ما هو الحَلّ؟

منصور البكالي

وأنت أمام ما يحدث بحق أهلنا في غزة، تدرك أنه ليس للإنسان قداسة، ليس للحياة معنى، ليس لأبناء الأُمَّــة العربية والإسلامية قيمة، دماؤهم ومشاهد أشلائهم وجثثهم لم تعد تحَرّك ساكناً، ضمير عالمي ميت، بل أُمَّـة ميتة، قيادات خرجت عن بشريتها، وباتت مخمرة ثملة، تعيش في حلم وكابوس مترف، وشعوب تباد، وأُخرى ضربت عليها أصفاد الطاعة وخسف بها قادتها في وحل الذل والخنوع، ومستنقع معركة البحث عن لقمة عيش، ومسكن آمن، بفتاوى يقال إنها دينية قدمت ذلك باسم الجهاد الأكبر، وهي في واقعها تشرب من النهر المدنس برجس الصهيونية والتبعية العمياء لها، وشبه لها تماثيل صهيونية تحمل لحى كثيفة وعقولًا محشوة بفكر دخيل وعقيدة باطلة، بأن ما هي عليه هو الصواب، وفيه نجاتها!

مشاهد جرائم الحرب في غزة ولبنان وقبلها في اليمن وسوريا والعراق وأفغانستان، والعديد من الأقطار، التي وُجدت فيها قَدَمٌ أمريكية، ومطامع غربية، وافتراءات صهيونية، لم تعد تهز وجدان هذا أَو ذلك في شعوب ودول تقاسم الضحايا اللغة والهُــوِيَّة والدين والقبلة والرسول والرسالة، لكنها متنكرة لكل ذلك، وباتت إما بدون موقف، أَو تتطلع بشراهة لكائن غريب متوحش، القتل والإبادة لمن سواه نهج ومعتقد، واستعباد الحكام والشعوب فكر في كتب حرفت كان مصدرها السماء، قبل أن يصلها الشيطان وجنده وماسونيته.

قنوات إعلامية ووسائل متعددة وبتقنيات مهولة، كرست كُـلّ طاقاتها وكوادرها، وعلومها، ومحاولاتها، وهي تقرب وتنشر مشاهد الجرائم والمجازر وصرخات ومعاناة بني الإنسان في غزة منذ أكثر من عام، إلى داخل كُـلّ منزل وإلى يد كُـلّ إنسان يقلب شاشة جواله الحديث، لكن كُـلّ ذلك فشل في استنهاض الهمم والعزائم وما بقي من القيم والمُثُل والمبادئ الإنسانية!، بل يبدو أن الشعوب المغفلة بغواية شياطين حكامها وحكوماتها المجندة مع شياطين الإنس قبل الجن، فهمت الرسالة معكوسة، وبدلاً عن التحَرّك والنفير والنهوض للجهاد والنصرة، ذلت وخذلت وخنعت وخانت، واستمرت في الغواية واللهو وكأن ذلك لا يعنيها أَو لا طاقة لها عليه.

فما هو الحل؟ وماذا بقي للإنسانية من معنى؟ وماذا بقي للعرب والمسلمين من اسمهم ودينهم، من يبحث عن الأسباب سيجد بأن انتشار عقيدة النفاق ومنهجها ودينها عُمِّم بوسائل وطرق رسمية، وبات يدرَّس في المناهج ويُدْعَى إليه من على منابر الخطباء، وفي بيوت الله للأسف، حتى وصلت الأُمَّــة إلى ما هي عليه، وما نجده من مواقف مغايرة تحفظ للبشرية قيمتها وآدميتها هو ما يسطّره عباد الله المخلصون، الذين لم يقدر الشيطان على غوايتهم؛ فبهم وإليهم ومعهم يكون النصر والفلاح في الدنيا والآخرة، ومن سواهم أغواهم الشيطان واستحوذ عليهم.

وهنا يقفل الباب أمام كُـلّ التساؤلات، بعد أن قدم الله لنا الإجَابَة الكافية في القرآن الكريم، عن مصدر القوة ومن يجب أن نخاف منه، وكيف نحذر من غواية الشيطان، ونبتغي العزة من الله ونهجه ورسوله وعباده المخلصين فالنجاة معهم، والنصر لغزة ودمائها على أياديهم، والآن يجب أن نصدق البيعة ونتحَرّك وفق ما يريد الله، ولا نخشى من ليسوا أرباباً مَن دونه هو، ولنعلم أنه لا إله إلا الله، ونتوكل كُـلٌّ من مكانه وفي شعبه وضد من يمثلون الباطل وجندَه والشيطان ورجله، وحَيَّا على الجهاد، ولنكن في صف القلة المستضعفين وندافع عنهم، ولا خيرَ في من سواهم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com