلية والجبلية والبرية والبحرية، فقد أظهرت مناورة “ليسوءوا وجوهكم” مستوى التنسيق العالي بين وحدات المشاة ووحدات الإسناد المختلقة سواءٌ أكانت قوات المدفعية أَو قوات الصواريخ، أَو حتى الطيران المسير الذي كان مشاركًا في هذه المناورة العسكرية.
ومن الواضح تمامًا أن هذه المهارات ستستخدم في الدفاع عن اليمن، وفي الدفاع عن فلسطين، رغم العائق الجغرافي الذي يفصل اليمن عن فلسطين، الذي يمكن أن يُذَلَّلَ عبر قدرات عسكرية ظهرت في هذه المناورة.
وتحمل مناورة “ليسوءوا وجوهكم” إشارة واضحة لجهة تثبيت شعارات وموقف الشعب اليمني تجاه العدوّ الصهيوني وتجاه قضيتهم المقدسة فلسطين.
وانطلاقًا من كُـلّ هذه المسارات والمعطيات التي تؤكّـد أننا أمام مناورة ناجحة ومحاكاة قتالية متعددة الأبعاد، أوصلت العديد من الرسائل، منها إبراز أهميّة وقدرات المقاتل اليمني على استيعاب وتطويع الأسلحة، واستيعاب التكتيكات العسكرية في بيئات قتالية متعددة، وكذلك تنفيذ الخطط العسكرية والاستراتيجية الموضوعة من قبل القيادتين السياسية والعسكرية بدقة متناهية، واحترافية عالية، وهي رسالة للعدو الأمريكي والبريطاني بأن عليهم أن يفهموا أنهم لن يسلموا من أية مغامرة على الأرض اليمنية، وعليهم الاستفادة من فشلهم البحري والجوي.
وتهدفُ هذه المحاكاة إلى تثبيت أَو التأكيد اليمني، أَو التزام القيادة اليمنية، والقوات المسلحة اليمنية بقضية فلسطين، كقضية مركَزية للأمتَينِ العربية والإسلامية.
جيلٌ متطوِّرٌ من الأسلحة البحرية:
وخلال المناورة، ظهرت مجموعةٌ من الأسلحة النوعية التي لم يتم الكشفُ عنها سابقًا، ومنها “القارعة”، وهي غواصَّةٌ بحريةٌ مسيّرةٌ تحدث انفجارًا رهيبًا، وتمتلكُ قُدرةً كبيرةً على التخفي، واستهداف أكبر البوارج الحربية الأمريكية.
وفي السياق يؤكّـد الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان أن “ما تمتلكه قواتنا المسلحة من أسلحة وإمْكَانات عسكرية، خُصُوصًا فيما يتعلق بالأسلحة البحرية؛ فقد ظهر جانبًا من التقنيات والإمْكَانات المتطورة في هذا المجال، منها تقنيات هجومية لم تصل إليها سوى دول محدودة في العالم، مثل روسيا، والصين، وأمريكا، ونظائرها من الدول المتقدمة”.
ويجدِّدُ التأكيد في تصريح خاص لـ “المسيرة” أنه تم “إنجاز أنواع مختلفة من الأسلحة ذات البُعد التكتيكي والاستراتيجي، منها الألغام البحرية، والطائرات المسيّرة الانتحارية، والزوارق المسيّرة، وترسانة ضاربة من الصواريخ طراز بر-بحر المضادة للسفن، بالإضافة إلى “الغواصات المسيرة Marching submarine “التي تعتبر واحدةً من أهم التقنيات التي طوّرتها العقولُ التصنيعية اليمنية، كجزء من الترسانة المخصصة لحماية السيادة البحرية ومواجهة تهديدات سفن وأساطيل الدول المعادية”.
ويضيف أن “الغواصات بشكلها العام أحد مرتكزات القوةِ البحرية للجيوش، ومن أهم الأسلحة التي تتنافسُ الدولُ الرائدة على تطويرها باستمرار وزيادة مستوى قدراتها وفاعليتها في الحروب البحرية”. مُشيرًا إلى أنه “تم تصميم العديد من هذه الغواصات تتقدمها الغواصات النووية، الحاملة الصاروخية، والغواصات الاستكشافية، وغواصات التحكم عن بُعد “درون” التي تنقسم إلى غواصات ذات قدرة هجومية، وغواصات مخصّصة للاستخبارات والتجسس”.
ويلفت إلى أن “امتلاك تكنولوجيا الغواصات المسيّرة كان محصورًا فقط على الدول الرائدة (روسيا الصين وإيران وأمريكا) وغيرها، أما اليوم فاليمن أصبح ضمن هذا النادي، وبات يمتلك نماذج من هذه الغواصات، والتي بدأ في استخدامها عمليًّا؛ فقواتنا البحرية، وخلال المناورة الأخيرة كشفت عن إحدى الغوَّاصات “القارعة” التي دخلت مؤخّرًا مسرح العمليات”.
ويوضح أن غواصةَ “القارعة” هي جيل متطور من المركبات البحرية التي يتم التحكم بها عن بُعد، وتمتلك تكنولوجيا تمكّنها من تنفيذ مهامَّ عملياتية مختلفة، لا سِـيَّـما مهاجمة السفن والفرقاطات والمدمّـرات في مياه البحر الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، وبالتالي ستشكّل هذه التكنولوجيا فارقًا عملياتيًّا جديدًا في المواجهة، وستعزّزُ من فاعلية العمليات الهجومية التي تنفذُها قواتنا المسلحة لاستهداف سفن كيان العدوّ الصهيوني والأمريكي والبريطاني”، مُضيفًا أن “الأسلحة الجديدة التي كشفت عنها القواتُ البحرية اليمنية ليست الأخيرة واليمن يطوّر وبوتيرة متسارعة مختلفَ الأسلحة”.