أرقام الهجرة وخسائر العدوّ في قطاع السياحة تتحدث.. “الردع” يحوّل “إسرائيلَ” إلى بيئة طاردة
المسيرة: خاص
لا يَمُـــرُّ يومٌ واحدٌ دونَ أن يسجِّلَ العدوُّ الصهيوني خسائرَ اقتصاديةً متجدِّدةً تُضَافُ إلى سلسلةٍ طويلةٍ من الهَفَوَاتِ التي كَبَّدَت كَيانَ الاحتلال عشرات المليارات من الدولارات؛ ليتحوَّلَ اقتصادُ العدوّ من اقتصاد قوي ويحتل مراتبَ عالمية، إلى اقتصاد متآكل، يتهالك يوميًّا بفعل العمليات اليومية التي تطال العدوّ الصهيوني من داخل فلسطين المحتلّة، ومن الجبهة اللبنانية، وكذا من جبهات الإسناد اليمنية الفاعلة والعراقية المتصاعدة.
وفي جديد الانهياراتِ المُستمرّة في عموم قطاعات العدوّ الحيوية والاقتصادية، سجَّل قطاعُ السياحة الصهيونية تراجعًا جديدًا، بالتوقف شبه التام في السياحة الوافدة من خارج فلسطين المحتلّة، وكذلك الركود التام في الحركة السياحية الداخلية، حَيثُ أغلقت عشراتُ الفنادق السياحية أبوابَها بشكل كامل جراء أزمة الساحة.
وذكرت وسائلُ إعلام صهيونية أن السياحة في فلسطين المحتلّة تعيش أزمةً غير مسبوقة منذ اندلاع العدوان على غزة، فيما كشف تقرير صادر عما تسمى “جمعية الفنادق” عن شلل شبه كامل في القطاع، موضحًا أن 90 فندقًا سياحيًّا أغلقت أبوابَها؛ جراء انعدام النزلاء من السواح، سواءٌ أكانوا من خارج فلسطين المحتلّة، أَو من داخلها.
وبيّن التقريرُ أن السياحة الدولية انخفضت بنسبة كبيرة تصل إلى 65 %، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مؤكّـدًا أن التصعيدَ الكبير في الجبهة الشمالية تسبّب في إحداث شلل شبه تام في السياحة في المناطق الصناعية والسياحية الواقعة شمالي فلسطين المحتلّة، ومن بينها الناصرة وحيفا وطبريا التي انخفضت فيها السياحةُ بنسبة تصل إلى 80 %.
وعلى الرغم من نسبة النزوح الكبيرة التي تشهدُها مناطقُ شمالي فلسطين المحتلّة، حَيثُ يسكُنُ عشرات الآلاف من النازحين في الغرف والفنادق في المدن الفلسطينية الأُخرى، إلا أن 30 % من فنادق العدوّ الإسرائيلي باتت شبهَ فارغة، وهو الأمر الذي يؤكّـدُ أن أضرارَ العدوّ لن تتوقَّفَ عن عزوف السياح الأجانب عن الدخول إلى فلسطين المحتلّة، بل إن هذه الأرقام تؤكّـد أن نسبة الهجرة العكسية ارتفعت بشكل كبير وبأرقام يخفيها العدوّ، حَيثُ إن خلوَّ غالبية مناطق شمال فلسطين من السكان، وإغلاق 30 % من الفنادق يشير إلى نزوح كبير للسكان إلى خارج فلسطين المحتلّة.
بدورها، نشرت صحيفة “هآرتس” الصهيونية تقريرًا سلطت فيه الضوء على التدهور والانهيار الكبير الذي يشهده قطاع السياحة جراء العمليات التي يتعرض لها الكيان الصهيوني.
ووصفت الصحيفة الصهيونية 2024م بـ “العام الذي ماتت فيه السياحة في إسرائيل”.
