نقطةُ ضعف قاتلة..!
عبدالإله محمد أبو رأس
ألف سنة من التنظيم الدؤوب، ومن التخطيط الشيطاني المُستمرّ؛ لتصعد بعدئذٍ “إسرائيل” إلى ذلك المرتقى الصعب، وتبلغ ذلك العلو المشهود، وتصل إلى ذروة التعالي، ومنتهى الغرور.
ولكنه علو مفتعل بسيقانِ الآخرين، وارتفاع كاذب على أكتاف أمريكية، وأرجل أُورُوبية، وفي خلسة من انقسام عربي، وفي فجوة سحيقة من فراغ ديني وتمزق إقليمي.
ولن تدوم تلك الأكذوبة أبدًا؛ لأَنَّها تمشي بيننا بلا أرجل، وتعلو على العالم الصفيق بلا منطق، والعالم يوشك أن يصحو -الآن- بعد سكرةٍ طويلة على الأفعى الصغيرة التي رباها في حجره؛ ليتفاجأ بها وقد تحولت إلى أفعى كبيرة سامة ولادغة.
وقد يقول قائل: ولماذا كُـلّ تلك المساندة الغربية المُبالغ فيها للجرم الإسرائيلي المشهود!!؟ ألا يبدو أمرًا فيه من الغرابة!!
بلى.! والسبب في ذلك أن الولادة المنتظرة، ولادة غير طبيعية، والمولود فيه عيب وتشوه خلقي، فـ “إسرائيل” الكبرى التي سوف تولد -كما يزعمون- ليست كبرى بالحقيقة.!! وإنما هي قزم سياسي نُفِخ فيه؛ ليكون عملاقًا كاذبًا.
وبالتالي سوف يحتاج إلى عملية قيصرية، ولا بُـدَّ من التغطية -حينئذٍ- على هذه الخدعة بإطلاق الشعارات، ودق الطبول، وإشعال المباخر والمجامر، وإنفاق الأموال في الدعاية الكاذبة، وتكديس الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، والتخويف بالموت والدمار الشامل -طوال الوقت- لكل من يفكر في الاقتراب أثناء عملية الولادة المتعسرة.
ولا بدَّ -أَيْـضًا- من التضليل والتعتيم على الحقائق، وخلق جو إرهابي كهنوتي ماسوني، وبناء هيكل أُسطوريّ؛ لأَنَّ هناك أُسطورة مارقة سوف تولد اسمها “النازية إسرائيل”.
ولكن القزم الذي سوف يولد محكوم عليه بالموت، رغم كُـلّ أساليب الإنعاش والإغاثة والعناية المركزة، ورغم ضخامة الأموال وكثافة التضحيات، الذي سيتكبدها الانحياز الغربي؛ ليحمي ذلك الميلاد الشاذ.
والمفارقة القاتلة أنها تتنفس صناعيًّا، عن طريق جهاز تنفس صناعي، في حاجة دائمة إلى مدد وإنعاش بوسائل صناعية، وهي لا تستطيع أن تحارب إلا من وراء جدار، أَو من وراء دبابه، أَو من نافذة طائرة، أَو من قمرة غواصه، أَو بمددٍ من آخرين، ولا تستطيع أن تباشر القتال بالأيدي، ولا الاشتباك رجلًا لرجل، ولا أن تصمد للمواجهة المباشرة.
وتلك نقطة ضعفها القاتلة..!!، إذ لم يكن لها يومًا من الأيّام قوة ذاتية، وإنما قوتها كانت مستعارة ومقترضة من هذا وذاك، ومفاعلها النووي استنساخ أمريكي، وتغذيتها بالمال والسلاح والمساندة السياسية هي من رحم الدول الاستعمارية عبر حبل سري لا يكف عن ضخ المعونات، وهي ترضع الخلاصات من كُـلّ شيء، ثم تصرخ طالبةً المزيد.
إنها طُفيّلي مُدمِن التطفل يعيش على دماء غيره، ولا يكفُ عن الصراخ والشكوى من الاضطهاد والظلم، وهي الظلم الفاجر في ذروته وتبجحه، واليهودي اللحوح الذي يستنزفُ كُـلّ من حوله، والقلب المريض الذي لا يستطيع الحياة من دون تنفس صناعي، أَو تهديد نووي تحتمي به، أَو عكاز تتوكأ عليه، أَو دولة قوية تساندها، أَو مدد يمدها بلا انقطاع، وهذا الاحتياج سيكون مقتلها.
وهذه المشاهد المقززة التي يباشرونها أمام عدسات التصوير لا يمكن أن تكون إلا نماذج من الترويع والتخويف لزرع الجبن في قلب كُـلّ من يفكر في مجاراة المقاومة، وهو نهج قتالي تعلّموه في تدريباتهم، وينسى المقاتل الإسرائيلي أن ردة الفعل يمكن أن تأتي معكوسة تمامًا، ويمكن أن يزرع المشهد المقزز رغبة في الانتقام، واندفاعاً جنونياً يجبر الضحية لأن تنفجر في جسم جلّادها؛ ليتلاشى الاثنان في احتجاج مُدوٍّ، واستشهاد رهيب يصكُ آذان الملأ الأعلى في السماوات، لتصعد روح الشهيد إلى بارئها راضية مرضية.
وتتحول “إسرائيل” -حينئذٍ- إلى ذلك المتهم البغيض الذي يدفع عن نفسه سوابق الظلم والتعدي والإجرام، ويتحول اسمها إلى غول مُلوث يقطر دمًا، وإلى محتال مُدلس محترف يقتاتُ بالأكاذيب، وإلى كيان مفلس يفقد رصيده، والسمعة التي يتاجر بها، سمعة الشعب المظلوم المضطهد الضحية، وتلاحقه صفات الشعب الكذاب، الدجال، القاتل، السفاح، الدموي.
وهنالك تحول تاريخي إلى افتضاح كُـلّ أكاذيبها، وهناك رفض لوجودها ينمو ويتأصل على جميع الجبهات، والتاريخ ضدها وليس معها، والعالم الذي فطن إلى أطماعها سوف يكون عوناً لنا ضدها، ولن يكون معها، والذين يشهدون معها سيشهدون ضدها، والذين يعملون لبقائها سيعملون لزوالها.
وهناك جنين تاريخي اسمه الحقيقة ينمو ويتكامل مع الزمن، جنين لشيء بغيض كُريه لن يختلف على كراهيته اثنان، وغدًا سوف يخطو التاريخ على بصيرة من أمره، وسوف تتحول جميع المؤشرات لتكن ضد “إسرائيل”؛ إذ إن الخلاف قد بدأ داخل البيت الإسرائيلي نفسه، وصوت الاعتراضات على تطرفها من داخلها، وهناك محاذير تظهر على استحياء في الصحف العالمية هنا وهناك عن التطرف الإسرائيلي وعواقبه الوخيمة.
ولن يستطيع الكذب والاحتيال أن يملأ وعاء الحقيقة، وهذه القنبلة الصامتة هي أخطر تحول تاريخي سوف يأكل الرصيد الزائف من الأكاذيب اليهودية.