النعيم القاسم.. جحيمُ المرحلة الجديدة
د. محمد عبد الله شرف الدين
لكُلِّ مرحلة رجالُها، حَيثُ يختارُ اللهُ -تعالى-، ويصطفي ما يناسِبُ الظروفَ والتطوراتِ رجالَها؛ فقيل -ترفا-: لا بديلَ لموسى وراغب، وعبّاس، فاختير شهيد الإنسانية السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه-، في مرحلة معقَّدة، كانت تتجاذبها الاختلالاتُ الكامنةُ في أطياف الداخل اللبناني، ويتشابك بها التدخل الخارجي في دهاليز المحاكم الدولية، ويتربَّصُ فيها الغرب المستكبر والطامع، مرحلة يجثم على صدرها احتلال العدوّ الإسرائيلي لأجزاء من لبنان، فتجاوز شهيد الإنسانية -بعون الله وتوفيقه- أحداث تلك المرحلة، فجرع العدوّ الإسرائيلي ويلات الهزائم، وتوَّجَـها بتحرير ٢٠٠٠م، وعمَّدها بدمه في طريق القدس.
المرحلةُ الجديدة في الصراع مع العدو:
إنها مرحلة الحرب الشاملة، والاشتباك المباشر، وتلاشي الخطوط الحمر، في حرب لا سقوف لها، ولا جدران، ولا أبواب، ولا نوافذ تأوي الفارّ النتن المجرم، ورموز كيانه المجرم، فكيف بقطعان المغتصبين، فَإنَّهم إلى الهلاك أقرب.
وفي هذه المرحلة الجديدة، والاستثنائية، يقود دفة القيادة في حزب الله قائدٌ بمستوى تحديات المرحلة إنه الشيخ (نعيم قاسم) أمين عام حزب الله.
والبدء من سماته الشخصية، ثم مؤهلاته الجهادية، وطبيعة المرحلة الجديدة،
إنه شيبة الحمد خَبِرَ الزمان وخبره، حتى تحامته النوائب والدهر، اسمُه أيقونةٌ لدى العدوّ الإسرائيلي، كأيقونة اسم مالك خازن نار جهنم، خطابُه الهادئ جمرات كالقصر وَقْعُها على العدوّ، يقدم المخارج ببساطة تذهل استراتيجيات العدوّ، وبرباطة جاش يقهرها، ما رأينا في خطابه ابتسامة قط، والقدس والمقدسات مستباحة، ومن شدة توجس العدوّ منه استبق العدوّ معلنًا اختيار الشهيد العلامة هاشم صفي الدين أمينًا، تحاشيًا منه، وفرارًا إلى الأمام.
عاصر الشيخ نعيم الأمناء السابقين، فهضم تجاربَهم، ومزجها بإنزيمات الإيمان الراسخ، فأنتجت صلابة الفولاذ، تنقل منذ بدء الحركة في شتى مجالات العمل الجهادي، وآخرها نائب للسيد الشهيد الحسن -رضوان الله عليه-، بانسجام عجيب لعقود، فكان رجل المهام الصعبة.
لقد دشّـن الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم مرحلة جديدة من الصراع مع العدوّ الإسرائيلي، باستراتيجيات من أخص خصائصها العنصر الاستخباراتي المتفوق لتقنيات العدوّ، وذلك من جانبين:
الجانب الأول: فشل العدوّ في العديد من المحاولات اغتياله.
الجانب الثاني: تحديد مقر إقامة الفارّ النتن المجرم، فكان أهم ملامح مرحلته استهداف الفارّ المجرم النتن، فهذا عنوان مرحلته، وسقفها، حتى جعل العدوّ يصيح خوفًا أن هذا ليس من قواعد الاشتباك، مرحلة لم يعد يثق بالفارّ النتن المجرم حتى زوجته سارة التي خرجت من صمتها، تطلب الحمايةَ من أجهزة الكيان المجرم، متجاوزة فشلَ وخيبة الفارّ.
ومن تداعيات المرحلة الجديدة، خوفُ رموز الكيان المجرم من الاستهداف المحدق بهم، فأصبحت اجتماعات مجلسهم الحكومي سرية، ومقار إقامتهم متنقلة، لا يقر لها قرار.
وما يحدث اليوم من تنكيل بالعدوّ الإسرائيلي في المسافات المترية، شاهد على فاعلية المرحلة الجديدة، ثم لم يعد هناك مكانٌ آمنٌ في الأرض المحتلّة يلوذُ به العدوّ؛ فكل بقعة منه هدفٌ لصواريخ حزب الله.
وأخيرًا لسانُ حال حزب الله بقيادة النعيم مخاطبًا العدوّ الإسرائيلي: فأين تذهبون؟!