أخطر الحروب
أم الحسنين الزايدي
لو تأملنا واقعنا لوجدنا أن العالم الإسلامي ضحية حرب شرسة تجتاحه بقوة، تختلف عن الحروب، لا توجد بها أسلحة نارية ولا مواجهة عسكرية لا طائرات حربية ولا بارجات بحرية ولا جيوش برية؛ حرب أخطر من كُـلّ الحروب.
إنها “الحرب الناعمة” اسمها يدل على خفايا كبيرة، يدل على أن خلف النعومة قتلًا ودمارًا ومسخًا ليس للجسد البشري بل لفكره وعقله وهُويته وإيمانه ودينه وتوجّـهه، حرب تستهدف الجميع بدون استثناء موجهة خطورتها الأكبر على المرأة.
وسائلها مختلفة، جيوشها قذرة، أهدافها كثيرة، العنصر الأَسَاسي المستهدف لديهم هي “المرأة المسلمة”؛ لأَنَّها في العالم الإسلامي هي أَسَاس المجتمع فإن استطاعوا استهداف المرأة ضمنوا نجاح حربهم التي لا تكلفهم سوى حربٍ فكرية إعلامية لا يضحون بأحد منهم في ساحة المعركة لهذه الحرب، بل يقعون ضحايا كثر من أوساط مجتمعاتنا الإسلامية ليس بالموت وإنما بما هو أخطر من الموت وهو قتل قيمهم ومبادئهم وإبعادهم عن دينهم، بذلوا جهودهم ليجردوهم من دينهم فيصبحون آلة بيدهم يحركونهم، حَيثُ يريدون ليس بالقوة بل بإرادتهم، وذلك؛ لأَنَّهم هيأوهم من قبل فقاموا بمسخ نفوسهم وإبعادهم عن دينهم الذي ينهاهم عن الباطل فاتبعوا غير دين الله وتحت غطاء الحرية وما إلى ذلك.
ولو أننا أتينا من باب الحرية كما يدّعون فنحن والحمد لله أنعم الله علينا بالدين الإسلامي، الذي أعزنا وأكرمنا وجعلنا أحرارًا بينما حريتهم التي يدعونها ليست سوى عبودية لهم؛ لا نعلم أيةَ حرية يتحدثون عنها والمرأة في الغرب تنتهك، والمرأة في الغرب ليس لها قيمة ولا أحد يدافع عنها ولا عن حقوقها، بينما في العالم الإسلامي كرم الله المرأة تكريمًا مخصصاً، وضع لها قوانين تسير عليها، ووضح لها الحلال من الحرام؛ فوعد من أتقى بالنعيم الخالد ومن كفر بعد إيمان بجحيم أبدي.
الغرب عندما أنشأ حربَه الناعمة بدأ بوسائل عدة أبرزها الإنترنت والمسلسلات والحجاب الإسلامي؛ فالإنترنت سلاح ذو حدين إن لم تستخدمه فيما ينفعك فسيضرك ولربما قد يهلكك من حَيثُ لا تشعر؛ فأما المسلسلات حدث ولا حرج قلة قليلة ممن نجا منها، وهذا هو أكبر مسبب للمشاكل في المجتمعات متابعة ما لا فائدة منه ولا هدف له سوى الفساد، كما يجدون مبرّرات أن متابعتها تسلية فقط ولن تضر الدين وهذا عكس ما نراه؛ لأَنَّنا نجد ضحية هذه المسلسلات كثر من بينها تفكيك الأسر وانحراف الشباب والابتعاد عن الدين وما إلى ذلك، بينما توجد مسلسلات أُخرى ذات أهداف راقية ودروس عظيمة من بينها المسلسلات الإيرانية وما تنتجه القنوات الوطنية من مسلسلات عظيمة جِـدًّا تحكي واقع نحن نعيشه وتبث دروس لمن أراد الرجوع إلى المولى عزوجل؛ ومَـا هو أخطر من السلاحين السابقين هو الحجاب الإسلامي الذي حشد العدوّ عليه كُـلّ جيوشه الإعلامية يريد بذلك تجريد المرأة المسلمة من حيائها، وقد نجح في أغلب المجتمعات الإسلامية، بينما بقي وطننا الحبيب اليمن هو مصدر فخر لحشمة المرأة المسلمة وعنوان التزام لم يهزم، ولكن في الآونة الأخيرة نجد أن الغرب لم ييأسْ بعد من المرأة اليمنية كونه لم يستطع تجريدها من حشمتها كالبقية فأتى بطريقة أُخرى وهي استهداف الحجاب نفسه فزخرفه وضيقه فعندما نريد شراء عباءة تسترنا نرى ما يشيب له الرأس من تلوين وأشكال للعباءات التي لم تعد حجاباً بل أصبحت بحاجة حجاب آخر يسترها، ولكن للأسف الشديد نرى من يلبسها، وهذا ما يثير الغرابة كيف يصبح هذا التبرج بهذا الشكل في مجتمع محافظ جِـدًّا ملتزم بالدين الإسلامي تحكمه عادات وتقاليد وأعراف تحافظ على المرأة؛ ترى إماتة الغيرة عند أولياء أمور من تلبس ذاك اللباس؟ أم أنهم ضحايا الحرب الناعمة؟!
إن المرحلة خطيرة جِـدًّا، مرحلة تصعيد كبيرة للعدو نحو هذا الدين العظيم، يريدون قتل من استطاعوا قتله ومن تبقى يتم مسخه ليتم تحقيق أهدافهم، وهذا ما نراه في دويلات الخليج وما يحصل فيها من سقوط لا أخلاقي لم يحصل حتى في زمن الجاهلية ولم يحصل إلا في زمان ابن سلمان وابن زايد؛ فنحن بحاجة إلى تحصين كبير بكتاب الله عزوجل وقراءة آياته وألا نهجرَه؛ لأَنَّه ينهى عن الفحشاء والمنكر ومن لم يستطع قراءتَه كُـلّ يوم على الأقل سماعَه للنجاة من عواصف الفتن التي تعصف بنا، كذلك التمسك بخط ونهج محمد وآل محمد -عليهم السلام- فهما المنجيين كما قال -صلى الله عليه وآله- من تمسك بهما نجا ومن تخلف عنهما هوى.
نسأل الله تعالى أن يجعل الإيمان في قلوبنا مستقِرًّا لا مستودعًا، وأن يثبتنا ولا يستبدلنا إنه على كُـلّ شيء قدير، وأن يحيينا حياة محمد وآله -عليهم السلام- ويميتَنا مماتهم وأن يجعلنا دائمًا عقبةً في وجه من أراد بهذا الدين السوء، ولنجعل توجّـهنا في هذا الوقت وأقلامنا ومواضيعنا حول ما يفيد المجتمع حول الحرب الناعمة، الحرب التي تعد في زماننا أخطرَ الحروب.