الأمم المتحدة: شجرةٌ أصلُها المستكبرون
طلال محمد الحمامي
الأمن والاستقرار هما الغايةُ التي تسعى إليها كُـلُّ الدول وتبحثُ عنها كُـلُّ الشعوب، ولا يمكن أن تتحقّقَ إلا إذَا كانت العدالة هي المسيطرةَ على القوانين، والعدلُ هو الأَسَاسُ في الدساتير، حينها فقط، تنعم الشعوب بالأمن والاستقرار، ويختفي الظلم من حياتها، أما غير ذلك، فليس إلا خداع يخدم المستكبرين، ويمنح الظالمين مزيدًا من السلطة.
بعد الحرب العالمية الثانية، ظهرت الحاجة إلى تأسيس نظام دولي يحفظ الأمن والسلام، خَاصَّة بعد فشل “عصبة الأمم” التي تشكلت عقب الحرب العالمية الأولى، ازداد الإحساس بضرورة إيجاد نظام عالمي جديد يضمن استقرار الأمن الدولي، لذا، اجتمعت أكثر من خمسين دولة، بقيادة الولايات المتحدة، وبريطانيا، والصين، وروسيا، واتفقوا على تأسيس ما يسمى بـ “جمعية الأمم المتحدة” عام 1945، التي انبثقت منها مؤسّسات مثل مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية.
لكن تأثير القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا على قرارات الأمم المتحدة أفسد أهداف هذه الجمعية.
إنهم لا يمتلكون الشرعية العادلة لحفظ الأمن العالمي؛ لأَنَّهم يسعون فقط وراء مصالحهم، حتى لو تعارضت مع القوانين التي وضعوها بأنفسهم، أليست أمريكا واحدة من أكثر الدول استكباراً وإجراماً في العصر الحديث؟ فالنفوذ اليهودي الذي يسيطر على سياساتها معروفٌ بفساده وشره، خَاصَّةً في بلدان أمتنا.
ما الذي قدمته الأمم المتحدة للشعب الفلسطيني؟ هل أوقفت “إسرائيل” أَو كبحت جماحها الإجرامي وتوسعها الاستيطاني؟ أين ذهب مصطلح “القانون الدولي”؟ لم يبالِ الصهاينة بشيء يسمى “القانون الدولي”، لقد شاهدنا ممثلُ الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة يمزّق القوانين باستهتار، على مرأى ومسمع من الدول الكبرى، التي لم تحَرّك ساكنًا، فقط الشعوب المستضعفة تُجبَرُ على الالتزام بالقانون في إطارِ الحفاظ على المصالح الأمريكية، بينما الآخرون ليس لديهم الحق في حماية أوطانهم وشعوبهم، حتى لو كانوا مسلمين، كالشعب الفلسطيني، الذي طالما عانى من تلك الغدة السرطانية، لكن على الرغم هذا الواقع كما يُقال: “كثرة الضغط تولد الانفجار”.
ظهرت بالفعل حركات فلسطينية مجاهدة، رغم إمْكَانياتها المحدودة، أعادت القضية إلى صدارة الاهتمام العالمي، خَاصَّة بعد عملية “طوفان الأقصى”، هنا، تجلت حقيقة الأمم المتحدة ومجلس المستكبرين ومحكمة العدل الهزلية، الذين فشلوا في اتِّخاذ موقف إنساني حقيقي لقطاع غزة المحاصر؛ لم يتمكّنوا من إدخَال المساعدات أَو رفع الحصار، يعقدون مؤتمرات في مجلس الأمن لا تتجاوز كونها محاولة لإخفاء خزيهم ولإظهار اهتمام مزيف بالمأساة.
لذا، فإن كون دول الاستكبار عضوًا أَسَاسيًّا في الأمم المتحدة، هو خداع وضلال كبير، تنتظر الشعوب من هؤلاء حلًا لمصائبهم، في حين أن أمريكا نفسها استخدمت الفيتو مرارًا لوقف أي قرار يُنهي العدوان على قطاع غزة، أنهم من وضعوا قوانين تصب في مصلحتهم فقط؛ لتعزيز نفوذهم ومحاربة كُـلّ من يقف ضد ظلمهم تحت شعارات خادعة.