ندوةٌ ثقافية بكلية التربية بجامعة صنعاء: الجهاد والاستشهاد.. ثقافةُ حياة ومقاوَمة
المسيرة| محمد ناصر:
نظّمت كلية التربية بجامعة صنعاء وملتقى الطالب الجامعي، الثلاثاء، ندوة فكرية بعنوان “ثقافة الجهاد والاستشهاد -ثقافة حياة ومقاومة”.
وتضمنت الندوة التي حضرها عدد من الأكاديميين والإداريين والطلاب والطالبات خمس أوراق عمل ترأسها البروفيسور سعد العلوي -عميد الكلية، الذي أكّـد أن الندوة تأتي في إطار رسالة الكلية التربوية والتوعوية والثقافية وما تمثله ثقافة الجهاد والاستشهاد من دور في صناعة الصمود والنصر.
واستدل العلوي بعبارات للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظُه الله- أن “أُمَّـةً تمتلكُ ثقافةَ الجهاد والشهادة لا تعرفُ الهزيمة”، جاعلًا من هذه الجملة، موجِّهًا رئيسيًّا لأعمالِ وأوراق الندوة.
وفي الورقة الأولى بالندوة بعنوان “الشهداء وموقعُهم في القرآن الكريم والنصوص النبوية الصحيحة” تحدَّث رئيسُ قسم الدراسات الإسلامية بالكلية الدكتور غالب عامر، عن الشهادة ومفهومها القرآني وأشكال الشهادة والمكانة الكبيرة التي يحتلها الشهداء عند الله تعالى، وكيف يصفهم الله من بين المؤمنين بالرجال والصادقين والفرحين وبالأحياء.
وتطرق إلى مفهوم الشهادة وكيفية الاصطفاء والاختيار الإلهي للشهادة، مؤكّـدًا أنه اصطفاء واختيار من الله، مبينًا موقع الشهداء وفضلهم، ومستدلًا ببعض من نصوص الأحاديث النبوية، منها أنه روي عن النبي الأكرم محمد -صلوات الله عليه وعلى آله وسلم- أنه سأل جبريل عن قوله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرض إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ صدق الله العظيم، من الذين لم يشأ الله أن يصعقَهم، فقال: هم شهداء الله.
انتصارُ المشروع القرآني:
في حين تناولت الورقة الثانية لنائب العميد لشؤون الجودة الدكتور بشير مفرح، بعنوان التربية الجهادية وموقعها في المشروع القرآني للسيد الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه-.
ولفتت الورقة إلى التربية الجهادية عند الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وكيف كان لهذه التربية الجهادية الدورُ المحوري في جملة الانتصارات التي حقّقها المشروعُ القرآني بدءًا من الحروب الست الظالمة على صعدة، ومُرورًا بالحروب الفرعية، كمواجهة السلفيين في دمَّاج وعمران وغيرها من الحروب الفرعية، وُصُـولًا للحرب الكونية العالمية على البلد، والتي تكالب فيها أكثرُ من 17 دولة لمحاولة القضاء على المشروع القرآني، ومع ذلك انتصر بفضل الله، وكرمه، وبفضل ثقافة الجهاد والاستشهاد.
وبيَّنت الورقةُ دورَ التربية الجهادية في تكوين الوعي الإيماني والجهادي وصناعة أسباب وعناصر الصمود والانتصار، موضحةً بعضًا من محطات الانتصار التي حقّقتها المسيرة القرآنية المباركة.
ثمار الشهادة سياسيًّا واجتماعيًّا:
أما الورقة الثالثة لرئيس قسم أصول التربية الدكتور طاهر الأهدل، بعنوان “ثقافة الجهاد والاستشهاد كقراءة اجتماعية وسياسية”، فتناولت دلالات ثقافة الجهاد والاستشهاد على المستوى الاجتماعي والسياسي وكيفية تكوين الوعي الجهادي لدى الأُمَّــة.
ولفتت الورقة إلى أن الموقفَ الاجتماعي والشعبي والسياسي والثوري المشرِّف لليمن في مساندة غزة ولبنان لعام كامل، ولا يزالُ مُستمرًّا حتى اللحظة ثمرة من ثمار ثقافة الجهاد والاستشهاد.
