الذكرى السنوية للشهداء تبرز معاني العطاء
رضوان دبأ
أطلت الذكرى السنوية للشهيد هذا العام في وقت يزخر بالعطاء وبذل الأرواح، فها هي الأرواح تتسابق إلى بارئها متسلحةً بالإيمان، والصبر، والثبات على الدين الحق، والموقف العادل.
تأتي هذه الذكرى السنوية كمحطة إيمانية تجدد في الأذهان معاني الجهاد في سبيل الله، وتمنحنا دروسًا وعبرًا في ثقافة الاستشهاد على طريق الحق، إنها ذكرى تعزز في نفوسنا العزيمة على الاستمرار في مسيرتنا، مستلهمين من خلالها أمثلة حية تُوضح لنا معنى الشهادة، وأن دماء الشهداء هي التي تثمر حرية ونصرًا، وها هم يشيدون بأرواحهم الطاهرة جسرًا نعبر عليه نحو الحرية والاستقلال، نحو الخلاص من الأعداء.
العطاء الذي قدّمه المجاهدون منذ الحرب الأولى وحتى يومنا هذا كان عظيمًا جِـدًّا، ولا يمكن لنا كبشر أن نفيهم ثمن تضحياتهم، ولا يمكن لأية كلمة أَو فعل أن يقدر تمامًا قيمة الدماء التي قدّمها الشهداء، لذلك ظلت مكافأتهم عند رب السماوات والأرضين، حَيثُ ضمن لهم الحياة مرة أُخرى، وهو ثمن باهظ لا يُمنح إلا للشهداء الذين قدموا كُـلّ غالٍ؛ مِن أجلِ دين الله، ومن أجل إعلاء كلمته، ومحاربة أهل الباطل وأعداء الله في هذه الأرض.
إن كُـلّ معاني الوفاء لدماء الشهداء يتجلى في الثبات على موقفهم الحق والعادل، والمضي على دربهم، وإكرام ذويهم وأهاليهم، وزيارتهم في روضاتهم المقدسة، وفاؤنا لهم يتطلب منا أن نمر عليهم فردًا فردًا، وأن نقرأ لهم ما تيسر من القرآن، وأن نجدد عهدنا لهم في كُـلّ وقت وحين، وأن نستلهمهم ونتشبث بطريقهم ولا نحيد عنه، هذا هو أقل ما يمكننا فعله في حقهم، وذلك تعبيرًا عن شكرنا وامتناننا لتضحياتهم الغالية.
نعم، إنه جدير بنا أن نقف أمام أرواحهم الزكية، وأن نثمن ذلك العطاء الذي تدفق من كُـلّ حدب وصوب، ليروي تراب هذا الوطن المعطاء، نتذكر تدافعهم على الشهادة حتى نعيش كرماء أحرار، نستلهم الدروس العظيمة من تضحياتهم، ونتأمل عن كثب النتائج التي أسفرت عنها، فقد جرفت هذه التضحيات كُـلّ أحلام الأعداء في السيطرة على مقدرات هذا البلد، لم تكن تضحياتهم عبثًا، بل كانت حجر الزاوية الذي أُسّس عليه صمود الوطن وثباته في وجه التحديات، والأطماع الخارجية.
ما قدّمه الشهداء كان من أسمى معاني الوفاء للوطن، وقد كان رهانهم على الحرية والاستقلال، ودحر قوى الاحتلال التي ظنت أن اليمن لقمة سائغة، فكان أشبه بشراب الزقوم.
كلّ شهيد في هذا الوطن هو قُدوة لنا في السعي المُستمرّ؛ مِن أجلِ أن تبقى هذه الأرض حرة، وأن يبقى الأمل في النفوس يلامس الحقيقة.
إننا في هذه الذكرى، نجد أنفسنا أمام مسؤولية كبيرة في الحفاظ على هذا النهج السليم وهذه المبادئ الثابتة رغم محاولات الأعداء المتتالية في هزها، علينا أن نستلهم من تضحيات الشهداء قوة لنتابع المسير، ونقف بثبات أمام التحديات والمؤامرات، وأن نُكرس في أجيال المستقبل هذه الثقافة التي كادت أن تندثر لولا أعلام الهدى رضي الله عنهم، يجب أن نخبرهم أن طريق الحق لا يمكن أن يُختصر أَو يُفرّط فيه أبدًا، فدماء الشهداء هي من جعلت من هذا الوطن منارة للأحرار، ومثالًا حيًّا للثبات والإيمان، وقبلة للصوت الحر والقول السديد.