صُنَّاعُ النصر

أم الحسنين الزايدي

عندما أريد أن أكتب عن الشهداء يعجز تفكيري وتبعثر كلماتي ويزداد شوقي لمن سبقوني، لا أعلم أي العبارات ستتكلم عنهم وأي الجمل قد تعبر عنهم، هم من يعجز اللسان حائرًا عن وصفهم، كتبوا عهداً بدمائهم الزكية أن الجهاد طريقهم إلى الجنة والخلود الأبدي.

جاهدوا في الله حق الجهاد رغم تكالب كُـلّ قوى الشيطان من الشرق والغرب؛ فتجاهلوا كُـلّ أنواع الأسلحة وتحدوها، وكان هدفهم الأقدس والأسمى تحرير هذه الأرض من رجس المحتلّين ونصرة المظلومين والمستضعفين، وإعلاء كلمة المؤمنين ولكن كانت الشهادة أمنيتهم الدائمة، عشقوها فوصلوها وفازوا بها وبالتكريم الإلهي.

هم ليسوا كـباقي البشر، هم فقط من عاش عيشة المؤمنين الصادقين المخلصين العارفين بأن هذه الدنيا ليست دارنا وإنما نحن ضيوف وما على الضيف إلا الرحيل؛ فسلموا لله رقابهم ونفذوا توجيهاته بأن يجاهدوا كُـلّ معتد، باذلين الأرواح في سبيله بأن لهم الجنة، ومن باع نفسه لله سيفوز الفوز العظيم.

باعوا فكانت نعم البيعة لأعظم مشتر أخذ منهم الأرواح؛ لتبقى آثارهم خالدة وسيرتهم يتعلمها الأجيال ليستلهموا منها أعظم الدروس لترشدهم إلى الصراط المستقيم والفلاح والفوز والنجاة في الدنيا والآخرة.

عندما نتأمل حياة كُـلّ شهيد من شهدائنا نجد أننا أمام هامة عظيمة وشخصية معطاءة، مهما رتبت من كلام لن أصل إلى مضمون حياتهم، وإنما تعبير بسيط عن مواقفهم وآثارهم، أما شخصياتهم فهم كالملائكة في الأرض، يخافون الله ولا يخشون سواه، تاركين الدنيا وغرورها وزخرفها لأهل الدنيا من محبيها، أما هم فلم يأتوا إلى هذه الدنيا إلا لإتمام ما أمرهم الله به ليعودوا إليه وإلى ما أعد لهم من نعيم دائم أبدي سرمدي.

ولسان حال كُـلّ شهيد يقول: يا ليتني أعود إلى الدنيا لأجاهد واستشهد ألف مرة؛ لما رأى من نعيم لا يخطر على بال بشر، هم الأحياء ونحن الأموات، هم الخالدون بذكراهم، هم أنوار تضيء لنا طريقنا وترشدنا إلى المجد والارتقاء والوصول إليهم إن سرنا على ما ساروا عليه، إنهم الشهداء صناع النصر.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com