واعتبر الأهدل الوعيَ الشعبي اليمني النموذج الأرقى عالميًّا، والذي انعكس إيجابًا في الانتصار لفلسطينَ ولبنانَ التي تخلى عنهما غالبيةُ دول العالم الإسلامي والعربي.
وتوقفت الورقةُ أمام مواقف وأدوار السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في الوقوفِ مع الشعب الفلسطيني وأحداث غزةَ ولبنانَ والمواجهة العسكرية مع العدوّ الصهيوني والأمريكي والبريطاني والتي تمثل تجسيدًا واقعيًّا لمعنى ثقافة الجهاد والشهادة.
وشدّد الأهدل على أن ثقافة الجهاد والاستشهاد جعلت اليمن قوة عصية وعظمى في مواجهة قوى الشر العالمي أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا، مؤكّـدًا أن اليمن استطاع -بفضل الله تعالى- كسر الهيمنة الأمريكية والغربية وجعل سمعتها في الحضيض.
وأكّـدت الورقة أن معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس” لفتت أنظارَ العالم صوب اليمن، الذي انتصر للإنسانية بوقوفه ضد مجرمي العصر أمريكا و”إسرائيل”.
بدوره أكّـد أُستاذ الأدب والنقد بكلية التربية الدكتور عبد الله الخالد، أن الشهادة مقام رفيع وفضل عظيم عند الله تعالى.
وأوضح في ورقته الرابعة بعنوان مقام الشهداء عند الله تعالى، أن الله جعل ثمنَ الشهادة رفيعاً جِـدًّا وهي الجنة برفقة الأنبياء والصديِّقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
وبيّن أن استعدادَ المرء لبذلِ النفس في سبيل الله يعد من أعظم قيم العطاء والبذل والتضحية والفداء والتي قابلها اللهُ تعالى بالنعيم والخلود الأبدي، موضحًا أن الشهادة في سبيل الله تعالى تسهم في حفظ وصَون الدماء والأعراض لدورها الكبير والفاعل في إجبار الظالمين والمعتدين على وقف ظلمهم وعدوانهم.
من جهته أكّـد أُستاذ الاجتماعيات بكلية التربية الدكتور محمد تقي، أن الشهادةَ في سبيل الله لها ثمارٌ كبيرة على المستوى الخاص والعام في الدنيا والآخرة.
وأوضح في ورقته الخامسة بعنوان “تضحيات الشهداء” أن الشهادة أثمرت عزةً ونصرًا، وأن جميع من سلك ثقافة الشهادة في سبيل الله والجهاد وفقَ المنهج القرآني حقّقوا انتصاراتٍ عظيمةً وبطولات أُسطورية أدهشت العالم، مستدلًا بانتصاراتِ حزب الله على العدوّ الصهيوني وهزيمته في حرب تموز، وحَـاليًّا في هذه المعركةِ “أولي البأس”.
واعتبر تقي أن الشهداء هم صناع النصر، مبينًا أن تضحياتهم العظيمة أسهمت في تحقيق الأمن والأمان والخير والسعادة لكافة الشعب اليمني، معتبرًا الإنجازاتِ العسكرية والأمنية والاقتصادية وغيرها من النعم التي تعيشها المحافظات المحرّرة ثمرةً من ثمار الشهادة وتضحيات الشهداء.
وطالبت الورقةُ بالوفاء لدماء الشهداء، والسير على نهجهم والالتزام بالمبادئ العظيمة التي جسَّدها الشهداءُ العظماءُ والعناية والاهتمام بأسرهم، واستذكار الدروس التي سطَّروا عناوينَها في كُـلّ الجبهات، والمنعطفات في مواجهة قوى الكفر والطغيان والإجرام.
وانتهت الندوةُ بتلخيص مكثّـف من قِبَلِ رئيس الندوة الأُستاذ الدكتور سعد العلوي، لأوراق الندوة مع التوصية للوفاء للشهداء العظماء والمضي على دربهم وجعل ثقافة الجهاد والاستشهاد عنوانًا للصمود والمقاومة والنصر بإذن الله.