العبرةُ من أسبوع الشهيد في مقامة
عبدالله علي هاشم الذارحي
تخيل لو أنت مسافر إلى مكان ما، ليس لك زاد ولا ماء، وليس لك راحلة ولا دليل، بل تتخبط في طريقك خبط عشواء، من طريق إلى طريق صُبحاً ومساء، وبين الفينة والأُخرى ينتابك الخوف بصحراء قاحلة جرداء، بها تترقب سطوة الأعداء وأنت بدون سلاح وليس لك بيدك ضياء تستضيئ به في ليلة مظلمة غابت عنك نجوم السماء، زاد عماك إلى عمى، ضاقت عليك الأرض بما رحُبت وأمسيت منهك القوى تحاصرك السباع من كُـلّ الأنحاء، حينها أيقنت أنك هالك عاجلاً أم آجلاً..
بينما أنت في حِيرةٍ من أمرك أتى رجُل ليُنقذك ويزيل عنك ذلك الخوف وتلك الحِيرة وكل ما عانيته بالطريق من عناء، هذا الرَجُل وفر لك الزاد والماء والراحلة وأعطاك دليلاً تسير عليه وأعطاك سلاحاً قويًّا لمواجهة الأعداء، ونوراً تسير عليه، وبيّن لك مكامن الداء ووصف لك الدواء، وحثك على مواصلة السير في طريقك على بينة وهُدى لن تضل بعدهما أبداً، وقبل أن يفارقك جعلك تشعر أنك أصبحت إنساناً ولِدتَ من جديد مُكتمل التصور والأعضاء، وأن الله كتب لك في العُمر بقاء..
فيا ترى ما هو شعورك تجاه من انقذك؟ وكيف كانت حالتك قبل وصوله وأثناء وصوله إليك؟ وبعد أن أعطاك الزاد والماء؟ والراحلة والسلاح والدليل والضياء؟
فإذا علمت أن الذي أنقذك وزوَّدك بكل شيء لكي تواصل طريقك بخطى ثابتة يهابك الأعداء، هو عَلَمٌ من أعلام الهُدى وحفيد من أحفاد المصطفى، يا ترى هل ستنسى فضل هذا الرجُل عليك؟
الجواب هو لا، لا، لا.. إلى ما لا نهاية..
فيا أخي هَـا هو أسبوع الشهيد أتى ليذكرك بالسيد الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي، ورفاق دربه سلام الله عليهم، فذكرى أسبوع الشهيد محطة نتزود منها الثبات على الحق من الذين بذلوا أرواحهم رخيصة لمقاومة الباطل بكل زمان ومكان، وذكرى الشهيد فيها الكثير من الدروس والعبر التي تجعلنا نستشعر أهميّة الشهداء بالنسبة لنا، كيف كنا زمان؟ وكيف أصبحنا الآن؟ وإلَى أين سنذهب مستقبلاً؟..
لا شك أن وقع الوقائع لديها الجواب الشافي، وبهذه الآية ما يكفينا عن المقارنة بين حالنا زمان والآن فتأمل قول المَلك الديان (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام آية122].
صدق الله العظيم، وصدق واقع الشعب الكريم، الذي يعيش الآن بعزة وكرامة بفضل الله الجبار، ثم بفضل الشهيد القائد ثم بفضل دماء الشهداء الأحياء في جنات تجري من تحتها الأنهار، وهم الأحياء في ذاكرة كُـلّ الأحرار، فطوبى لمن على دربهم سار لمواجهة تحالف عدوان الأشرار..
ختامًا أقول:- لا مقال ولا مقامة ولا كلام ولا أشعار تليق بمقام الشهداء الأخيار، يكفينا أنهم واجهوا كُـلّ الأخطار، وسطروا بطولات أُسطورية لا فتة للأنظار، وبدمائهم الطاهرة رووا أرض يمن الإيمان والحكمة لنقطف الأثمار، فسلام الله عليهم ما تعاقب الليل والنهار، وسلام الله على كُـلّ أسرة قدمت ولدها شهيداً وله الله اختار، وسلام الله على أبناء الشهداء الأبرار، وسلام الله على سيد القول والفعل قائد ثورة الأنصار، المُدافع عن يمن الأحرار، وتهابه دول الاستكبار، فهو بحق فخر الأُمَّــة وقائدها وعلى يده يتحقّق الانتصار، ولعنة الله على ثلاثي الشر الغدَّار وعملائه الفُجار.