صرخةُ يأس على الضمائر النائمة
غيداء شمسان غوبر
في عالم يكتنفه السبات العميق، حَيثُ الصمت يحكم على الهامش، ترتفع صرخة حزينة من أعماق يأس مدقع، إنها نغمة خافتة، لكنها تخترق قشرة اللامبالاة، وتتردّد صدىً مدويًا في سمع أُولئك الذين ركنوا إلى الراحة.
إنها نداء من روح معذبة، شاهدة على فضائع لا يمكن تصورها. أشلاؤها الممزقة تحكي قصة أليمة من العنف والوحشية، دماؤها المسفوكة تلطخ الأرض، تلطخ بأحمرها القاني ضمير العالم النائم.
تتبدد الآمال في ظل واقع مرير. عالم حر وضمير حي، كان بمثابة خيال طوباوي، يتحطم على صخور القسوة، يقف العالم الأعمى، شاهدًا لكنه لا يرى، يسمع لكنه لا يشعر، يراقب لكنه لا يحس.
صوته الخافت، المبحوح من الألم، يضيع في ضوضاء عالم مشغول جِـدًّا بالملذات الأرضية، معاناة الإنسان لا تثير سوى اللامبالاة، فكما هو الحال دائمًا، تنعم معدات الحياة المريحة على حساب كسر العظام وسفك الدماء.
في هذا الظلام اليائس، فَــإنَّ المساعدة لا تأتي، بل على العكس، فَــإنَّ اللامبالاة تتجسد في شكل دعم للظالمين، صوت النوم العميق يدوي في آذان الضحية، مزعجًا ومتناقضًا مع وجعه.
لكن حتى في أعماق اليأس، فَــإنَّ روح الضحية لا تزال قوية، الإرادَة التي لا تقهر، وتلك النبضات المتبقية من القلب، تغير من نغمة النداء إلى نغمات اتّهام قوية.
إنه صوت الضمير الذي طال قمعه، والآن يخرج من الظل ليواجه أُولئك الذين ركنوا إلى الراحة في مواجهة الظلم، إنه يتهمهم بالتقصير والإهمال، ويحذرهم من يوم الحساب، عندما ستكون أفعالهم شاهدة عليهم.
إنها صرخة تزلزل أسس اللامبالاة، وتخترق غفلة العالم النائم، إنها دعوة صارمة للتعبئة، لإيقاظ أرواحنا من سباتها، وإعادة اكتشاف قدرتنا على التعاطف والعمل.
فقد حان الوقت للتكفير عن خطايانا، والتكفير عن آلام أُولئك الذين عانوا على أيدينا، إنها ليست مهمة سهلة، لكنها ضرورية لإنقاذ روحنا الجماعية من مستنقع اللامبالاة.
إلى أُولئك الذين لا يزالون نائمين، حان الوقت للاستيقاظ، وإلى أُولئك الذين يعانون من الظلم، اعلموا أننا نسمع صرخاتكم، ونرى معاناتكم، وسنعمل بلا كلل لإنهاء الألم وإنشاء عالم يسوده العدل والحرية، حَيثُ تلتئم الجروح ويكون السلام حليف الجميع.