دولة الإسلام ستعُــمُّ الأرضَ كُلَّها
ق. حسين محمد المهدي
مما لا ريب فيه أن الجهاد ذروة سنام الدين، وأن الصدق أَسَاس اليقين، وأن التقوى زاد المتقين، ودأب المؤمنين، وعُدة الصابرين، وأن خير ما أردت أفضل ما وجدت، وخير ما أملت أحسن ما أدركت، وأن أنسب الأشياء مساعدة القضاء، وغلبة الأعداء.
فمن عاتب الدهر طال عتابه، ومن طلب سلمه خاب طلابه.
فإذا كان لا بُـدَّ للإنسان من طلب الحق ليعمل به فطلبه في القرآن توفيق وإحكام.
فالإسلام صالح لكل زمان ومكان، والقرآن فيه شفاء لداء الإنسان، ومعضلات الزمان، ففيه منهاج لحياة الإنسان وإصلاح لعقيدته (وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (إِنَّ هذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) ففيه تبيان لكل شيء، وإصلاح لأمور كُـلّ حي (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ).
وفي الحديث: «أبشِروا أبشِروا إنما أمتي كالغيث لا يُدرى آخره خير أم أوله».
فالآثار عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- تشهد أن المستقبل للإسلام، ففي الحديث (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلَّا أدخله الله هذا الدين).
ففي ذلك بشارة بقيام دولة إسلامية عالمية، وإن ما تمضي فيه الصهيونية اليهودية من الفساد وسفك الدماء في فلسطين ولبنان وغيرها من البلاد العربية والإسلامية علامة على قرب فنائها وزوالها.
فقد حكى الله فساد بني إسرائيل وأخبر بزوالهم وهلاكم والتسليط عليهم فقال سبحانه: (لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبيراً، فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) وقد حصل ذلك، وها هو إفسادهم للمرة الثانية قد حصل وحتماً سيأتي جند الله وأنصار الله ليجتثوا فسادهم كما أخبر الله في كتابه، (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أول مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً).
إن مجلس الأمن في عربدته وإباحته لسفك الدماء، وقتل الأبرياء أظهر وحشية وقبحاً منقطع النظير، وأظهر بصهيونيته خدمته للمفسدين في الأرض علناً بين الناس أجمعين.
وأمريكا التي أطلت بوجهها الكالح لتعلن الحرب على الله بمحاربتها لعباده وأوليائه باستخدام حق النقض (الفيتو) إنما تدلل على تهالكها وجراءتها وفسوقها وفجورها، وذلك لن يفيدها، وإنما سيدفع المسلمين وكلّ أحرار العالم إلى قتال الصهيونية وجهادها امتثالاً لقول الحق (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
إن المتهالكين يضعون أنفسهم في موضع الذلة والهلاك باتباع الصهيونية وميلهم للتطبيع معها، وتثاقلهم عن النفير إلى الجهاد في فلسطين ينبئ بحلول العذاب عليهم ودنو زوالهم، فإذا لم يعودوا عن تقاعسهم وتغافلهم فإن أعمالهم ستحبط وإيمَـانهم سيذهب وسيكون مصيرهم إلى هلاك قال تعالى: (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قليلًا، أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئك لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ) (إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شيئاً وَاللَّهُ عَلى كُـلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
إن دولة الإسلام ستعم الأرض وتنعم البشرية بها، فالله سبحانه وتعالى مع المتقين ناصرهم ومؤيدهم وهو القائل: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
وإذا كان الله مع المتقين المؤمنين فلن يغلبوا أبداً، ودولتهم قادمة لا محالة (وَتِلْكَ الأيّام نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ).
وإن أنصار الله في يمن الإيمان والحكمة، وحزب الله في لبنان، وحماس في فلسطين، وأحرار العراق والدولة الإسلامية في إيران سيقودون السفينة إلى بر الأمان، ويقطعون دابر الكفر والفساد، ويجعلون راية الإسلام عالية خفاقة في مشرق الأرض ومغربها، وما ذلك على الله بعزيز وإن أشعلت الصهيونية والمفسدون حرباً عالمية فعلى الباغي تدور الدوائر، (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وإن غدًا لناظره قريب.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.