المغامرة الصعبة لحاملات الطائرات الأمريكية.. الاشتباكُ المخيفُ مع القوات المسلحة
المسيرة: خاص
لم تستوعبِ الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ بعدُ الصفعاتِ التي وجَّهتها القواتُ المسلحة اليمنية، الأسبوعَ الماضيَ، من خلال استهدافِ حاملة الطائرات الأمريكية “أبراهام لينكولن” ومدمّـرتين أمريكيتين في البحر الأحمر.
وأمام هذه العمليات النوعية الكبرى للجيش اليمني، تقف الولايات المتحدة الأمريكية عاجزة، ومحبطة، يرافقُها يأسُ المهزوم، إزاء ما يحدُثُ لها من هزائمَ متتالية أسهمت في إسقاط هيبتها في المنطقة.
وفي هذا السياق، يعتبر الخبير في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان أن “العمليةَ الهجومية التي استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية “أبرهام لينكولن” في البحر العربي، تعد واحدة من أوسع العمليات النوعية التي نفذها الجيش اليمني -بعون الله تعالى- وهي ضمن سلسلة عمليات المرحلة الخامسة من التصعيد التي تنطبع بمستوىً جديدٍ من القوة والتأثير والزخم الناري الذي يفوقُ باقي نظائرها من العمليات في مراحل التصعيد الماضية”.
ويوضح عثمان أن “عملية الاستهداف نُفِّذت بهجوم مركَّب بعدد من صواريخ الكروز البحرية، وسربٍ من المسيَّرات، وقد حقّقت أهدافَها بنجاح -بفضل الله تعالى- وأن الجزء الأهم أنه تم تنفيذ آلية الهجوم في توقيت كان يتحضر فيه العدوّ الأمريكي لشن عمليات عدوانية على اليمن بمشاركة هذه الحاملة”.
ويؤكّـد عثمان أن “الهجوم اليمني مثّل ضربةً استباقيةً وخطوة عملت على إفشال استعدادات الحاملة للدخول في العدوان”.
ويشيرُ إلى أن “حاملة الطائرات أبراهام لينكولن من أفضل الحاملات الأمريكية والأكثر تطوُّرًا من نظائرها فئة “NIMITS” فهي مزودة بتقنيات دفاعية متطورة، إضافة إلى قدرتها على حمل 80 طائرة من مقاتلات F-18 ومقاتلات الجيل الخامس F-35C ومنظومة الإبحار التي تعتمد على محركات نووية، وتأتي أهميّةُ العملية في كونها جاءت في توقيت حرج بالنسبة لأمريكا التي تعاني ضَعفًا في عملياتها البحرية في المنطقة، خُصُوصًا بعد هزيمة حاملتَي الطائرات “أيزنهاور” وَ”روزفلت”، مبينًا أن “استهداف حاملة الطائرات “لينكولن” في أقصى البحر العربي شكّل فعلًا استباقيًّا عطّل رهانات أمريكا في ترميم هزيمتها وضعف موقفها العسكري”.
نقطة فارقة في التاريخ العسكري:
وتعتبر العمليات اليمنية في البحرَين الأحمر والعربي ضد ثلاثي الشر أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل”، بمثابة نقطة فارقة في التاريخ العسكري الحديث، بحسب ما يؤكّـده الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون العسكرية كامل المعمري.
ويؤكّـد المعمري أن “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس أعادت صياغةَ معادلة القوة البحرية في المنطقة؛ فبينما كانت الولايات المتحدة تعتبر نفسها القوة التي لا تُقهر في البحار، وأسطولها يعكس هيمنتَها التي لا يجرؤ أحد على تحديها، جاء الرد المفاجئ من صنعاء ليُثبتَ أن هيمنة القوى الكبرى يمكن أن تتأثَّرَ في مواجهة إرادَة صُلبة وقوة غير تقليدية”.
ويبيّن المعمري أن الهجمات اليمنية الناجحة على حاملة الطائرات “أبراهام لينكولن” كشفت قدرةَ اليمن على فرض تَحَدٍّ حقيقي في قلب البحرَين الأحمر والعربي؛ ما جعل العالَمَ يُعِيدُ النظرَ في المفاهيم القديمة حول القوة العسكرية والهيمنة البحرية.
ويرى أن هذا التغيير في موازين القوة “لا يمثل فقط ضربة في وجه التفوق العسكري الأمريكي، بل هو أَيْـضًا رسالة للعالم بأن أية سياسة تستندُ إلى القوة والإكراه يمكن أن تجد من يقف في وجهها، وأن الحقيقة لا يمكن أن تُصادَرَ مهما حاولت القوى الكبرى إخفاءَها”.
