السيد حسين في ميدان السبعين
عبدالقوي السباعي
مليونيةُ “مباركة للبنان ومع غزة حتى النصر.. والاحتلال إلى زوال”؛ بميدان السبعين وأكثر من 460 ساحة شرف، مضمونُها حمل العديدَ من الرسائل التي قرأها العالم، وما بلغ منتهاها.
مسيراتٌ عكست عمق التزام الشعب اليمني بكل فئاته بالقضايا العربية والإسلامية المصيرية، النابع من الشعور بالوَحدة والتضامن، وسيرُهم بخط وحدة الساحات، ومنهجية وحدة الصف والمصير للأُمَّـة في مواجهة العدوّ المشترك؛ فتجمُّعُهم الجماهيري كُـلّ أسبوع، بهذا الزخم يعكس قوة إرادتهم وتكاتفهم، وظلت معنوياتهم العالية وثقتهم المتزايدة بأنفسهم وبقيادتهم وجيشهم، دافعًا لهم للوقوف بإيمان وصمود وثبات في وجه كُـلّ الأخطار.
موقف اليمن الراسخ والثابت في دعم القضية الفلسطينية والمقاومة اللبنانية، عكسته البيانات النارية والهتافات الجماهيرية الملتهبة، التي جاءت لرفع معنويات الشعبين الشقيقين في لبنان وفلسطين ومقاومته الباسلة، ومباركة صمودها وانتصاراتها في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي، وكنوعٍ من الضغط السياسي على الأطراف العربية المتخاذلة.
ورغم أنها حملت الكثير من الرسائل، غير أن ما لفت انتباهي هو اختيار المنظِّمين لعرضِ كلمة للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، وهذا الاختيار في هذا التوقيت يعكسُ ذكاءً استراتيجيًّا ورمزياتٍ دينية وسياسية قوية؛ تأكيدًا على وَحدة الجماهير والتزامهم بالقضايا المصيرية للأُمَّـة ونضالاتها المُستمرّة.
قلت في نفسي متأملًا، بعد 22 عامًا على استشهاده بالفعل حمل دلالات ورمزية قوية، وعكس أبعادًا عديدة تستحقُّ منا الوقوفَ أمامها؛ إذ تأتي في توقيتٍ استراتيجي يتزامَنُ مع الذكرى السنوية للشهيد 1446هـ، ومع إحيائنا للذكرى الـ 57 لعيد الجلاء؛ ما عَزَّزَ من رمزيةِ الحدث وزاد من قوة الموقف، بتذكير الجماهير بالشجاعة والتضحيات التي قدمها الشهداء، وعظم ارتباطهم بالقضية والمشروع، في وقتٍ تواجه فيه الأُمَّــةُ تحدياتٍ كبيرة؛ ما جعلها رسالة أكثر صلة وأهميّة، وأعطاها بُعدًا روحانيًّا.
ولعل إيمان الشهيد القائد بأن المنهجية القرآنية تحتوي على الحلول والإرشادات اللازمة لمواجهة التحديات والانتصار عليها؛ فجاء تركيزه على كيفية المواجهة من وحي النصوص القرآنية الكريمة، كالتزام منه بترسيخ القيم الدينية والتوجيهات الإلهية، وكأنه يتحدث عن مجريات الأحداث اليوم.
وهي رسالة واضحة للكل بما فيهم الأعداء، بأن موقف المشروع القرآني ومسيرته المباركة حازم وصارم في الاستمرار على طريق الجهاد والمقاومة، وفق توجيهات عملية بوعي وبصيرة، حتى تحقيق الانتصار، في مسار وحدة الهدف والرؤية؛ إحياءً للروح الجهادية النضالية والالتزام بالمبادئ والقيم التي ضحى مِن أجلِها كُـلّ شهداء الأُمَّــة.