وقارن التقرير أرقام السياحة في العام 2024 بنظيرتها في العام 2019، حَيثُ أظهر التقرير أن عددَ السياح الذين زاروا فلسطين المحتلّة في العام الجاري وصل إلى 820 ألف سائح، مقابل 4،5 مليون سائح في العام 2019، وهذه الفجوة الكبيرة في الأرقام تؤكّـد أن هناك يقينًا كبيرًا بأن “إسرائيل” لم تعد آمنة، فهي لم تعد وجهة اقتصادية، ولم تعد وجهة سياحية.
في السياق نفسه، تناولت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية -في تقريرٍ لها- التدهور الذي يشهده القطاع السياحي في كيان الاحتلال، مؤكّـدةً أنّ عام 2024 هو “العام الذي ماتت فيه السياحة في إسرائيل”.
وفي أرقام تظهر الفجوة بشكل أكبر، أوضحت “هآرتس” أن عدد السيّاح الذين زاروا المنتزهات في العام الجاري بلغ فقط 100 ألف سائح، فيما كان العدد في العام 2019م يصل لأكثر من 3،7 ملايين سائح، وهذه الأرقام تؤكّـد أن المنتزهات باتت فارغة وأن نُزَلاءها باتوا يقضون أوقاتهم في الملاجئ؛ خوفًا من الاستهداف.
وتأكيدًا على مدى فاعلية عمليات حزب الله في تهجير السياح إلى جانب تهجير الغاصبين، فقد أوضح تقريرُ الصحيفة العبرية أن مناطقَ قُربَ البحر الميت استقبلت في العام 2019 أكثر من 840 ألف زائر، فيما انخفض هذا العدد بنسبة 98 % عندما استقبلت تلك المناطق خلال العام الجاري فقط 20 ألفًا، والنسبة المنخفضة ذاتها بالنسبة لمناطق قيساريا وقمران.
وعلى وقع هذا الشلل الكبير في قطاع السياحة “الإسرائيلية”، فقد أَدَّى هذا الانهيار إلى خلق بطالة كبيرة لعشرات الآلاف من سائقي الحافلات ووسائل النقل السياحي والمرشدين السياحيين، وكذلك العاملين في الفنادق والمنتزهات والمطاعم التي شهدت إغلاق أكثر من 50 مطعمًا، وغيرها من النقاط التي يرتادها السياح؛ وهو الأمر الذي يفاقم مشاكل العدوّ الاقتصادية ويزيد من أزمات الغاصبين المعيشية.
وبعيدًا عن هذه الأرقام، فَــإنَّ استمرار أزمة النقل الجوي التي يعاني منها العدوّ جراء استهداف حزب الله وفصائل الجهاد والمقاومة لمطاراته، وما ترتب على ذلك من عزوف لعشرات الشركات الأمريكية والأُورُوبية عن تسيير الرحلات من وإلى فلسطين المحتلّة، فَــإنَّ أرقام الخسائر في قطاع السياحة ستظل في تصاعد مُستمرّ، فضلًا عن تأثيرات هذه الأزمة على الجوانب الأُخرى كتغطية احتياجات التجار بالتجزئة في ظل الحصار البحري الخانق الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية.
وتأتي خسائر القطاع السياحي الذي يتكبده العدوّ الصهيوني في ظل خسائرَ كبيرة على المستوى الاقتصادي ككل، حَيثُ تعطّلت نِسَبٌ كبيرة من صادراته ووارداته بفعل الحصار اليمني، وأغلقت نحو 60 ألف شركة أبوابها، وهرب أصحابُ رؤوس الأموال وقلَّت الاستثمارات بنِسَبٍ كبيرة جِـدًّا، والعديد من الأرقام التي تظهر اقتصاد العدوّ الصهيوني بأنه بات هَشًّا ولن يستعيد عافيته إلا بعد سنوات طويلة حال توقفت الحرب على غزةَ ولبنانَ، أما الاستمرار في الإجرام فسوف يلغي فرص العدوّ في استعادة عافيته وسُمعته المضروبة.