وترى الناشطة الإعلامية سارة عبيد أن “ما حدث كان كَبيرًا جِـدًّا وضربة استباقية للولايات المتحدة الأمريكية”، مؤكّـدة أن “القوات المسلحة اليمنية نَفَّذت عملية هجومية كبرى ضد الحاملة “لينكولن” وحقّقت صدمة مدوية لقادة البنتاغون الأمريكيين”.
وتشير إلى أن “العملية اليمنية النوعية المركَّبة تجعلُ من اليمن أولَ بلد عربي يضرب حاملات الطائرات الأمريكية، وأن هذه العملية تأتي في ظل تصعيد أمريكي بريطاني لافت ومُستمرّ منذ أَيَّـام، تطال فيه الغارات العدوانية المكثّـفة مناطقَ يمنيةً جديدةً؛ طمعًا بالضغط على صنعاء، بعد ما باتت الجبهة اليمنية أكثرَ تأثيرًا على العدوّ الصهيوني وداعميه الأمريكيين والبريطانيين والغربيين بشكل عام”.
وتؤكّـد أن “العملية اليمنية خطوة جديدة على طريق كسر الهيمنة الأمريكية وتهشيم الردع الأمريكي والغربي”، مشيرة إلى أن “العملية لها بُعدٌ استراتيجي واستخباراتي يشير إلى التطور في القدرات اليمنية، حَيثُ لم يقتصر على الصعيد العسكري، بل تعدَّاه إلى مستوى الرصد والاستطلاع والاستخبارات، وأنه ووفقًا لإعلان القوات المسلحة اليمنية، أحبطت الأخيرةُ عدوانًا أمريكيًّا كان قيد التحضير وبصدد التنفيذ”.
وعلى الرغم من الإجراءات الاحترازية الأمريكية التي كانت تهدفُ لتحاشي مصير “أيزنهاور”، تؤكّـد عبيد أن القوات المسلحة اليمنية استطاعت “استهداف حاملة الطائرات بقوة وكفاءة عاليتين رغم اعتماد الأمريكيين لأساليب التمويه والاختفاء عن الرادارات خلال تنقلاتهم في المنطقة التي تقع تحتَ نيران صنعاء”.
مرحلة جديدة:
وتمثّل العملياتُ الهجومية اليمنية ضد القوات الأمريكية في البحار عنوانًا لفصل جديد من المواجهة البحرية المُستمرّة منذ أكثر من عام، وهي تعكس -وفقَ تقارير أمريكية- فشلًا للاستراتيجية التي يتّبعها البيت الأبيض في التعامل مع المخاطر التي تفرضها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
ويرى الخبير العسكري الأردني محمد المقابلة، أن عملية الثلاثاء للقوات المسلحة اليمنية تعتبر “نوعية من الناحية العسكرية”، لافتًا إلى أنه عادة ما تكونُ حاملة الطائرات الأمريكية مزودة بنظام دفاعي جوي وبحري معقَّد جِـدًّا.
ويقول المقابلة: إن “تلك الحاملات قادرة على رصد الأهداف الجوية على بُعد مئات الكيلومترات، إضافةً إلى امتلاكها نظامَ مراقبة بحريًّا يصلُ لعشرات الكيلومترات؛ ما يمنحُها مجالًا لإعطاء إنذار مبكِّر، وتفعيلِ الدفاعات للتصدي لتلك التهديدات وتحييدها”.
ويعتبر نجاح القوات المسلحة اليمنية في استهداف حاملات الطائرات “لينكولن” عملًا عسكريًّا معقدًا، لافتًا إلى أنها سبق أن تمكّنت من اختراق منظومات “إسرائيل” الدفاعية من خلال الطائرات المسيَّرة والصواريخ الباليستية.
ويعتقد المقابلة أن “الهجوم على حاملة الطائرات أبراهام لينكولن يمثّل رمزية كبيرة؛ “إذ يعني أن القطع الحربية الأمريكية في بحر العرب والبحر الأحمر أصبحت مستباحة من قبل اليمن، وسيتم استهدافُها بدونِ أي تردّد أَو حسابات لعواقب هذا الهجوم”، مُشيرًا إلى أن هذا “الهجوم يدل على أن الجيش اليمني ذاهبٌ بالتصعيد إلى أبعدِ حَــدٍّ ممكن، وهي رسالة للقيادة السياسية والعسكرية الأمريكية، بأن اليمن على أُهبة الاستعداد للمواجهة”.
ويرى أن “هناك ارتباطًا وتنسيقًا بين تلك الهجمات وبين التصعيد في لبنانَ وغزة، ضمن وحدة الساحات، كما أن هذه الضربة تزامنت مع إعلان الكيان الصهيوني الانتقالَ إلى المرحلة الثانية من الهجوم البري، وبقيام حزب الله بقصف مقرِّ وزارة الحرب الإسرائيلية في يافا”.