بيعُ الأرواح لمالكها.. بـ حياةٍ أبدية
ردينة حسن
(ألسنا على الحق؟ إذن لا نُبالِي بالموت)..
نعم هذا هو قولُ الحُسين يوم عاشوراء، من كان أكبر مثالٍ للشهادة؛ فالشهادة هي ذلك الفوز العظيم، هي الحياة الأبدية هي النعيم الذي لا ينقطع هي تجارة مع الله، أتخافون بيع أرواحكم لمن هو مالكها؟!
يا للعجب حَقًّا عندما نتأمل إلى واقع البشر نجدهم بعيدين كُـلّ البُعد عن المعنى الحقيقي للشهادة عندما نتساءل: لماذا؟
نجد أنهم وقعوا فيما سعَت له أمريكا منذ أعوام؛ أي طمس الحقائق حتى وإن كانت بإثباتات وشواهدَ قرآنية تحت مسميات أتعتقدون أنها شهادةً وأنت تقتل أخاك المُسلم؟
عن أي مسلم تتحدثون؟ هل عن ذلك الذي حرم الطفلَ من أمه، أم ذلك الذي تسبب بصراخات الفتاة عندما رأت والدتها وأخاها وَوالدها لم يعودوا سوى أشلاء؟!
ماذا عن قلب الأم الذي ودعت طفلتها الصباح بعد أن أعدت لها وجبة الإفطار وقبّلتها قبل ذهابها ليصل إليها اتصالٌ “تم قصف مدرسة ابنتكم احضروا للتعرف على جثتها”، أم عن ذلك الشاب الذي مات وهو ينتظر وصول الدواء ولم يصل نتيجة الحصار؟ ماذا عن أُولئك الأطفال الذين استعدوا لرحله اختتام المراكز الصيفية بكل حب وشغف ثم يأتي طيران العدوّ يستهدفهم فيرتقون إلى ربهم شهداء ولدانًا مخلدين أم عن النساء التي اغتصبن وسُلبت منهن كرامتهن؟!
بالله أخبروني أهذا هو الإسلام الذي تتحدثون عنه أيها العرب ولكن استبدلتم عينَ العروبة بالغين فأصبحتم غربًا أنجاسًا عليكم غضب من الله إلى يوم تبعثون؟
وكل هذا؛ مِن أجلِ إرضاء قشة (أمريكا)؟
الشهداء عندما تحَرّكوا هم من منعوا مواصلةَ هذه الجرائم بحق شعبنا، وبتضحياتهم وبطولاتهم صنعوا مجد هذا الأُمَّــة وهذا الشعب؛ فكانت في شهادتهم حياتان: فالأولى هي حياة الكرامة والعزة والإباء لمن تركوا خلفهم، والثانية هي حياتهم الأبدية التي وعدهم الله في قوله: “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون” هم وصلوا إلى ذلك الفضل والجزاء العظيم من الله تعالى.
فوراء كُـلّ شهيدٍ بطولةٌ أُسطورية جعلت من العدوّ رميمًا.
أتعلمون لماذا؟
لأن شهداءَنا عندما تحَرّكوا تحَرّكوا بعشق للشهادة ولقاء الله، تحَرّكوا غير مبالين بالموت وهم يدركون عظمة الموقف الذي هم فيه؛ وذلك نتيجة الإيمان، كانت دعواتهم بأن يتقبلهم الله شهداءَ على طريق الحق لا تُفارِقُ أفواههم، كان ذكر الله لا ينقطعُ عنهم؛ فجعلوا زادهم التقوى، وجعلوا من بردهم دفئًا ومن جوعهم شبعًا ومن كُـلّ الصعاب سِهالًا.
نعم هذا هو الحب الحقيقي فكما قال الشهيد السيد/ حسن نصر الله: (حينما تتخلّى عن حب الدنيا وشهوات الدنيا ومتاع الدنيا حينها تُصبِحُ عاشقًا).
لذلك فليعلم العدوُّ وليعلمْ كُـلّ أُولئك الخونة والجبناء والمتخاذلين أننا لا نخشى الموت؛ لأَنَّنا لا نموت؛ ولأن الشهادة هي أعظم أمانينا، نحن من نخاف أن نموت ميتتكم، أن نموتَ وليس لنا موقف وليست لنا كرامة ولسنا إلا كالماشية تُساق متى ما أراد راعيها، نحن نأبى ذَلك ونحن من يفرحُ لقادتنا باستشهادهم؛ لأَنَّهم استحقوا ذلك الفوز؛ فلن نسقطَ نتيجة سقوط قاداتنا بل نزداد قوة وصلابة وتشتعل لظى أكبادِنا للانتقام، فنحن من يدعو اللهَ ليلَ نهارَ أن يجعلَ الشهادة من نصيبنا.
اعلموا جيِّدًا أننا تربّينا على مبدأ (عندما ننتصر ننتصر وعندما نستشهد ننتصر).
فباب الشَّهادة مفتوح على مصراعيه.
والتجارةُ التي لا تبور قد ازداد الطلبُ عليها.
وكأننا في فصلِ العُروج، فهنيئًا لمن يعبر.
هنيئًا لمن باع من الله نفسهُ وأشترى منه.
هنيئًا لمن تنالهُ قطرات الرحمة في موسمِ الارتقاء، حَيثُ السَّماء تُمطِرُ شهادةً.