الجنة تحت ظلال السيوف
إكرام عشيش
مشروع الشهادة في سبيل الله كان طريق العروج إلى محراب الأولياء (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) ثمة من الرجال الصادقين اختاروا طريق الفلاح، طريق الشهادة المقدس، وثمة منهم كتبوا العهد بالمُضي في طريق من سبقوهم من إخوانهم الشهداء، هذه هي الثقافة العظيمة التي استلهمناها من وحي الإمام علي والإمام الحسين -عليهما السلام- ومن وحي الأئمة والأولياء والقادة سلام الله عليهم أجمعين، لقد كانت ثقافة الجهاد والاستشهاد محرابًا للعاشقين، كانت مفتاح الانتصارات في جبهات العز والكرامة.
إن دماء الشهداء الإجلاء أثمرت الصمود والثبات في مواجهة الباطل، وإن ذكراهم المُقدسة خلدت فينا روح المقاومة وجهاد طواغيت العصر، واستذكارًا لمبادئهم العظيمة في طريق الحق ومقارعة الباطل، إن إيمان الشهداء بمبدأ الوفاء بالعهد لله تعالى كان إيمانًا لا يشوبهُ أي ضعف أَو هزيمة، وكانت لديهم الثقة المُطلقة بأن الموت في سبيل نصرة المستضعفين مفتاحًا لتحرير المقدسات من أيدي اليهود والنصارى، في ظل ما يجري بفلسطين وجنوب لبنان من أحداث عصيبة وواقع مؤلم ومعركة فاصلة بين الحق والباطل.
كان للقادة النموذج العظيم في التضحية والفداء، لقد مثّل سماحة الأمين العام الشهيد القائد السيد حسن نصرالله، شهيد المعركة العُظمى في سبيل الدفاع عن مقدسات الأمة، كان خيرُ من قدم روحهُ لنصرة الحق لنحيا بعزة وإباء، كان الدرس الكافي لمعرفة المعنى الحقيقي لمشروع الشهادة في سبيل الله، وكان لبقية القادة ممن التحقوا بركبهِ نصيبًا في نيل الشهادة عرفانًا منهم لشعوب الأمة بمقتضى العبودية لله وحده والتسليم المُطلق لله تعالى، هكذا دأبُ آل البيت في نصرة الحق والانصياع لهُدى الله مهما اشتدت الأمور وتكالب يهود الأرض ومرتزِقتهم، لا بُـدَّ من نصرٍ يحتوي الميدان أَو شهادةً نرتقي بها إلى عالم الملكوت.
إن وسام الشهادة لا يُكرم به إلَّا من اختارهم الله ليحظو بِجوارِ الأئمة والصالحين، إن طريق الفتح الأعظم رسم لنا دستور التضحية والفداء، وقد هيأ أحرار المقاومة للمُضي قُدمًا في الثأر لدماء الشهداء والتصعيد في جميع جبهات المنطقة حتى تحريرها من دنس اليهود، وصناعة أُمَّـة تأبى الضيم والإذلال والاستعباد، ولتكُن راية الشهداء تُرفرف في سماء الانتصارات، وما كانت جنة الله إلا لمن ابتغوا الفضل وما كانت الجنة إلَّا تحت ظلال السيوف، تسليمًا لتوجيهات الله وعهدًا بدمائنا كتبناه ألا ننثني عن هذا النهج وألا ننحني إلا لله، ومن تاجر مع الله ثمنهُ جنةٌ عرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين.